البيروتي.. حكاية أقدم المقاهي البغدادية

8
البيروتي.. حكاية أقدم المقاهي البغدادية
البيروتي.. حكاية أقدم المقاهي البغدادية

أفريقيا برس – أرض الصومال. على ضفاف نهر دجلة عند رأس الجسر القديم في جانب الكرخ من بغداد، يبرز مقهى البيروتي، وهو أحد أهم مقاهي بغداد القديمة وأشهرها، حيث كان يفتح أبوابهُ من صلاة الفجر حتى ساعة متأخرة من الليل.

يقع البيروتي تحديدا في المنطقة التي كانت تُعرف قديما باسم شريعة الجاموس، في الجانب الغربي من دجلة، وكان أغلب رواده من تجار الحبوب والأخشاب حيث يجتمعون فيه لتداول شؤون البيع والشراء.

زار الرحالة البريطاني جيمس سلك باكنغهام مقهى البيروتي عام 1819، فأثناء جلوسهُ في مقهى حسن باشا جذب انتباهه مقهى البيروتي الذي يقع في الجهة الأخرى من دجلة، وقال حينها: “قُبالة مقهى حسن باشا في الجانب الآخر من النهر، يوجد مقهى أكبر حجما مُضاء بمصابيح تضفي أنوارها على أمواج نهر دجلة”، وهذا يدل على أن تاريخ بناء المقهى سبق زيارة باكنغهام بأعوام.

وتقسم المقاهي في بغداد إلى قسمين، فمنها التي تقع في جانب الكرخ والأخرى في الرصافة على الجهة الشرقية من نهر دجلة، وتحتل مكانة خاصة في الحياة الاجتماعية لأهالي بغداد قديما وحديثا.

ففضلا عن كونها مكانا يرتاده الكبار والصغار للترفيه والتسلية، فهي منتدى صغير تناقش فيه القضايا التي تعنى بالشؤون الاقتصادية والسياسية وغيرها.

سبب تسميته

وعن ذكريات المقهى ومن أين جاءت تسميته، تحدّث مديره عقيل عبد الجبار للجزيرة نت، قائلا “سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى مالكه إبراهيم البيروتي الكرخي الذي سافر إلى بيروت وعند عودته لقب بالبيروتي، وكان المقهى مشيدا من الخشب ويقع بالقرب من سوق السمك المركزي، وهو واسع حيث يمتد إلى خانات الصوف والدهن والجلود، وكان ملتقى للشعراء والظرفاء من أبناء بغداد. اشتهر المقهى بتقديمه الأرجيلة والمشروبات المختلفة كالشاي والقهوة وغيرها”.

ويكمل عبد الجبار حديثه عن ذكريات المقهى قائلا: في ربيع عام 1954، ارتفعت مناسيب نهر دجلة بسبب كثرة الأمطار، وهو ما أدى إلى فيضان مدينة بغداد وغرق وتدمير مقهى البيروتي تماما. وفي عام 1978 أعادت أمانة بغداد افتتاح مقهى جديد يحمل الاسم نفسه، في الجانب الغربي من دجلة (في الجهة المقابلة للمقهى القديم).

وعن رأيه بالأنشطة التراثية بشكل عام وعن البيروتي خاصة، يقول الباحث في شؤون التراث والآثار العراقية محمد علي جواد “إن ظروف العراق خلال ربع القرن الأخير ألقت بظلالها على الأنشطة الأثرية والتراثية، حيث عانى الكثير من الأبنية والبيوت والمقاهي التراثية -ومنها البيروتي- من الإهمال، وكان للجهود الفردية دور كبير في حمايتها وإعادة الحياة لها من جديد”.

ويضيف جواد للجزيرة نت أن الدور الأكبر يقع على عاتق وزارة السياحة والآثار لزيادة الوعي من أجل الحفاظ على هذه المواقع التراثية، وحتى يبقى للبيروتي سحرهُ الخاص الذي يجمع بين عراقة الماضي وسحر الحاضر.

زبائن البيروتي

يقول علي محمد سبع -الذي يتردد على المقهى منذ نحو 10 سنوات- إنه لم يتوقف يوما عن الحضور للبيروتي، فقد أعتاد على قضاء اليات خصوصا في فصل الصيف فيه، فهو محطة للاستراحة علاوة على توفيره فرص عمل للشباب.

من جهته، يقول مسؤول القاعات التراثية في المقهى عقيل الزاملي إنه بعد افتتاح المقهى البديل في موقعه الجديد عام 1978 استمر بتقديم خدماته للزوار منذ ذلك الحين، حتى أعادت أمانة بغداد تأهيله عام 2014، حيث بُنيت قاعات جديدة منها قاعة بغداد والقاعة الشمسية وقاعة المكتبة المخصصة للمطالعة وقراءة الكتب، إضافة إلى القاعة العائمة على نهر دجلة، مشيرا إلى أن يات البيروتي لا تحلو إلا بالمقام البغدادي وتناول السمك المسكوف.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس