ماذا وراء صفقة مقايضة مطار وميناء أرض الصومال لواشنطن؟

25
ماذا من وراء صفقة مقايضة مطار وميناء إقليم أرض الصومال “صوماليالاند” لواشنطن؟
ماذا من وراء صفقة مقايضة مطار وميناء إقليم أرض الصومال “صوماليالاند” لواشنطن؟

الهضيبي يس

أفريقيا برس – أرض الصومال.  لا يزال إقليم أرض الصومال “صوماليالاند” يضع هدف الاعتراف ونيل الاستقلال نصب عينيه من قبل الحكومة “الفيدرالية” والأسرة الدولية. وفي إطار ذلك المسعى قدمت حكومة الإقليم قبل أيام عرضاً على الإدارة الأمريكية تضمن الاستفادة من تشغيل موانئ الإقليم والمجال الجوي مقابل الاعتراف به كـ”دولة” مستقلة. وكان إقليم أرض الصومال “صوماليا لاند” قد أجرى استفتاءً شعبياً في مطلع تسعينيات القرن الماضي، رجح كفة الاستقلال عن الدولة الأم “الصومال”، ولكن للأسف لم يحظَ الاستفتاء بتأييد واعتراف من قبل المجتمع الدولي.

ويتمتع إقليم أرض الصومال بموقع جغرافي، يطل على البحر الأحمر، وخليج عدن وبحلول العام 2016 أبرمت حكومة الإقليم اتفاقاً مع شركة موانئ “دبي” لتشغيل ميناء بربرة بواقع حصة بلغت 65% لمدة ثلاثين عاماً. بينما تظل الإدارة الأمريكية تقدم سنوياً مساعدات للإقليم بواقع يتراوح ما بين 80 – 200 مليون دولار كمساعدات إنسانية، حيث أعلن الرئيس موسى بيهي عبدي” في شهر يناير الماضي حالة الطوارئ عقب اجتياح الجفاف للإقليم ونفوق الآلاف من المواشي وموت مئات المواطنين. وللاستفادة من نسبة 35% ميناء بربرة، والمسار الجوي الذي يربط ما بين مطار مدينة “هرجسا” ودولتي كينيا، وجيبوتي عرضت حكومة إقليم أرض الصومال “صوماليالاند” على الولايات المتحدة تشغيل هذه الموارد ونيل “الاعتراف” الذي تبحث عنه.

“واشنطن” هي الأخرى في سبيل الحد من تمدد مساحات منافسيها بمنطقة القرن الأفريقي والنفوذ “روسيا، الصين، تركيا”، سعت جاهدة خلال الفترة الماضية في تطوير ما يعرف باستراتيجية التوسع تجاه “أفريقيا” بإبرام عدة اتفاقيات تضمنت التمتع بالتكنولوجيا الأمريكية التي أحوج ما تكون لها الدول الفقيرة مثل “جيبوتي، يوغندا، والصومال”.

ويعد مطار مدينة “هرجسا” بإقليم أرض الصومال الأكبر من حيث المساحة مقارنة مع مطار العاصمة الصومالية “مقديشو”، حيث عرض حكومة الإقليم خلال مطلع شهر فبراير الجاري على الإدارة صفقة تشغيل المطار والاستفادة منه. ويمثل كل من مطاري مدينتي”بربرة – وهرجسا” المطلين على المياه الإقليمية لخليج عدن، والبحر الأحمر، من المواقع التي بالإمكان الاستفادة منها لتخفيف حدة التوتر والمخاوف الأمريكية ناحية التمدد الصيني، حيث تمتلك “الصين” قاعدة عسكرية بدولة جيبوتي بحلول العام 2017 عند مضيق باب المندب.

وتظل المخاوف الأمريكية تصب في قيام الصين بلعب دور عسكري بمنطقة القرن الأفريقي، يعمل على تهديد مصالحها، ويساعد كذلك على تنفيذ عمليات تستهدف مواقعها الاستراتيجية من قبل حركة الشباب – جناح القاعدة ببلاد الصومال-، ما يدفع بحاجتها إلى تأمين الممرات المائية لطريق التجارة الدولية، فضلاً عن التأكد من وجود مهددات من شأنها قد تزيد نتيجة تحالف سياسات تجمع بين دول مثل “روسيا، إيران، الصين، تركيا” بمنطقة شرق أفريقيا.

ويقول الكاتب الصحفي محمد علي فزاري في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إنه بتأكيد خطوة مطلب حكومة إقليم أرض الصومال للإدارة الأمريكية باستفادة من مواردها الحيوية والاستراتيجية “الموانئ، والمجال الجوي”، تعود إلى محاولة قيادة الإقليم اللجوء لبعض الأطراف الدولية صاحبة التأثير لانتزاع ما ترنو إليه ونيل اعتراف دولي. ويضيف فزاري؛ أن على إدارة إقليم أرض الصومال “صوماليالاند” توصل لاتفاق مع الحكومة الفيدرالية الصومالية تفضي إلى الاعتراف باستقلال الإقليم وهو ما يعد تحدياً حقيقياً بالنسبة لها. وربما يكون العرض حسب فزاري يهدف إلى الظفر بمكاسب سياسية واقتصادية معاً باعتبار أن حكومة الإقليم بحاجة الى تشغيل مواردها والاستفادة منها، وترسيخ علاقاتها السياسية مع دولة مثل الولايات المتحدة تتمتع بقدرات وإمكانيات كبيرة، بالإمكان إقامة مصالح مشتركة متى ما حُظي بأن يكون دولة.

ويشير الكاتب الصحفي الرشيد محمد إبراهيم في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إلى أن ما طرح من عرض يدل على أن إدارة أرض الصومال “صوماليالاند” تتصرف من باب حكومة دولة تبحث عن تأمين مصالحها السياسية، الاقتصادية والأمنية، بحيث لم تقدم العرض لدول تجمعها علاقات أبعد من واشنطن مثل تركيا والإمارات العربية، وكينيا، إنما اتجهت للولايات المتحدة بسبب العلم التام لحجم التأثير والدور الذي بالإمكان أن تلعبه في مسألة الاعتراف بإقليم كدولة. ويستدل الرشيد هنا بما قامت به حكومة إقليم أرض الصومال “صوماليا لاند” من مساعٍ حثيثة في هذا الاتجاه عندما أبرمت اتفاقاً مع إحدى الشركات الأمريكية وتدعى “جلوبال فال”، وهي شركة علاقات عامة في العام 2018 بهدف إجراء اتصالات مع بعض مراكز القرار والنفوذ الأمريكي بهدف تشكيل رأي عام وسط هذه الدوائر بخصوص قضية “الاعتراف” بالإقليم كدولة. ما يعني أن حكومة الإقليم تعي جيداً أن مدخل “الاعتراف” وتحقيق الهدف يأتي من البوابة الأمريكية وليس غيرها، حتى وإن تطلب ذلك القيام بمناورة سياسية تستدعي الحديث بالتخلي عن بعض مواردها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس