“جماليات المكان” لـ غاستون باشلار

8
"جماليات المكان" لـ غاستون باشلار

أفريقيا برس – أرض الصومال. قبل نحو أربعين عاماً، نقل الروائي الأردني غالب هلسا (1932 – 1989) كتاب “جماليات المكان” للمفكر والشاعر الفرنسي غاستون باشلار (1884 – 1962) إلى العربية، لتتالى طبعاته منذ ذلك الوقت ويحقق رواجاً كبيراً، ويصبح أحد المراجع الأساسية في المدونة النقدية العربية.

ضمن سلسلة “فلسفة ومعارف عامة”، أصدرت وزارة الثقافة الأردنية طبعة جديدة من الكتاب الذي نشرته عام 2020 وجرى توزيعه بأسعار رمزية في إطار مشروع “مكتبة الأسرة”، كما تتوفر نسخة رقمية من الكتاب على منصة “الكتبا” التي أطلقتها الوزارة مؤخراً.

يبيّن هلسا، في تقديمه الكتاب، أنه “قيل في تقييم هذا الكتاب أنه أحدث ثورة كوبرنيكية في علم الجمال”، مضيفاً: “ما كنت أفهمه من مصطلح المكانية قبل أن أقرأ هذا الكتاب الذي أقدّمه للقارئ ما كنت أعنيه بهذا المصطلح هو المكان الأليف. ولكنني كنت أتصوّر تلك الألفة على أنها ملامح المدينة المألوفة، والتي نعرف تاريخها وحاضرها جيداً، مثل الشارع التي ندمن الجلوس في مقاهيه، والأزقة الشعبية، البيت ذي الخصوصية الهندسية والزخرفية إلخ..”.

ويتابع: “عندما قرأت هذا الكتاب تبيّن أن المكانية تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي أكثر تحديداً. إنها تتصل بجوهر العمل الفني، وأعني به الصورة الفنية. وإذا عدنا لمصطلحي العالمية والكوزموبوليتانية فسوف نرى أن الأدب العالمي هو الذي يتم التعبير عنه بالصورة، بينما يعبّر عن الأدب الكوزموبوليتاني بالزخرفة: الاستعارة والكناية والمجاز وغيرها. وأن الأول ينقل تجربة، في حين أن الثاني يعبر عن فكرة”.

ويشير هلسا إلى أن الكتاب يجيب عن سؤال: ما هو المكان في الصورة الفنية؟ بالقول إن المكان هو المكان الأليف وذلك هو البيت الذي ولدنا فيه، أي بيت الطفولة. إنه المكان الذي مارسنا فيه أحلام اليقظة، وتشكل فيه خيالنا. فالمكانية في الأدب هي الصورة الفنية التي تذكرنا أو تعبث فينا ذكريات بيت الطفولة. ومكانية الأدب العظيم تدور حول هذا المحور.

ويكتب باشلار في مقدمته: “الصورة الشعرية هي بروز متوثب ومفاجئ على سطح النفس، لم تدرس بشكل واف الأسباب النفسية لهذا البروز المفاجئ، فإننا لا نستطيع إقامة مبادئ عامة ومتربطة كأساس فلسفة الشعر. إن وضع مبدأ أو “أساس” في هذه الحالة سوف يكون أمراً مدمراً، لأنه سوف يتداخل مع الحدث النفسي الجوهري مع الجوهرية للقصيدة، في حين أن التأمل النفسي عندما يطبق على التفكير العلمي الذي تمت صياغته خلال فترة طويلة من الزمن، يتطلب إدماج كل فكرة جديدة في مجموعة من الأفكار التي ثبتت صحتها بالتجربة”.

ويضيف بأن “قدرة الصورة الشعرية على التواصل مع المتلقي هي واقعة ذات دلالة أنطولوجية كبيرة، لافتاً إلى أن الصورة الشعرية تثيرنا، ولكنها ليست ظاهرة إثارة. خلال البحث السيكولوجي نستطيع أن نتذكر وسائل تحليل نفسية تحدد شخصية الشاعر، فنجد مجموعة من الضغوط التي خضع لها الشاعر خلال حياته. وهذا يعني دراسة ظاهرية الصورة الشعرية حين تنتقل إلى الوعي كنتاج مباشر للقلب والروح والوجود الإنساني، وهي مدركة في حقيقة هذا الوجود”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس