الكشف عن الطريقة التي يستخدمها النمل لتذكر طريق العودة إلى مساكنه

10
الكشف عن الطريقة التي يستخدمها النمل لتذكر طريق العودة إلى مساكنه
الكشف عن الطريقة التي يستخدمها النمل لتذكر طريق العودة إلى مساكنه

أفريقيا برس – أرض الصومال. لطالما حيّر النمل الباحثين في أمور كثيرة، ومؤخرا اهتم الباحثون بالتعرف على ذاكرة النمل، وكيف يعرف الطريق إلى مساكنه ومستعمراته مهما بعدت المسافات التي يقطعها بحثا عن رزقه، واكتشف الباحثون أن لدى الحشرات مهارات رائعة جدا، فيمكن للنمل الذي يعيش في أحواض الملح الصحراوية السفر لأكثر من كيلومتر، مع إدراكه لموقعه في جميع الأوقات، ويعرف جيدا الطريق لمساكنه.

وحسب ما جاء في تقرير لفريق دولي من الباحثين من جامعة إدنبرة (University of Edinburgh) وجامعة ماكواري (Macquarie University) وجامعة لوند (Lund University) نشره موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation)، ما أدهش الباحثين، أنه لا توجد معالم أو ميزات في تلك التضاريس لمساعدة النمل في التعرف على مساكنه.

بدلا من ذلك، وعلى غرار المستكشفين العظام، مثل كريستوفر كولومبوس وفيرديناند ماجلان، يستخدم النمل موقع الشمس في السماء كبوصلة وحركته الخاصة لتقدير المسافات.

ولإعطاء تصور واضح لما تفعله تلك الحشرات الرائعة، ضع في اعتبارك أن الكيلومتر الواحد يساوي حوالي 100 ألف ضعف طول جسم النملة. هذا يعادل مسار إنسان يسير من نيويورك إلى واشنطن العاصمة ثم يعود (656 كيلومترا تقريبا)، ويعرف في جميع الأوقات الاتجاه الصحيح والمسافة التي يتعين عليه قطعها دون استخدام أي دليل أو معالم جغرافية حوله.

داخل دماغ الحشرة

بفضل التطورات الأخيرة في علوم الوراثة، والتقدم الكبير في المجاهر، تمكن العلماء من جعل خلايا المخ المختلفة تصدر ألوانا مميزة من الضوء، وسمح هذا الإنجاز للباحثين بتمييز الخلايا العصبية الفردية وفك ارتباطها ببعضها في الشبكة العصبية. وتم استخدام هذه التقنية لمعرفة كيف يتتبع دماغ الحشرة اتجاهها، وكيف يمكن للدماغ أن يحسب المسافة التي قطعها عن طريق إضافة سرعته الحالية باستمرار إلى ذاكرته أثناء الرحلة.

واكتشف العلماء كيف يتم ترميز كل من الاتجاه والمسافة التي تقطعها الحشرة بواسطة الخلايا العصبية في دماغها أثناء انتقالها بعيدا عن مساكنها، ولكن ما حيرهم هو كيف يتم تخزين تلك المعلومات المهمة في ذاكرتها حتى تتمكن من العودة مرة أخري إلى مساكنها تلك؟

يقول الباحثون في مقالهم “بصراحة، كان الأمر لغزا محيرا. تحتاج الحشرات سريعة الحركة إلى تحديث ذاكرتها عن الاتجاه والمسافة باستمرار أثناء الطيران، ومع ذلك يمكنها تذكرها لعدة أيام. ويعتبر هذان الجانبان من الذاكرة -التحديث السريع والطويل الأمد- غير متوافقين، ولكن يبدو أن الحشرات تمكنت من الجمع بينهما.
لماذا قام العلماء بتجميد النمل؟

وعادة، عندما يتم إطلاق هذه الحشرات في مكان غير مألوف لها، فإنها ستركض مباشرة نحو المكان الذي كان من الممكن أن توجد فيه مساكنها. وهذا يعني أنهم سيسيرون بالتوازي مع مسارهم الطبيعي، وبمجرد قطعهم للمسافة المتوقعة، سيبدؤون في البحث عن مداخل المساكن.

لكن الباحثين وجدوا أن الحشرات التي تم تجميدها تحركت في الاتجاه المتوقع، لكنها نسيت المسافة التي يجب أن تقطعها، وهذا يعني أنها بدأت في البحث عن مدخل المسكن مبكرا جدا.

كان من المحير في البداية أن تتدهور ذاكرة المسافة بينما تم الحفاظ على ذاكرة الاتجاه – هذه النتيجة لم تنتج تمييزا واضحا بين الذاكرة قصيرة المدى (المنسية) والذاكرة طويلة المدى (المحفوظة) التي توقعها الباحثون. لكنهم يعتقدون أن أفضل تفسير لهذه الظاهرة ليس ذاكرتين منفصلتين، ولكن ذاكرة مشتركة واحدة تشفر كلا من الاتجاه والمسافة معا – وتتحلل جزئيا عند التجميد.

وعادة، عندما يتم إطلاق هذه الحشرات في مكان غير مألوف لها، فإنها ستركض مباشرة نحو المكان الذي كان من الممكن أن تتواجد فيها أعشاشها. وهذا يعني أنهم سيسيرون بالتوازي مع مسارهم الطبيعي، وبمجرد قطعهم للمسافة المتوقعة، سيبدأون في البحث عن مداخل الأعشاش.

لكن الباحثون وجدوا أن الحشرات التي تم تجميدها تحركت في الاتجاه المتوقع، لكنها نسيت المسافة التي يجب أن تقطعها – وهذا يعني أنها بدأت في البحث عن مدخل العش مبكرا جدا.

كان من المحير في البداية أن تتدهور ذاكرة المسافة بينما تم الحفاظ على ذاكرة الاتجاه – هذه النتيجة لم تنتج تمييزا واضحا بين الذاكرة قصيرة المدى (المنسية) والذاكرة طويلة المدى (المحفوظة) التي توقعها الباحثون. لكنهم يعتقدون أن أفضل تفسير لهذه الظاهرة ليس ذاكرتين منفصلتين، ولكن ذاكرة مشتركة واحدة تشفر كلا من الاتجاه والمسافة معا – وتتحلل جزئيا عند التجميد.

سر الإحداثيات الديكارتية

أكدت نتائج البحث أن الحشرات تذكرت المسافة والاتجاه على أنهما إحداثيات ديكارتية، وأنه بدلا من تذكر المسافة والاتجاه (أو الزاوية)، تذكرت موقعها عن طريق تذكر الإحداثيات السينية والصادية.

في الرياضيات، يستعمل نظام الإحداثيات الديكارتية لتحديد نقطة في مستوى عبر عددين، يطلق عليهما عادة الإحداثي س والإحداثي ص، كما يجب كذلك تعريف وحدة الطول أو التدرج، والتي نبيّنها على المحورين. وعن طريق استعمال هذا النظام، يمكن التعبير عن الأشكال الهندسية باستعمال معادلات جبرية، كما تستعمل الإحداثيات في الفضاء أيضا (باستعمال 3 إحداثيات)، أو حتى في أبعاد أكثر.

وقد سمي النظام نسبة إلى الرياضي والفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، والذي عمل على إدماج الجبر والهندسة الإقليدية، وكان هذا العمل حاسما في مجال الهندسة التحليلية ودراسة الدوال والخرائط.

وعلى ما يبدو فإن الحشرات كانت تستخدم أنظمة الإحداثيات الديكارتية للوصول لمساكنها قبل فترة طويلة من قيام ديكارت بإضفاء الطابع الرسمي على المفهوم. ثم إذا فقدت الحشرات بعضا من ذاكرتها، فسيتم تقليل قيمتي الإحداثيات، وبافتراض أنها تفقد نسبة مماثلة من الذاكرة في كلا المحورين، ينتهي بها الأمر بمسافة أقصر ولكن لا تزال نفس الزاوية أو الاتجاه.

وسواء كنا بشرا أم حشرات، فعلينا جميعا العودة إلى ديارنا، وسيساعدنا تعلم كيف تتذكر أدمغة الحشرات الطريق إلى مساكنها على فهم كيفية قيامنا بذلك نحن البشر أيضا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس