أرض الصومال وجدل قانوني حول التنقيب عن النفط

38
أرض الصومال وجدل قانوني حول التنقيب عن النفط
أرض الصومال وجدل قانوني حول التنقيب عن النفط

أفريقيا برس – أرض الصومال. تحاول أرض الصومال جذب الاستثمار الأجنبي لاستغلال مواردها الطبيعية من النفط والمعادن، لكبح جماح الفقر الذي يطول سكانها البالغ تعدادهم 3 ملايين نسمة.

غير أن البعض يرى أنه في غير أوانه، وقد يؤجج مستقبلا اقتتالا بين العشائر نتيجة غياب سياسات وقانون تنظم مشاريع الاستثمار، في منطقة تهيمن عليها قبائل معينة وتهمش أخرى، وفق مراقبين.

لكن ثمة محللين يرون أن استثمارات النفط في أرض الصومال يلفه جدل قانوني، كونه غير مصرح لمنح امتيازات التنقيب عن النفط للشركات الأجنبية، وهو ما قد يضع حدا لرغبة الشركات الطامحة لاستثمار في تلك المناطق بملايين الدولارات.

حذرت وزارة البترول والمعادن الصومالية، شركة “جينيل إنرجي” إحدى الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب والاستخراج، من الشروع في التنقيب عن النفط في أرض الصومال، مهددة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية وحدة اراضيها وخيراتها الطبيعية.

جاء ذلك في وقت أعلنت شركة “جينيل انرجي” منتصف ديسمبر/ كانون الاول الماضي، اكتمال عمليات المسح الجيوتقني في أرض الصومال، وأنها ستبدأ التخطيط لأعمال الهندسة المدنية الرئيسية في 2023.

تتصرف أرض الصومال التي لا تتمتع باعتراف رسمي منذ إعلانها الانفصال عن الصومال عام 1991، ككيان مستقل عن الصومال إداريا وسياسيا وأمنيا.

لكنها تواجه تحديا كبيرا عندما يتعلق الأمر بالاتفاقيات التي تأتي في إطار مشاريع عملاقة مثل البترول والمعادن وتصطدم قرارتها بمعارضة قوية من مقديشو.

وقال وزير البترول والمعادن في أرض الصومال عبد الله فارح عبدي، ردا على اعتراض الحكومة الصومالية لعمليات التنقيب في الولاية، إن عمليات التنقيب والمسح الجيولوجي استمرت 12 عاما وستستمر، ومقديشو لا دخل لها بما يحدث في أرض الصومال.

وأضاف الوزير، أن أرض الصومال ماضية في تحقيق حلمها واستخراج النفط من أراضيها بما يسهم في الرخاء والتقدم المطلوب لأراضيها.

ومنحت أرض الصومال رخصة الكشف والتنقيب لنحو 7 شركات أجنبية منها أوفيرا إنرجي، وجاكا ريسورسيز، ودي إن أو النرويجية/ الإماراتية، وغاز رأس الخيمة الإماراتية، وإنسان ويكفس اليمنية، إلى جانب شركة جينيل إنرجي البريطانية وسي بي سي التايوانية.

تصطدم محاولات أرض الصومال جذب شركات أجنبية لاستخراج النفط، بقوانين البترول للبلاد، ما يجعل جهودها غير مجدية ما لم تتفاوض مع مقديشو المعنية بإدارة ووضع قانونين تخص شأن التنقيب عن البترول في البلاد.

يقول وزير البترول والمعادن الصومالي السابق عبد الرشيد أحمد محمد في حديث مع الأناضول، إنه نظرا للقانون الدولي فإن أرض الصومال إحدى الولايات الصومالية، وهي جزء من أراضي البلاد.

وانطلاقا من هذا القانون، “لا يمكن للشركات الأجنبية أن تستثمر بأموال ضخمة وتوقع اتفاقية مع ولاية صومالية من دون موافقة على الحكومة المركزية”، وفق عبد الرشيد أحمد محمد.

وأضاف الوزير السابق أن الصومال لديه قانون البترول يوضح الاتفاقيات والأطراف المعنية التي لديها صلاحيات للدخول في اتفاقيات بهذا الحجم مع الشركات الأجنبية لاستغلال الموارد الطبيعية.

وأوضح أن هيئة البترول الصومالية هي التي تتحكم قوانين البترول، وتمنح الامتيازات للشركات الأجنبية، كما تشرف على اتفاقيات التنقيب بما يعود النفع للبلاد والمستثمرين.

وأقرَّ البرلمان الصومالي في مايو/ أيار 2019 قانون البترول للبلاد، والذي يعد قانونا مهما للجهود الرامية لاستغلال الموارد الطبيعية في البلاد بما فيها النفط.

بموجب هذا القانون الذي وقعه الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو في أغسطس/ آب الماضي، تم إلغاء الاتفاقيات المبرمة بين الصومال والشركات النفطية ما بعد عام 1991، أي بعد سقوط الحكومة المركزية، ما يجعل الاتفاقيات بين الولايات الفيدرالية المحلية والشركات النفطية ملغاة وغير قانونية.

وبحسب المحللين، فإن اعتراض مقديشو على اتفاقية التنقيب بين أرض الصومال و”جينيل إنرجي” قد يشكل عقبة للشركات الأجنبية التي تنوي الاستثمار في المناطق الشمالية في البلاد.

وقال محمد عبد الرحمن أستاذ الجيولوجيا وخبير في قانون البترول الصومالي، إن حكومة مقديشو من حقها أن ترفع شكوى ضد الشركات التي تصر على مواصلة التنقيب في المناطق الشمالية أي أرض الصومال، في حال عدم توقفهم عن تلك العمليات غير المشروعة.

وأوضح محمد، للأناضول، أن شركات التنقيب ربما لا توقف عملها فورا نتيجة الامتيازات المحفزة لديها، لكنها ستضطر في نهاية الأمر إلى إنهاء العقود المبرمة مع أرض الصومال، أو وقف تلك الأعمال مؤقتا.

كما توقع الخبير، استئناف أعمال التنقيب في مناطق أرض الصومال، في حال فتح المفاوضات بين الولاية وحكومة مقديشو وفق معايير وقانون البترول الصومالي.

وقدرت شركة جنيل إنرجي كمية النفط المحتملة في المناطق التي جرى الكشف عنها حتى الآن في مناطق ولاية أرض الصومال المحلية بأكثر من 5 مليارات برميل.

كما قدرت الشركة تكلفة حفر بئر في الكتلة الواحدة بمبلغ إجمالي قدره 40 مليون دولار.

الطموح في أعمال التنقيب واستخراج النفط من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية لأرض الصومال، وفي الصومال عامة، تقابله مخاوف وتحديات لتتحول هذه الموارد إلى مشكلة كبيرة تثير مزيد من التحديات الاجتماعية في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.

يقول محمود عبدي مدير مركز هرجيسا للبحوث والدراسات في حديث مع الأناضول، إن ثمة مخاوف تواجه مشروع التنقيب واستخراج النفط في أرض الصومال.

وبرغم أن أرض الصومال تتمتع باستقرار سياسي وأمني مقارنة بباقي مناطق الصومال، “إلا أن المخاوف من وجود الفساد الإداري حاضر في الواقع، ما يزيد من اندلاع احتجاجات من قبل سكان مناطق التنقيب في منطقة ضعيفة اقتصاديا”.

وحول المخاوف الأمنية، أشار محمود عبدي إلى أن المناطق التي شهدت أعمال الاستكشاف والتنقيب، تعد بؤر صراع بدءأ من وادي نغال الذي له امتداد لمحافظة “سول” التي لها خصوصية جغرافية وديمغرافية تجعلها منطقة ذات وضع خاص.

تلك المنطقة، ينتمي سكانها إلى عشائر “هرتي” ذات الثقل السياسي الكبير في ولاية بونتلاند المحلية، في حين تراها أرض الصومال ضمن حدودها المحمية البريطانية والمعتبر لحدودها الجغرافي.

وتابع أن كل تلك العوامل والمستجدات، قد تعرقل المشاريع التنموية الكبيرة التي تتطلب استثمارات معتبرة، كما يؤخر أية نوايا بتفعيل عمليات الاستكشاف والتنقيب للوقود الأحفوري إلى حين استقرار هذه المنطقة.

أما فيما يخص التحديات التي تحول دون استخراج النفط في الوقت الراهن، سواء في أرض الصومال أو الصومال كله، قال الوزير السابق أحمد محمود، إن النفط قد يحقق التقدم ويجذب الاستثمار في البلاد، بيد أن استخراجه في الوقت الراهن من شأنه أن يفجر الأوضاع.

ويقول محمود عبدي، إن عدم حصول أرض الصومال على اعتراف رسمي حتى الآن، رغم إعلانها الانفصال عن الصومال عام 1991، يجعلها على المدى المنظور خاضعة لهيمنة قرارات مقديشو في ما يخص الاتفاقات الدولية.

وتوقع أن يكون ملف التنقيب حاضرا في مجريات المحادثات المقبلة مع مقديشو، بينما تضع أرض الصومال الاعتراف والتصرف بثرواتها الطبيعية شرطا لبدء المفاوضات.

بينما ترى مقديشو أن أرض الصومال جزء من سيادتها مع استعدادها لإعطاء الضوء الأخضر للأخيرة في الاستفادة من مواردها الطبيعية.

وبحسب تقديرات عدة فإن الأراضي الصومالية تحوي 104 مواقع يحتمل وجود النفط أو الغاز أو كليهما فيها لاحتوائها على طبقات رسوبية ملائمة.

فيما كشفت دراسات بريطانية عن 110 تريليونات برميل من النفط و100 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في الصومال، ما قد يرشحه للانضمام إلى قائمة الدول السبع الأولى المصدرة للبترول مستقبلا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس