المقاطعة الفنية للاحتلال وداعميه تصطدم بغياب البدائل

10
المقاطعة الفنية للاحتلال وداعميه تصطدم بغياب البدائل
المقاطعة الفنية للاحتلال وداعميه تصطدم بغياب البدائل

أفريقيا برس – أرض الصومال. اختلفت حملات مقاطعة العلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني، هذه المرة، عن جميع الدعوات في الأحداث السابقة، إذ كانت لا تستمر سوى أيام قليلة، من دون نتائج كبيرة. لكن، بعد العدوان على غزة، وانطلاق دعوات مقاطعة المنتجات الأميركية والشركات الداعمة لدولة الاحتلال، جاءت نتائج وأرقام المقاطعة لافتة، مثل خسائر “ستاربكس”، وصور المقاعد الفارغة في المطاعم والمقاهي في عدد من البلدان العربية.

المقاطعة وشعور القوة

شجعت هذه المؤشرات الفورية للمقاطعة الجمهور، ليفكر هذا الأخير في نقل المقاطعة إلى المنتجات الثقافية والفنية، والأشخاص أيضاً. من أبرز نتائج حملات المقاطعة خلال العدوان المستمر على قطاع غزة هو شعور الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي بأهمية دوره وقدرته على التأثير، رغم الإحساس العام السابق بالعجز وقلة الحيلة وتأنيب الضمير. ولكن، بعد توالي بيانات الشركات والأفرع الإقليمية لتلك المطاعم والمقاهي، لنفي العلاقة مع الكيان الصهيوني، أو الاعتذار عن مواقف داعمة سابقة، شعر الجمهور بالفعل بأهمية دعوات المقاطعة واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع قطاعات أخرى من الجمهور إلى الدعوة إلى إضراب عام، أو المقاطعة الجزئية لبعض مواقع التواصل الاجتماعي نفسها.

تواجه دعوات المقاطعة الثقافية والفنية عدة تحديات، تجعل تطبيقها ورؤية نتائجها على أرض الواقع صعبة. على رأس هذه التحديات، غياب الهدف الرئيسي والواضح من المقاطعة، فلا يعرف كثير من المتحمسين من أو ماذا سيقاطع. وعلى العكس من المنتجات الاستهلاكية التي يسهل تحديدها وعدم شرائها، هناك انقسامات حول أحقية بعض الجهات للمقاطعة، مثل حملات مقاطعة “نتفليكس”، وعدم حسم الجمهور لموقفها الحقيقي من دعم الاحتلال، وكذلك حملات مقاطعة منصة شاهد السعودية، بعد الحديث عن تعاقدها مع شركة اتصالات إسرائيلية، إضافة إلى الغضب الشعبي العام من هيئة الترفيه السعودية بسبب استمرار الاحتفالات وتجاهل العدوان على قطاع غزة.

غياب البدائل

التحدي الآخر يتمثّل في غياب البديل لهذه المنصات والشركات، وهو السبب الذي كان من عوامل نجاح حركة المقاطعة، باعتماد الدعوات إليها على تحفيز الجمهور على دعم الشركات المحلية، مقابل الاستغناء عن المنتجات الأجنبية بشكل عام. ولكن، في حال مقاطعة منصات البث الرقمية، فليس هناك منافس حقيقي لمنصة شاهد في إنتاج وعرض الأعمال العربية. ولم تستطع “شاهد” من الأساس التغلب على “نتفليكس” في الشرق الأوسط. ونفس الحال مع منصات التواصل الاجتماعي التي يعني مقاطعتها الانعزال التام عن العالم الخارجي، ومن الصعب تنفيذ المقاطعة لغياب البديل.

وهناك تحد آخر يتمثل في عدم وضوح أرقام المشتركين وتأثير دعوات المقاطعة في نسب الاشتراكات، ما يضعف من عزيمة أصحاب هذه الدعوات.

اتخذت دعوات المقاطعة أشكالاً أخرى مع تصاعد الأحداث في الأيام الأخيرة. وبدلاً من مقاطعة الكيانات الأجنبية، تركز الاهتمام على مقاطعة العديد من الشخصيات العامة العربية لأسباب مختلفة، مثل دعوات المقاطعة التي تعرّض لها في البداية محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول الإنكليزي، وخسر وقتها أكثر من 100 ألف متابع على مواقع التواصل، قبل أن يعودوا مرة أخرى بعد فيديو يطالب فيه بـ”وقف الحرب”.

وتكرّر بعدها نفس الموقف مع الممثل المصري بيومي فؤاد، الذي أصبح أكبر ضحايا حملات المقاطعة. تسببت الكلمة المصورة التي ألقاها بيومي فؤاد في نهاية عرض مسرحيته في موسم الرياض، والتي دافع بها عن استمرارهم في العرض مهاجماً زميله محمد سلام، الذي قرر الانسحاب حداداً على ضحايا الحرب، في هجوم كاسح على فؤاد وموقفه السلبي تجاه زميله. وتحولت إلى حملة مقاطعة هي الأكبر تجاه فنان في الوقت الحالي، للدرجة التي جعلت فؤاد يخسر بالفعل آلاف المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه أغلق صفحته الرسمية على “فيسبوك”، وتوقف نشاطه على “إنستغرام”، ولكن ذلك ليس نهاية المطاف. أصبح وجود بيومي فؤاد في الأعمال المصرية مهدداً في الفترة المقبلة، خاصة بسبب ابتعاد المنتجين عن الدعاية باسمه في الأعمال المشارك بها، كما تأجل عرض فيلمه الأخير، “سنة أولى خطف” لفترة قبل عرضه من دون دعاية.

وتضامن مع حملات المقاطعة بعض زملاء بيومي فؤاد أيضاً، ومنهم المخرجة كاملة أبو ذكري التي شجعت على عدم العمل معه. ويتردد في الأوساط الفنية أن بيومي فؤاد أصبح في عزلة داخل مواقع التصوير، وأنه يتعرض أحياناً للهجوم من بعض الجمهور أثناء تصوير المشاهد الخارجية، ويواجه صعوبة في استخراج تصاريح التصوير في الشارع بسبب الغضب المتزايد ضده.

يواجه بيومي فؤاد مصيراً مجهولاً في مصر في حال تصاعد الغضب ضده، رغم حصوله على دعم سعودي كبير، ولكن التجارب السابقة في المقاطعة الفنية قد تجعل هذه الظاهرة مؤقتة بالنسبة له ولغيره، بعد فشل العديد من محاولات مقاطعة الفنانين في السنوات الأخيرة، مثل حملة مقاطعة الممثل المصري محمد رمضان، بعد التقاطه صوراً مع إسرائيليين في الإمارات العربية المتحدة. امتدت هذه الحملة وقتها إلى إيقاف العمل في مسلسله والتحقيق معه في نقابة الممثلين. ولكن بعد فترة استطاع العودة والعمل بشكل طبيعي، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً. فهل نرى أشكالاً أخرى من المقاطعة مع تصاعد العدوان على قطاع غزة؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس