أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. في سياق حوار أجرته معها “أفريقيا برس”، أكدت الكاتبة الصحفية المصرية والمتخصصة في الشأن السوداني، صباح موسى، أن مصر حاولت كثيرًا في حل الأزمة السودانية وما زالت تحاول. وأشارت إلى أن مصر لم تفشل في حل الأزمة، معتبرةً أن الأزمة السودانية معقدة ومتشعبة.
وترى موسى أنه في ظل انتصارات الجيش السوداني المتتالية واستعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، تسعى بعض القوى الإقليمية والدولية إلى تكثيف تحركاتها لوقف الحسم العسكري. الهدف من هذه التحركات هو قطع الطريق أمام الجيش لمنع أي تقدم عسكري نهائي قد يقضي على الدعم السريع، ومحاولة فرض حلول دبلوماسية عبر مفاوضات قد تعيد التوازن لقوى الدعم السريع، الذي تراجع بشكل كبير ميدانيًا. هذه الدول تحاول الحفاظ على مصالحها في السودان من خلال تعطيل الحسم العسكري وتأجيل إنهاء الصراع بالطرق العسكرية. كل هذه الإفادات وغيرها تجدونها في الحوار التالي:
جهود كثيرة قامت بها مصر لحل الأزمة السودانية، مثل استضافتها للمؤتمرات للقوى السياسية السودانية، وجلوسها مع قيادة الجيش والدبلوماسيين السودانيين. وأخيرًا، زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي تقوده مصر، إلى بورتسودان. رغم هذه الجهود، ألا ترين أن مصر فشلت في حل الأزمة السودانية؟
الأزمة السودانية معقدة ومتشعبة، وتشمل صراعات داخلية وأجندات دولية وإقليمية متقاطعة، إلى جانب المصالح والامتدادات الخارجية. لذلك، لا يمكن القول إن مصر فشلت في حل الأزمة. مصر حاولت كثيرًا منذ بداية الحرب على جميع الأصعدة، بدءًا من مؤتمر دول جوار السودان، والاتصالات الإقليمية والدولية. موقفها ثابت بالحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته، وخاصة القوات المسلحة، مع عدم التدخل في شؤونه الداخلية. هذه الثوابت شكلت حاجزًا منيعًا ضد الأجندات الخارجية والمبادرات التي حاولت النيل من السودان.
كما قامت مصر بجمع القوى السياسية والمدنية لأول مرة بعد الحرب في القاهرة، وحققت في ذلك اختراقًا كبيرًا، وما زالت مستمرة في المحاولات. وأعلنت موقفها بشكل واضح ومباشر عبر وزير خارجيتها بدر عبد العاطي، الذي أكد أنه لا يمكن المساواة بين الجيش السوداني وأي جهة أخرى. أصبحت القاهرة الآن قبلة للمبعوث الأمريكي وأي جهة تحاول التدخل في الأزمة، مما يُظهر أن القاهرة هي طرف مهم وأساسي، ولا بد أن يمر الحل عبرها.
يكفي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي يؤمن بها السودانيون بمختلف توجهاتهم كعنصر مهم في حل الأزمة السودانية. تأخر الحل ناتج عن تشابك الأزمة وتعقيدها، ومصر تحاول بذل جهدها في فك هذا التعقيد.
بحكم رئاسة مصر لمجلس السلم والأمن الأفريقي، هل تنجح القاهرة في فك تجميد عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي؟
مجلس السلم والأمن كان قد أوصى بتجميد عضوية السودان عقب أحداث 25 أكتوبر، ويُعرف عن الاتحاد الأفريقي أن له دولًا ذات أجندات ومصالح في السودان. ورغم ذلك، فإن رئاسة مصر للمجلس تعزز فرص رفع التجميد، خصوصًا بعد زيارة وفد المجلس إلى بورتسودان برئاسة مصر، مما يشير إلى مرونة في مناقشة الأزمة. مصر ستحافظ على ثوابتها وستسعى لرفع التجميد، كما فعلت بعد ثورة ديسمبر. ورغم وجود تقاطعات تعقد الأمر، إلا أن مصر لن تدخر جهدًا لتحقيق هذا الهدف، مما سيساهم في وضع السودان على طريق الحل الصحيح.
التساؤل المطروح الآن، هو لماذا يحاول الاتحاد الأفريقي التدخل في الأزمة بينما تكون عضوية الدولة المعنية مجمدة؟ لتحقيق حل مهني ومحايد؟، يجب رفع التجميد أولًا. المشكلة تكمن في عدم توصيف الأزمة بشكل صحيح، وعدم البدء من خطوات صحيحة، مما يؤدي إلى فشل الحلول في الوصول إلى نتائج ملموسة. الاتحاد الأفريقي، الذي ينادي بحل أزمات القارة داخله، ينبغي أن يبدأ هذه الخطوات بحياد، وألا يسمح بحل أزمات أعضائه خارج القارة الأفريقية.
الإمارات دعمت قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخائر والجنود وفقًا لتقارير محلية ودولية، فما الذي تريده الإمارات من السودان؟
منذ بداية الحرب، كانت الإمارات تأمل أن تكون الحرب قصيرة، وأن تسيطر قوات الدعم السريع على مقاليد الحكم في السودان، مما يمكنها من بسط نفوذها على منطقة مهمة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر. الإمارات زودت الدعم السريع بموارد مادية ولوجستية، ولكن مع استمرار الحرب واستعادة الجيش السوداني قوته، حاولت تغيير استراتيجيتها. ما لم تتمكن من تحقيقه بالحرب، سعت لتحقيقه عبر المفاوضات. وعندما واجهت انتقادات دولية، سعت لإدانة الجيش السوداني بقصف منزل سفيرها، رغم أن الدعم السريع دمر عدة سفارات دون إدانة مماثلة. هذا الموقف يأتي في ظل احتجاج السودان على دور الإمارات في مجلس الأمن وإدانتها لاستمرار الحرب، وهو ما تؤكده التقارير الأممية والدولية والإعلامية.
هناك هجمات عنيفة للجيش السوداني على مواقع سيطرة قوات الدعم السريع، هل تصمد الدعم السريع أمام هذه الهجمات؟
الجيش السوداني استعاد زمام المبادرة مؤخرًا، ويتضح ذلك من انتشاره الواسع وانتصاراته المتتالية واستعادة السيطرة على المناطق التي كانت تحت سيطرة الميليشيات. إذا استمر الجيش في هذا النهج الثابت، فإنه قادر على تحقيق الحسم العسكري. ومع ذلك، هناك تحركات إقليمية ودولية مكثفة تهدف لوقف الحرب، مما قد يعيق هذا التقدم العسكري. في كل الأحوال، ينبغي للجيش السوداني مواصلة انتصاراته، حيث ستقود إما إلى سحق قوات الدعم السريع أو تعزيز موقفه التفاوضي في أي محادثات مستقبلية.
ما رأيك في الإتهامات التي تطال الجيش بقتل المدنيين في الحلفايا بالخرطوم، ومن يقف وراءها؟
من الطبيعي أن تكون هناك محاولات لتشويش انتصارات الجيش السوداني المتتالية، خاصة من الميليشيات التي تعتمد على مستشاريها والناطقين باسمها المعروفين بالكذب. هذه الادعاءات تهدف إلى الترويج لضرورة وقف الحرب لإنقاذ الميليشيات التي انهارت، وتعتمد بشكل كبير الآن على المرتزقة الذين يفتقرون إلى العقيدة القتالية. إذا أرادوا وقف الحرب، يجب عليهم تنفيذ مقررات اتفاق جدة في مايو 2023. أي محاولة لوقف الحرب دون تنفيذ هذه المقررات ستعيد قوات الدعم السريع إلى الساحة، وهو ما يرفضه الشعب السوداني بشدة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس