صندوق النقد الدولي يطرح رؤيته لتسريع النمو وتقليص البطالة في المنطقة

7
صندوق النقد الدولي يطرح رؤيته لتسريع النمو وتقليص البطالة في المنطقة
صندوق النقد الدولي يطرح رؤيته لتسريع النمو وتقليص البطالة في المنطقة

مصطفى قماس

أفريقيا برس – أرض الصومال. أكد جهاد أزعور وتالين كورنشيليان، المسؤولان في صندوق النقد الدولي، عند تناولهما الإصلاحات التي يفترض أن تطلقهما بلدان المنطقة العربية من أجل تسريع النمو وتوفير الوظائف، على أن لا شيء يُفرض من الخارج، يمكن أن ينجح إذا لم يجد تأييدا داخليا.

وأضاف أزعور وكورانشيليان، اللذان يشغلان على التوالي منصبي مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، ونائبة مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، في مقال مشترك لهما في عدد سبتمبر/أيلول من مجلة “المالية والتنمية” التي تصدر عن الصندوق، أنه آن الأوان لكي تعيد بلدان المنطقة التفكير في محركات النمو الاقتصادي، في عالم يتطور بسرعة ويمنح فرصا غير مسبوقة، بهدف تحقيق نمو إدماجي وتوفير فرص عمل والاستجابة لتطلعات ستمائة مليون من الساكنة.

نمو ضعيف وبطالة مرتفعة

ولاحظ المسؤولان أن المنطقة العربية عرفت في العقدين الأخيرين تحولات مهمة، من بينها الربيع العربي، غير أنها لم تشهد تغييرات تتجه نحو المستقبل، حيث تسجل نموا ضعيفا ومشاركة ضعيفة للنساء في سوق العمل وبطالة مرتفعة للشباب، كما أن بلدانا تواجه ضغوطا مرتبطة بالمديونية والتضخم المرتفع والديمغرافيا والرساميل الذاتية.

غير أنهما يتصوران أن من بين التحديات التي تواجهها تلك البلدان، ما له صلة بالفرص الجديدة التي يمكن أن تفضي إلى نمو إدماجي وتوفير فرص عمل مستدامة في سياق الجائحة والتغيرات المناخية والثورة الرقمية.

ويشيران إلى أن الفرص الجديدة مرتفعة بإدماج الرقمنة والاستثمارات الخضراء والأسواق الاقتصادية الجديدة والانتقال الطاقي والطبيعة المتغيرة للعمل، وأن بلدانا مثل مصر وموريتانيا والمغرب والإمارات تتجه نحو الطاقة الخضراء، مؤكدين على أنه يمكن للمنطقة الاستفادة من الإمكانيات التي توفرها التجارة البينية.

تغيير نموذج النمو وفرص العمل

ويعتبر المسؤولان أنه من الصعب الحفاظ على الوضعية الحالية للنشاط الاقتصادي الذي تهيمن عليه الدولة، خاصة في الدول المثقلة بالمديونية والمواجهة لتكاليف تمويل مرتفعة.

وأشارا إلى أن هذه البلدان التي تواجه مستويات مرتفعة لبطالة الشباب والفوارق بين الجنسين، سيصعب عليها استيعاب أكثر من 100 مليون شخص سيلجون سوق العمل خلال الأعوام العشرة المقبلة، إذا لم تغير نموذج النمو.

ويذهبان إلى أن تبني سياسة تعاكس التغيير سيهدد بشكل كبير التناغم الاجتماعي الهش، ناهيك عن التوترات الناجمة عن الاحتباس الحراري المتسارع والتطور الكبير للاقتصاد العالمي.

ويؤكدان أن الصفقة الجديدة “New Deal” للمنطقة العربية تتمثل في بلوغ أهداف معروفة وطويلة الأمد، والتي تتمثل في فرص العمل، وتوفير تعليم أفضل، وتحقيق الكرامة، وتحسين الحوكمة، وتوزيع أوسع وأكثر عدالة للفرص والموارد الاقتصادية.

ويتساءلان عن الكيفية التي يمكن بها لدول المنطقة العربية تحقيق التحول، والحد من نقاط الضعف، وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية، والطريقة التي يمكن بها قيادة التغيير مع تعزيز التعاون العالمي بشكل أكبر.

استقرار الاقتصاد الكلي

عند مقاربتهما هذه التساؤلات، يشددان على أن التركيز على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي هو البداية، حيث يلاحظان أن العديد من الحكومات قامت بزيادة الإنفاق وتوفير الدعم الاجتماعي لمواجهة الجائحة.

وسجلا أن ذلك استدعى في حالات كثيرة اللجوء إلى الاقتراض، ما يعني أن ارتفاع تكاليف خدمة الدين يترك مجالا أقل للمناورة المالية مع استمرار الحكومات في مواجهة المخاطر الناجمة عن الصدمات المستقبلية، والالتزامات الطارئة، وتفاقم الضغوط المناخية.

ويعتقدان أنه في الوقت الذي تتصدى الحكومات لتسديد الديون، يتوجب عليها تعبئة الإيرادات وإلغاء الإعفاءات غير الفعالية وتحسين العدالة الجبائية والحد من الإعانات غير المستهدفة والتحكم في كتلة الأجور في القطاع العام.

ويؤكدان أنه يتوجب على البنوك المركزية، التي تدير السياسة النقدية، الاستمرار في التركيز على استقرار الأسعار مع الحفاظ على الاستقرار المالي، حيث يتوجب أن يراعي تعديل السياسات البيانات الجديدة والتطورات في الظروف العالمية.

محاربة الفساد لتسريع النمو

غير أنهما ينبهان إلى أن تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي سيستدعي إصلاحات هيكلية، حيث يريان أن إعانات الدعم التي يستفيد منها الجميع تنطوي على هدر كبير، حيث تؤول للأغنياء أكثر وتحد من الاستثمار في برامج أفضل، ما يقتضي استبدال دعم الأسعار المعمم بالدعم المستهدف الذي يذهب إلى من يستحقونه من الفئات الأكثر ضعفا.

ويتصوران أن إتاحة دور أكثر شمولا للقطاع الخاص ستمثل عاملا رئيسيا لتوفير فرص العمل، مشددين على أن دور الدولة في تحسين أداء المؤسسات وتصحيح اختلالات السوق وتطوير مهارات الناس بهدف العمل في القطاع الخاص وتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل.

ويعتبران أن الحضور القوي للقطاع العام في الأنشطة التجارية ودوره في توفير فرص العمل يفضي إلى التأثير على الإنتاجية، مؤكدين أن الحوكمة الاقتصادية ومكافحة الفساد تمثلان عاملا رئيسيا في تسريع النمو الاقتصادي، مشددين على أن المشاركة السياسية والاقتصادية تضمن المساءلة في استخدام الموارد وتقديم الخدمات. فهما يعتقدان أن على الحكومات أن تبرر قراراتها ونتائجها وتحاسب على ذلك.

ويشدد المسؤولان على أن تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ يعد أولوية، حيث يلحان على ضرورة تبني سياسات استباقية في ظل الحاجة للمياه والغذاء في المنطقة، التي سيؤدي فيها تغير المناخ إلى تفاقم مستويات الجوع، بل إن ذلك قد يؤدي إلى زيادة الاضطرابات الاقتصادية والنزوح والصراع.

بعث الشراكات الإقليمية

ويؤكدان أن التحول الهيكلي لا يكون خطيا، حيث يشددا على التدرج، في ظل احتمال سيادة الاعتقاد بأن الإصلاحات تفيد قلة من أصحاب الامتيازات، ما يدفعها إلى التشديد على ضرورة البدء بالإصلاحات التي تتيح مكاسب واسعة النطاق، بما يفضي إلى إزالة الشكوك، مع تبني خطط مرنة للتكيف مع الظروف المتغيرة.

ويلحان على أن استقرار الإطار الماكرواقتصادي ليس كافيا، حيث إن تحقيق ذلك الهدف في غياب الوظائف والرخاء المشترك لن يكون مفيدا على المدى البعيد، إذ لا يسمح سوى بإجراء التحويلات البنيوية وضمان صمود ومرونة الدولة.

ويوصيان بإعادة بعث الشراكات الإقليمية في المنطقة، على اعتبار أن ضعف التكامل التجاري يضر بالبلدان منخفضة الدخل في منطقة شديدة الهشاشة.

كما أن انخفاض تدفق رأس المال والاستثمار الأجنبي المباشر يقيد تمويل هذه البلدان ونشر التكنولوجيا وآفاق النمو، ما يستدعي تعزيز الروابط التجارية والاستثمار في المنطقة، مع تنويع اقتصادات دولها وتطوير قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي الإقليمي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس