محمد سليم قلالة
أفريقيا برس – أرض الصومال. نعرف جميعا أن أفريقيا ما كادت تتحرر من حكم الاستعمار التقليدي حتى أحكم عليها الخناق بأساليبه الجديدة. خرجت القوى الاستعمارية بشكل رسمي من القارة الإفريقية ولكنها بقيت بشكل فعلي. النخبُ التابعة لها سياسيا وثقافيا استمرت خاضعة لمستعمِر الأمس تدين له بالولاء وتتعامل معه بمنطق العبد للسيد. العدد القليل من النخب التي واصلت حمل مشعل مقارعة الاستعمار تم التضييق عليها ومحاربتها إلى أن انهارت أو تم اغتيالها مباشرة.. ولعبت فرنسا الدور الرئيس في ذلك تليها الدولُ الاستعمارية الأخرى مثل بلجيكا والبرتغال وانجلترا.
اغتالت المخابرات الفرنسيةSDECE في 3 نوفمبر – تشرين الثاني سنة 1960بجنيف فليكس رولاند مومي الكاميروني في عهد الوزير الأول الفرنسي ميشال دوبري.
وفي 17 جانفي – كانون الثاني 1961 اغتالت المخابرات البلجيكية باتريس لومومبا “35 سنة”، أول رئيس وزراء للكونغو بدعم من باقي القوى الاستعمارية وبرعاية من الأمرجانفي – كانون الثاني.
وفي 20 جانفي 1973 اغتيل أميلكار كابرال “48 سنة” في كوناكري بغينيا برعاية أكيدة من وكلاء برتغاليين كانوا مازالوا متشبِّثين بمستعمراتهم في أفريقيا.
ودون الخوض فيما إذا كان الرئيسان جمال عبد الناصر الذي توفي في 28 سبتمبر- أيلول 1970 “52 سنة” وهواري بومدين الذي توفي في 27 ديسمبر 1978 “47 سنة” قد كانت وفاتُهما طبيعية، فإن المتواتر أن المخابرات البرتغاليةPIDE/DGS كانت خلف اغتيال أميلكارجانفي – كانون الثانيال بكوناكري بغينيا في 20 جانفي – كانون الثاني 1973 وعمره لا يزيد عن 48 سنة، والقوى العنصرية في جنوب أفريقيا كانت خلف تعذيب واغتيال ستيف بيكو في 12 سبتمبر 1977 لأنه رفع شعار “الوعي الأسود”. وكانت المخابرات الفرنسية خلف اغتيال رئيس بوركينا فاسو توماس سانكارا “37 سنة” الملقب بتشي غيفارا أفريقيا، في 15 أكتوبر 1987. والجميع يعلم دور هذه المخابرات أيضا في اغتيال الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي “69 سنة” في 20 أكتوبر 2011 تحت غطاء الثورات العربية… والقائمة طويلة فيما يتعلق بالاغتيالات المباشِرة وغير المباشِرة للزعماء السياسيين والقادة العسكريين الذين يعلنون مناهضتهم للاستعمار الجديد، ناهيك عن الأساليب الأخرى في القضاء على خصومهم أو تحييدهم أو تشويههم…
يكفي البحث في تاريخ أيٍّ من الشعوب الإفريقية لنجد الخطة ذاتها تتكرر…
وكان من الصعب مواجهتها في الخمسين سنة الماضية، ومازال ذلك صعبا إلى اليوم، إلا أن التحوُّلات الأخيرة في العالم باتت تُبرِز إمكانية حدوث تغيير في هذا الواقع المرير.
اليوم لم يعد الغربيون يصولون ويجولون في القارة الإفريقية كما كان ذلك قبل 10 سنوات خلت. اليوم أصبح هناك تنافسٌ شديد بين القوى الكبرى على هذه القارة، وأصبح بالإمكان معرفة الصديق من العدو. لم تعد خلفيات زيارات الرئيس الفرنسي أو الألماني أو غيرهما غير معروفة، ولا أساليبهم في التعامل مع الدولة الإفريقية غير مكشوفة… ولا عملاؤهم وأتباعهم… عكس ذلك، كل ما يسعى له هؤلاء أصبح معلوما، ولم يعُد بالإمكان الضحك على أذقان الأفارقة بأن هؤلاء شيوعيون أو متطرِّفون للتخويف منهم. لقد بات واضحا العدو من الصديق، والوعيُ الأفريقي اليوم في قمته ليصحح مسارا استعباديا دام أكثر من قرن من الزمن. وتلك مساحة أمل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس