باريس تصر على تواجدها بأفريقيا في ظل تنافس القوى الكبرى في القارة

18
باريس تصر على تواجدها بأفريقيا في ظل تنافس القوى الكبرى في القارة
باريس تصر على تواجدها بأفريقيا في ظل تنافس القوى الكبرى في القارة

أفريقيا برس – أرض الصومال. يبدأ الرئيس إيمانويل ماكرون، الإثنين، جولة أفريقية، في وقت تعهدت فرنسا بـ”تجديد” شراكاتها العسكرية في القارة، لتتمكن من البقاء في المنافسة الاستراتيجية المتزايدة التي تجري هناك بين القوى الكبرى، وبينها روسيا.

ويلخص ضابط فرنسي متمركز في غرب أفريقيا الوضع بالقول “لم نعد سوى واحدة من (قوى) أخرى” في مجال عرض التعاون العسكري.

وهذه القوى “الأخرى” هي تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، خصوصا روسيا التي تسعى إلى التفوق على الفرنسيين في مناطق نفوذهم الموروثة عن عهد الاستعمار، في إطار استراتيجية تمتد على نطاق عالمي.

وسيأخذ الرئيس الفرنسي ذلك في الاعتبار عندما يزور الكاميرون وبنين وغينيا بيساو من 25 إلى 28 يوليو/تموز. وقد زار وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو النيجر وساحل العاج في منتصف يوليو/تموز، بعد إعلان رئيس الدولة رغبته في “إعادة التفكير بحلول الخريف في مجمل (الترتيبات العسكرية الفرنسية في) القارة الأفريقية”.

وبعد دفعها إلى الخروج من مالي تحت ضغط المجلس العسكري الحاكم منذ 2020 والذي يتعامل الآن، وإن أنكر ذلك، مع مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية، ستغادر القوات الفرنسية البلاد بحلول نهاية الصيف بعد تسع سنوات من مكافحة الجهاديين. وسينخفض حجم وجودها في منطقة الساحل إلى النصف، أي أقل من 2500 عسكري.

وعلى الرغم من هذا التراجع، تؤكد فرنسا أنها لن تتخلى عن مكافحة المتشددين التابعين لتنظيمي القاعدة وتنظيم داعش الذين تم احتواؤهم لفترة طويلة في منطقة الساحل، لكنهم يحققون تقدما باتجاه خليج غينيا حاليا، لكن التدخلات العسكرية للقوة الاستعمارية السابقة ستتحول إلى “قوات أقل ظهورا وأقل انكشافا”، على حد تعبير إيمانويل ماكرون، خصوصا لتجنب إثارة مشاعر معادية لفرنسا قابلة للانفجار.

والرهان أساسي، فباريس تريد تجنب تراجع استراتيجي في مواجهة خصومها أو منافسيها في هذه القارة التي سيبلغ عدد سكانها 2.5 مليار نسمة في 2050.

وقال جنرال فرنسي إن “الروس لديهم أولوية عملياتية حقيقية لاعتراض الفرنسيين في مجال المعلومات في أفريقيا”، مؤكدا أنهم “يمارسون ضغوطًا قوية لمحاولة طردنا (عبر) شبكات التواصل الاجتماعي من خلال فاغنر”.

وينتشر مرتزقة مجموعة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي بعرض خدمة واضح: أمن مضاد لأي انقلاب ومساعدة قانونية لإبقاء النظام في السلطة مقابل استغلال ثروات معدنية، كما ذكرت مصادر متطابقة لوكالة فرانس برس.

كما تنشط “مجرة بريغوجين” التي تحمل اسم مؤسس مجموعة فاغنر الروسي المعروف بقربه من الكرملين، على شبكات التواصل الاجتماعي.

وفي نهاية إبريل/نيسان في مالي، باغتت طائرة فرنسية مسيّرة مرتزقة يقومون بتركيب مشهد مقبرة جماعية وهمية بالقرب من قاعدة فرنسية، لاتهام باريس بارتكاب جرائم حرب عبر حسابات وهمية على تويتر. حتى أن المعسكر الموالي لروسيا يدفع إلى التدخل في الحياة السياسية الفرنسية، حسب مصدرين مطلعين على الملف.

وقال مسؤول كبير “قام المعسكر الروسي بمضايقتنا خلال الحملات الانتخابية (الرئاسية والتشريعية) عبر حسابات وهمية مؤيدة أو مناهضة للحكومة في مالي والسنغال وبنين وجمهورية أفريقيا الوسطى، لكن ذلك لم يجد”.

في الوقت نفسه، تريد باريس الاستمرار في المشاركة في مكافحة انعدام الأمن الذي يهدد شركاءها الأفارقة ويغذي الهجرة إلى أوروبا، لكن بتكتم. وقال ضابط فرنسي إن “الظهور مع الفرنسيين ينعكس سلبا”.

وأوضح قائد عملية برخان الجنرال لوران ميشون، لوكالة فرانس برس، مؤخرا “نتوجه نحو مزيد من عمليات التعاون الملتزمة بمزيد من الصرامة بطلبات الدول الأفريقية، ستأتي لدعم (قواتها) وليس بدلا من هذه القوات”.

وتسير المناقشات بشكل جيد لتقييم مطالب الشركاء الذين تريد فرنسا توفير المزيد من المقاعد لضباطهم في مدارسها العسكرية.

وفي منطقة الساحل، وافقت النيجر على الإبقاء على قاعدة جوية فرنسية في نيامي ودعم 250 جنديا لعملياتها العسكرية على الحدود المالية. وستواصل تشاد استضافة قوة فرنسية في نجامينا، بينما يأمل الفرنسيون في الإبقاء على كتيبة من القوات الخاصة في واغادوغو ببوركينا فاسو.

وفي خليج غينيا، يمكن للقوات الفرنسية في ساحل العاج حيث تتعاون فعليا مع الجيش المحلي، أن تؤمّن وسائل للمراقبة في شمال البلاد بطلب من أبيدجان.

أما بالنسبة لبنين وتوغو، “فهناك طلب لدعم فرنسي في مجال الإسناد الجوي والاستخبارات والتجهيزات”، بحسب الإليزيه. وما زالت غينيا تدرس احتياجاتها لتأمين حدودها مع مالي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس