من يعطل تحرير ولاية الجزيرة؟

73
من يعطل تحرير ولاية الجزيرة؟
من يعطل تحرير ولاية الجزيرة؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. بالرغم من سيطرة الجيش السوداني على ولاية سنار المتاخمة للجزيرة، ورغم تقدمه حتى تخوم قرية ود المهيدي التي تبعد حوالي خمسة عشر كيلومتراً عن مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، إلا أن الجيش تراجع بعد تعرضه لهجوم ناجح من قوات الدعم السريع التي تمكنت من الالتفاف عليه.

وقد توقفت العمليات العسكرية في ولاية الجزيرة عدة مرات بعد اقترابها من مدني، مما أثار تساؤلات عدة، أبرزها: لماذا توقفت عمليات الجيش في محور الجزيرة؟ ومن يقف وراء تعطيل تحريرها؟

يحاصر الجيش السوداني قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة من عدة محاور؛ ففي الجنوب، تقدم الجيش نحو منطقة ود الحداد التي تبعد كيلومترات قليلة عن مدني، وفي الغرب يتواجد في مدينة المناقل، بينما يسيطر شرقاً على مدينة الفاو. ومع ذلك، ورغم الحصار الذي يفرضه الجيش، لم يتمكن حتى الآن من دخول مدني، عاصمة الجزيرة، التي انسحب منها قبل نحو عام، تاركاً سكانها يعانون بين القتل والتشريد.

في هذا السياق، تسعى “أفريقيا برس” من خلال هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أسباب تأخر تحرير الجزيرة، عبر استنطاق عدد من الخبراء العسكريين وأصحاب الشأن.

لماذا التعطيل ؟

الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين يرى، في حديثه لموقع “أفريقيا برس”، أن تعطيل تحرير الجزيرة يعود إلى عدة أسباب، أبرزها أن خوض العملية العسكرية يتطلب توفير العديد من المتطلبات الأساسية. وأوضح أن هذه المتطلبات تشمل الإمدادات الكافية المتعلقة بالقتال، مثل الذخيرة، والمؤن الغذائية، والسلع الاستهلاكية، بالإضافة إلى الوحدات الصحية المتكاملة التي تضم كوادر طبية، وأدوية، وفرق إخلاء للجرحى، إلى جانب شبكة تواصل متكاملة تربط القيادات الميدانية بغرف السيطرة والتحكم.

وأشار الخبير إلى أنه في حال عدم توفر هذه المقومات، فإن القوات المهاجمة قد تخسر الجولة وتتعرض لخسائر كبيرة، مما قد يؤثر سلباً على سير المعركة مستقبلاً. واعتبر أن هذا النقص في المتطلبات يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء تعطيل تحرير الجزيرة.

مقاومة شرسة

المحلل السياسي الفاتح محجوب يرى أن العمليات العسكرية ليست نزهة، بل تخضع لواقع ميداني معقد.

وأوضح محجوب، في حديثه لموقع “أفريقيا برس”، أن الجيش السوداني أحرز تقدمًا نحو الجزيرة على مدار أكثر من شهر، حيث تحرك من مدينة سنار حتى وصل إلى مشارف مدينة ود مدني، بالقرب من منطقة الحاج عبد الله.

وأضاف أن الجيش تقدم أيضًا إلى منطقة العريباب شرق مدني، لكنه انسحب لاحقًا بسبب هجوم معاكس شنته قوات الدعم السريع.

وأشار محجوب إلى أن الجيش يحقق تقدمًا في جميع محاور الجزيرة باستثناء محور الفاو، الذي يواجه فيه مقاومة شرسة من قوات الدعم السريع. ومع ذلك، أكد أن قوات الدعم السريع لن تتمكن من وقف تقدم الجيش بشكل دائم، مشيرًا إلى نجاح الجيش في تجاوز العقبات، كما حدث في مصنع السكر غرب سنار، الذي كان يشكل العائق الرئيسي أمام تقدمه.

مسألة محورية

في هذا السياق، صرّح القيادي بحزب الأمة القومي، مرتضى هباني، لموقع “أفريقيا برس”، بأن استعادة مدينة ود مدني وولاية الجزيرة تعدّ من أهم أولويات الشعب السوداني داخل البلاد وخارجها.

وأوضح هباني أن ما حدث في الجزيرة، وكذلك في دارفور، وخاصة في الجنينة عاصمة غرب دارفور، يمثل قمة المأساة التي هزت الضمير المحلي والإقليمي والدولي، وشكلت نقطة تحول في مواقف العديد من الدول المؤثرة. لكنه أضاف أن ذلك لا يقلل من حجم الفظائع التي ارتُكبت في العاصمة الخرطوم والمناطق الأخرى من السودان.

وأكد هباني أن تحرير الجزيرة يُعتبر أمرًا محوريًا، مشيرًا إلى أن تحرير ود مدني من قبضة المليشيات يعني تحرير جميع مدن وقرى الجزيرة، ثم الانتقال إلى تطهير جنوب الخرطوم، وجبل أولياء، وشمال النيل الأبيض من المليشيات المتمردة، وهو ما يمثل إعلانًا فعليًا لنهاية الحرب في أواسط السودان ويمهد لتحرير دارفور بالكامل من سيطرة قوات الدعم السريع.

وأشار هباني إلى أن أي تأخير في استعادة ود مدني يشكل قلقًا للجميع، داعيًا الشعب السوداني إلى تفهّم تقديرات الجيش والقوات المتحالفة معه.

وشدد على أنه لا يميل إلى توجيه اتهامات بالتأخير المتعمد للجيش، موضحًا أنه، رغم عدم تخصصه في الأمور العسكرية، يتوق كسائر السودانيين لسماع خبر استعادة ود مدني في أي لحظة، معربًا عن ثقته الكاملة في أن ذلك سيتم قريبًا بإذن الله.

تأجيل المعركة

قيادي عسكري طلب عدم الكشف عن هويته صرّح لموقع “أفريقيا برس”، بأن جميع المحاور المتجهة نحو تحرير ود مدني جاهزة ومستعدة تمامًا. لكنه أضاف أن التأخير يعود غالبًا إلى القيادات العليا في الدولة، حيث لم تصدر أوامر التحرك بعد. وأوضح أن القيادات قد تكون لديها تقديرات عسكرية خاصة تتعلق بتأجيل معركة الجزيرة لصالح خوض معارك مهمة في مناطق مثل بحري أو أم درمان أو الفاشر، والتي تعتبرها أكثر أهمية وفقًا لرؤيتهم الاستراتيجية والعسكرية، ومن ثم الانتقال نحو الجزيرة لتحقيق النصر.

وأضاف القيادي العسكري أن تحرير الجزيرة أصبح مسألة وقت، مؤكدًا أن النصر سيكون حليف القوات المسلحة، وكشف عن استعدادات كبيرة يجريها الجيش لعمليات وصفها بـ”الزحف في كل الاتجاهات”.

وفي السياق نفسه، كتب الصحفي الطيب إبراهيم على صفحته في فيسبوك أن “البرهان نجح في إلهاء الشعب عن الحديث عن ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني بتحرير مبانٍ وميادين في بحري”.

وأضاف الطيب: “مصيبة الجزيرة تكمن في أن سقوطها غامض، وكذلك تأخر تحريرها. درع السودان وصل حتى ود المهيدي ثم عاد إلى قرية الفاو ٣٥، بينما جيش سنار حرر ود الحداد ولم نسمع عنه بعد ذلك، وجيش المناقل موجود في الشايقاب منذ خمسة أشهر”.

وتساءل: “لماذا تأخر تحرير الجزيرة؟ ما الهدف من ذلك؟ من صاحب المصلحة في التأخير؟ وهل هناك أيادٍ خفية تدير المعارك؟”.

واختتم حديثه قائلاً: “شعب الجزيرة يعاني من النزوح، وعدد الذين ماتوا بسبب النزوح أكبر من الذين قتلوا بالرصاص”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here