أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. لا صوت يعلو في السودان فوق الشكوى التي تقدّمت بها الحكومة السودانية إلى محكمة العدل الدولية ضد الإمارات، في وقتٍ يأمل فيه السودانيون أن يكسب السودان القضية وتُدان الإمارات وتُقدَّم للمحاكمة. لكن السؤال المطروح: هل سينجح السودان في إقناع المحكمة الدولية بأن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع؟
وكان السودان قد تقدّم بشكوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن ضد دولة الإمارات، على خلفية دعمها لقوات “الدعم السريع” في مواجهة الجيش السوداني.
وكان مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، قد قدّم أدلة على دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن الإمارات “لعبت دورًا رئيسًا في إشعال الحرب عبر حليفها الداخلي، ميليشيا الدعم السريع”، على حد تعبيره.
وأوضح الحارث أن هذا الدعم أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين الأبرياء، ونزوح وتهجير ملايين السكان، وتعريضهم لتداعيات غير مسبوقة شملت الفجوة الغذائية، وانعدام الرعاية الصحية، ونقص الأدوية، فضلًا عن تصاعد المعاناة، وتوقف عجلة الإنتاج، وانهيار الاقتصاد، إلى جانب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وفق ما جاء في كلمته.
وقدّم كل من السودان والإمارات مرافعاتهما القانونية أمام محكمة العدل الدولية. وقد ألقى معاوية عثمان، وزير العدل في الحكومة السودانية، المرافعة الشفوية لبلاده، متهمًا الإمارات بارتكاب إبادة جماعية، وداعيًا المحكمة إلى فرض تدابير مؤقتة ضدها.
وطالب الوزير السوداني بأن يتضمن القرار إلزام دولة الإمارات بتقديم تقرير خلال شهر واحد من صدوره يوضّح الخطوات المتخذة لتنفيذ تلك التدابير، على أن تُقدَّم تقارير دورية كل ستة أشهر بعد ذلك.
في هذا الصدد، دعت ريم كتّيت، نائبة مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية في دولة الإمارات، المحكمة إلى رفض طلب السودان، وطالبت بشطب القضية بالكامل من جدول أعمال المحكمة. ووصفت الطلب بأنه “إساءة صارخة لاستخدام مؤسسة دولية مرموقة”، مشيرة إلى أنه يفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي. كما اعتبرت ادعاءات بورتسودان “مضللة في أحسن الأحوال، ومحض تلفيق في أسوأها”.
انتصار السودان في الأفق؟
قال المحلل السياسي مجدي عبد القيوم “كنب” لموقع “أفريقيا برس”، إن النقطة الجوهرية في القضية تتعلق بالاختصاص، مشيرًا إلى تحفظ دولة الإمارات استنادًا إلى المادة (9)، وفقًا لما أورده عدد من القانونيين الذين تباينت آراؤهم حول الموضوع. وأضاف: “كمتابع، أرى أن جوهر فلسفة القانون، كما أوضح أحد قضاة المحكمة، هو حماية المدنيين، استنادًا إلى سابقة قانونية قائمة”.
وأكد عبد القيوم أن المحكمة ستقبل شكوى السودان، مستندًا إلى اعتمادها على تقارير صادرة عن هيئات دولية موثوقة، بالإضافة إلى ما قدمته الخرطوم من أدلة قوية. وقال إن القضية، رغم طابعها الجنائي، تحمل أيضًا بعدًا سياسيًا، وهو ما يخلق تقاطعًا بين القانون والسياسة، وقد ترجح كفة السياسي كما حدث في سوابق دولية. وختم بالتأكيد على أن قوة حجج السودان تجعل فرص انتصاره في هذه القضية كبيرة جدًا.
انقسام في التقديرات القانونية حول فرص السودان أمام المحكمة الدولية
من جهته رأى المحلل السياسي الفاتح محجوب في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن فرص السودان في كسب الدعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد الإمارات تبدو ضئيلة، مشيرًا إلى أن الإمارات استعانت بفريق من أمهر الخبراء القانونيين عالميًا. وأضاف أن هؤلاء المحامين لم ينشغلوا بالدفاع المباشر عن الإمارات أو نفي التهم، بل ركزوا على الدفع بعدم اختصاص المحكمة، بحجة أن الإمارات سبق لها أن أبدت تحفظها على بند الإحالة إلى محكمة العدل الدولية ضمن اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وهو ما يُعد سليمًا من الناحية القانونية.
وأوضح محجوب أن الفريق القانوني السوداني ركّز في المقابل على المطالبة باتخاذ تدابير عاجلة، وهو ما قد يؤدي – في حال أقرّته المحكمة – إلى إضعاف موقف الإمارات ومنع دعمها لقوات الدعم السريع، وهو أمر ذو أهمية كبيرة في سياق الحرب الجارية في السودان.
من جهته، قلل خبير قانوني – فضّل عدم الكشف عن هويته – من جدوى الشكوى السودانية، واصفًا إياها بالضعيفة وغير المدعومة بأدلة كافية على أرض الواقع. وأوضح في تصريحه لـ”أفريقيا برس” أن الاتهامات الموجهة للإمارات تستند إلى تصريحات لمسؤولين حكوميين فقط، دون مستندات ملموسة، وهو ما يجعل فرص السودان في كسب القضية محدودة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس