ما تداعيات انهيار سد النهضة على السودان؟

33
ما تداعيات انهيار سد النهضة على السودان؟
ما تداعيات انهيار سد النهضة على السودان؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. فُجِع الأفارقة خلال الأيام الماضية بوقوع زلزال بقوة 5.8 درجة على مقياس ريختر في إثيوبيا. وفيما حذّر خبراء من احتمالية انهيار سد النهضة، رأى آخرون أن انهياره سيكون له تداعيات خطيرة على المنطقة، خصوصًا على الدول المجاورة لإثيوبيا.

وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في السودان بخبر الزلزال الذي ضرب إثيوبيا، وسط تخوف الكثيرين من انهيار سد النهضة، الذي ينظر إليه السودانيون باعتباره خطرًا قادمًا، حيث يُعتقد أنه قد يكون سببًا في الزلازل التي شهدتها إثيوبيا.

من جانبها، أفادت هيئة الاتصالات الحكومية الإثيوبية بأن نحو 80 ألف شخص يعيشون في المناطق المتضررة، وأن الأشد ضعفًا واحتياجًا يتم نقلهم إلى ملاجئ مؤقتة.

فيما ذكرت لجنة إدارة مخاطر الكوارث الإثيوبية أنها أجلت أكثر من 20 ألف شخص إلى مناطق أكثر أمانًا في عفار وأوروميا، من إجمالي 51 ألف شخص “معرضين للخطر”.

إمكانية حدوث الزلازل

في رده على سؤال “أفريقيا برس” بشأن إمكانية انهيار سد النهضة وتأثيره على السودان، يقول الكاتب الصحفي ضرغام أبو زيد: “بطبيعة الحال، لا يستطيع أي إنسان على وجه الأرض أن يجيب على هكذا سؤال بنعم أو لا، لأن التنبؤ بالزلازل خاصية لم يمنحها الله عز وجل للإنسان عمومًا”.

وأضاف، مستدركًا: “لكننا نجد هذه القدرة عند بعض الحيوانات، وبنسب متفاوتة، وهي في مطلق الأحوال لا تتعدى القدرة على التنبؤ لدقائق معدودة قبل وقوع الزلزال في أفضل الحالات”.

وأوضح ضرغام أن سد النهضة، ومن ناحية الموقع الجغرافي، تم اختياره بعد دراسات علمية مطولة، حيث تم تحديده في منطقة تقل بها النشاطات الزلزالية، وبالتالي لا يمكن الزعم بأن هذه المنطقة معروفة سابقًا بنشاطها الزلزالي.

لكنه استدرك قائلاً: “هذا لا يمنع أن يكون العامل الإضافي الجديد، وهو المياه، عنصرًا مساعدًا وقويًا لا يمكن إغفال تأثيره الجيولوجي”.

يرى أبو زيد أن منطقة القرن الإفريقي، وبصورة عامة، تقع على حدود الصدع الإفريقي العظيم، مما يعني فتح الباب واسعًا أمام احتمال وقوع زلازل، كما حدث في الأيام الماضية في إثيوبيا.

وأشار إلى وجود نقطة هندسية حاسمة لفهم تأثير الزلازل، مشددًا على أن هذه النقطة من اختصاص الخبراء والمهندسين الذين أشرفوا على تنفيذ السد. وأضاف أن هناك تقنيات هندسية متقدمة، مثل تلك المستخدمة في اليابان، التي تمكن البنايات العالية في طوكيو وغيرها من المدن اليابانية من التأرجح دون الانهيار، بفضل قدرتها على امتصاص الزلازل بمستوى معقول.

وتساءل ضرغام: “هل تمت الاستعانة بهذه التقنيات عند تصميم السد، خاصة مع إضافة ضغط الماء وقدراته الأخرى المعروفة؟” وأكد أن هذه كلها أسئلة تقع ضمن اختصاص المهندسين والشركات متعددة الجنسيات التي أشرفت على بناء السد.

وتابع أبو زيد قائلاً: “أما مسألة وقوع زلزال في السودان لمجرد أنه وقع في إثيوبيا المجاورة، فهذه النظرية لا سند علمي لها. ليس من الحتمية أن يقع زلزال في السودان لأنه وقع في إثيوبيا أو تشاد أو أوغندا. هذا الكلام غير صحيح، وغير علمي، وغير منطقي أيضًا”.

وأضاف أنه في حالة انهيار سد النهضة دفعة واحدة وبغتة – لا قدر الله – فلا شك أن السودان سيشهد طوفانًا عظيمًا قد يُعد الثاني بعد طوفان نوح عليه السلام.

ودعا كافة الجهات في السودان ومصر إلى اتخاذ التدابير اللازمة ورفع مستوى الحيطة والحذر إلى أعلى درجة ممكنة ومتاحة.

معطيات عديدة

الخبير الجيولوجي السوداني عبد الكريم الأمين قال لموقع “أفريقيا برس” إنه في حال انهيار سد النهضة، هناك عدة معطيات يجب معرفتها لفهم احتمالية حدوث زلزال في السودان، وأهمها طبوغرافية السودان وطبيعة سطح أرضه بجميع جوانبه.

وأضاف أن من الضروري أيضًا معرفة طبيعة المنشآت السودانية الواقعة على مجرى النيل الأزرق، مثل خزان الروصيرص، وخزان سنار، وملتقى النيلين، وخزان مروي، وصولًا إلى السد العالي حتى نقطة المصب في البحر الأبيض المتوسط قرب الإسكندرية.

وأوضح الأمين، عند النظر إلى طبوغرافية السودان، أن تلال البحر الأحمر ترتفع حوالي 2000 متر فوق مستوى سطح البحر، بينما يصل ارتفاع أعلى النقاط في جبل مرة غربًا إلى حوالي 3000 متر.

وتابع بأن المناطق الوسطى على طول مجرى النيل هي الأكثر انخفاضًا في السودان، بجانب السهول المنبسطة والوديان المتفرقة.

وعليه، إذا أتت المياه من إثيوبيا، فإنها ستغمر المناطق الشرقية بشكل كبير.

وقال إن انهيار السدود، مثل سد الروصيرص، أمر حتمي في حال انهيار سد النهضة، نظرًا لأن المياه ستعبر أعلى السد، مما سيشكل ضغطًا هائلًا يؤثر على الكتل الخرسانية.

وأشار إلى أن خزان سنار يعاني من ضعف هيكلي بسبب أطرافه الترابية، وعند ارتفاع مستوى المياه في الجسر الخرساني، ستندفع المياه نحو المقرن، مما يؤدي إلى ارتفاع منسوبها إلى أعلى درجة عند منطقة تلاقي النيلين. هذا سيشكل تهديدًا مباشرًا للخرطوم وتخومها، قبل أن ترتفع المياه مرة أخرى عند منطقة السبلوقة والشلالات، ثم تندفع نحو مصر، مما يزيد من خطر الفيضانات في الولايات الشمالية.

وأضاف أن هناك مياهًا إضافية من نهر عطبرة والنيل الأبيض، والتي ستُحبس خلف خزان جبل أولياء، مما سيزيد من مساحة المستنقعات في ولاية جونقلي. وقد تصل هذه المياه إلى بعض الولايات في جنوب السودان.

خطورة السد

خبير الأرصاد الجوي، المنذر أحمد الحاج، في حديثه لموقع “أفريقيا برس”، لا يستبعد وقوع زلازل في السودان بسبب سد النهضة. وأكد أنه في حال انهيار السد، سيصل ارتفاع المياه في الخرطوم إلى 30 مترًا فوق سطح البحر، مما يعني غرق السودان ومصر.

وأرجع الحاج أسباب انهيار سد النهضة إلى تقادمه وعمله بأدنى طاقة. وأضاف أنه في حال انهياره، ستجتاح المياه أي منطقة في طريقها من الحدود الإثيوبية وحتى القاهرة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here