3 سيناريوات للحرب على غزّة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي

5
3 سيناريوات للحرب على غزّة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي
3 سيناريوات للحرب على غزّة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي

أفريقيا برس – أرض الصومال. تزايدت مخاوف التضخم، ومن ثم ركود الاقتصاد العالمي، مع استمرار الحرب بين قوات الاحتلال الإسرائيلي من جهة والمقاومة الفلسطينية في غزة من جهة أخرى، خاصة مع تزايد احتمالات استمرارها وتمددها بدخول أطراف أخرى.

وتشير وكالة “بلومبيرغ” في تقرير حول توقعات الاقتصاد العالمي في ضوء الحرب الحالية، إلى 3 سيناريوهات متوقعة، مضيفة أن الصراع في الشرق الأوسط يمكن أن يرسل ارتدادات عبر العالم، لأن المنطقة مورد حيوي للطاقة وممرّ شحن رئيسي.

وتعد حرب عام 1973، والتي أدت إلى حظر النفط وسنوات من الركود التضخمي في الاقتصادات الصناعية، أوضح مثال على ذلك. وكان لصراعات أخرى تأثير محدود أكثر، حتى عندما كانت الخسائر البشرية مرتفعة. يأتي ذلك في ظل حالة الضعف التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً، فلا يزال يتعافى من نوبة التضخم التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.

ومن الممكن أن تؤدي حرب أخرى في منطقة منتجة للطاقة إلى إشعال التضخم من جديد، وقد تمتد العواقب الأوسع نطاقاً من تجدد الاضطرابات في العالم العربي، إلى الانتخابات الرئاسية في العام المقبل في الولايات المتحدة، حيث تشكل أسعار البنزين أهمية بالغة في تعزيز معنويات الناخبين.

كل هذه التأثيرات المحتملة تعتمد على كيفية تطور الحرب خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة.

سيناريوهات تطور الحرب

وطرحت “بلومبيرغ” 3 سيناريوهات للحرب الدائرة حالياً، حيث سيترتب على كل سيناريو منها تداعيات اقتصادية سلبية، مشيرة إلى أنه في كل هذه الحالات، كان الاتجاه هو نفسه، ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو، ولكن الحجم مختلف، وكلما اتسع نطاق الصراع، أصبح تأثيره عالمياً وليس إقليمياً.

ففي السيناريو الأول، والذي يقتصر فيه رقعة الصراع على قطاع غزة، فإن المتوقع تأثير ضعيف على أسعار النفط والاقتصاد العالمي. ويتوقع في ظل هذا السيناريو أن تعيد الولايات المتحدة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيراني، بعدما زادت طهران إنتاجها النفطي بما يصل إلى 700 ألف برميل يومياً هذا العام.

وأدى تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران، والسماح بالوصول إلى أصول إيرانية مجمدة بنحو 6 مليارات دولار إلى ذوبان الجليد في العلاقات مع الولايات المتحدة خلال عام 2023. وإذا اختفت تلك البراميل تحت الضغط الأميركي، تقدر “بلومبيرغ إيكونوميكس” زيادة تتراوح بين 3 إلى 4 دولارات في أسعار النفط.

وسيكون التأثير على الاقتصاد العالمي في ظل هذا السيناريو ضئيلاً، إذا قامت السعودية والإمارات بتعويض البراميل الإيرانية المفقودة باستخدام طاقتهما الاحتياطية.

وفي مقابلة خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في المغرب، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنها لا ترى علامات على “تأثيرات اقتصادية كبيرة” في هذه المرحلة، مؤكدة أنه “من المهم للغاية ألا ينتشر الصراع”.

أما في السيناريو الثاني، وهو الحرب بالوكالة، بدخول حزب الله اللبناني حلبة الصراع أو امتداده إلى سورية، فسيتحول الصراع فعلياً إلى حرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل، وسوف ترتفع التكلفة الاقتصادية. ومن شأن التصعيد على هذه الخطوط أن يزيد من احتمال نشوب صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، ما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط.

وفي الحرب القصيرة ولكن الدموية بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، قفز سعر النفط الخام بمقدار 5 دولارات للبرميل، علاوة على الصدمة الناجمة عن هذا السيناريو، فإن أي تحرك مماثل اليوم من شأنه أن يرفع السعر بنسبة 10% إلى حوالي 94 دولاراً.

ربيع عربي جديد متوقع

ووفقاً للوكالة، فإن التوترات يمكن أن تتصاعد أيضاً في المنطقة الأوسع، حيث إن مصر ولبنان وتونس غارقة في الركود الاقتصادي والسياسي. وقد أثار رد إسرائيل على هجوم حماس بالفعل احتجاجات في عدد من دول المنطقة.

وفي الشارع العربي، فإن المسافة بين المسيرات المناهضة لإسرائيل والاضطرابات المناهضة للحكومة قصيرة. وأشارت “بلومبيرغ” إلى أن “تكرار الربيع العربي ليس بالأمر المستبعد”، في هذا السيناريو.

ويأتي التأثير الاقتصادي العالمي في هذا السيناريو من صدمتين: قفزة في أسعار النفط بنسبة 10%، وتحرك الأسواق المالية للعزوف عن المخاطرة، تماشياً مع ما حدث خلال الربيع العربي.

نحن نلتقط الحركة الأخيرة بزيادة ثماني نقاط في مؤشر “VIX”، وهو مقياس يستخدم على نطاق واسع للنفور من المخاطرة، فهي تتوقع أن يخسر نمو الاقتصاد العالمي نحو 0.3% وهو ما يعادل خسارة 300 مليار دولار من الناتج المفقود، وهو ما من شأنه أن يبطئ وتيرة النمو إلى 2.4%.

وباستثناء أزمة كوفيد 2020 والركود العالمي في عام 2009، سيكون هذا أضعف نمو منذ ثلاثة عقود. كما أن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يضيف نحو 0.2 نقطة مئوية إلى التضخم العالمي، مما يبقيه بالقرب من 6%، ويواصل الضغط على محافظي البنوك المركزية لإبقاء السياسة النقدية متشددة حتى في ظل النمو المخيب للآمال.

أما السيناريو الثالث، والأخطر فهو الحرب بين إيران وإسرائيل، ورغم أنه سيناريو منخفض الاحتمال، فإن تداعياته خطيرة على الاقتصاد العالمي ويمكن أن تكون سبباً لركود عالمي.

ومن شأن ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الأصول الخطرة أن يوجها ضربة قوية للنمو، وأن يدفعا التضخم إلى الارتفاع.

يقول حسن الحسن، زميل باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “لا أحد في المنطقة، ولا حتى إيران، يريد أن يرى الصراع بين حماس وإسرائيل يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة”. هذا لا يعني أن ذلك لن يحدث، خاصة مع ارتفاع المشاعر. يقول الحسن: “إن احتمال سوء التقدير كبير”.

وقال الحسن إنه في حالة المواجهة بين إسرائيل وإيران، “من المرجح أن تسعى طهران إلى تفعيل شبكتها الكاملة من الوكلاء والشركاء في سورية والعراق واليمن والبحرين”.

وأضاف أنه “سيكون لديها قائمة طويلة من الأهداف الغربية الصعبة والسهلة في المنطقة للاختيار من بينها”.

وفي هذا السيناريو، فإن تزايد التوترات بين القوى العظمى من شأنه أن يزيد من المزيج المتقلب. والولايات المتحدة حليف وثيق لإسرائيل، في حين تعمل الصين وروسيا على تعميق العلاقات مع إيران.

يقول المسؤولون الغربيون إنهم يشعرون بالقلق من أن الصين وروسيا سوف تستغلان الصراع لتحويل الانتباه والموارد العسكرية عن أجزاء أخرى من العالم.

ومع وصول حوالي خمس إمدادات النفط العالمية من منطقة الخليج، فإن الأسعار سترتفع بشكل كبير.

وأشارت الوكالة إلى أنه في هذا السيناريو “ليس مستبعداً تكرار الهجوم على منشآت أرامكو من قبل المسلحين الموالين لإيران في عام 2019، والذي أدى إلى انقطاع ما يقرب من نصف إمدادات النفط السعودية”.

وقد لا يتضاعف سعر النفط الخام أربع مرات، كما حدث في عام 1973 عندما فرضت الدول العربية حظراً على النفط رداً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب ذلك العام.

ولكن إذا أطلقت إسرائيل وإيران الصواريخ على بعضهما البعض، فقد ترتفع أسعار النفط بما يتماشى مع ما حدث بعد غزو العراق للكويت عام 1990.

في هذا السيناريو، تشير تقديرات “بلومبيرغ إيكونوميكس” إلى أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 150 دولاراً للبرميل، وينخفض النمو العالمي إلى 1.7%، وهو الركود الذي يقتطع حوالي تريليون دولار من الناتج العالمي. وأضافت أنه “قد لا تنقذ الطاقة الإنتاجية الفائضة في السعودية والإمارات الموقف إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية اليومية”.

وسيكون هناك أيضاً تحول أكثر تطرفاً في العزوف عن المخاطرة بالأسواق المالية، ربما يمكن مقارنته بارتفاع 16 نقطة في مؤشر “VIX” في عام 1990.

ارتفاع التضخم

ومع صعود النفط إلى 150 دولاراً، وفقاً للسيناريو الثالث، فإن نموذج “بلومبيرغ إيكونوميكس” يتوقع انخفاضاً بمقدار 1% في النمو العالمي إلى 1.7% في عام 2024.

ومع استبعاد صدمات كوفيد والأزمة المالية العالمية، سيكون هذا أيضاً أسوأ نمو منذ عام 1982، وهي الفترة التي رفع فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لاحتواء التضخم الناتج عن الصدمة النفطية في السبعينيات.

كما أن صدمة نفطية بهذا الحجم من شأنها أن تعرقل الجهود العالمية لكبح جماح الأسعار، مما يترك معدل التضخم العالمي عند 6.7% في العام المقبل.

وفي الولايات المتحدة، سيظل هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2% بعيد المنال، وسوف يشكل البنزين الباهظ الثمن عقبة أمام حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن.

ورغم أن ميزان الاحتمالات لا يزال يميل نحو احتواء الصراع، مع تكلفة باهظة في المعاناة الإنسانية ولكن تأثيره الاقتصادي والسوقي محدود، فإن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الآمال في شرق أوسط أكثر استقراراً أصبحت في حالة يرثى لها. ويُظهِر غزو روسيا أوكرانيا، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتوترات المتزايدة بشأن تايوان والحرب في الشرق الأوسط، أن الجغرافيا السياسية عادت محركاً للنتائج الاقتصادية والسوقية ولم تختف أبداً.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس