– الهدف الاستراتيجي لحاضنة قوات الدعم السريع الإقليمية والدولية يتمثل في السيطرة على سواحل البحر الأحمر السودانية
– الحرب الدائرة في السودان ما هي إلا حلقة من حلقات ذلك الصراع الدائر حول المنطقة ككل
المحللة السياسية مي المبارك للأناضول:
– الهجمات بالمسيرات على بورتسودان أكبر من قدرات “الدعم السريع” بما يشي بأدوار لدول أخرى من أجل تدويل أكبر لقضية السودان
– استهداف بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة يهدف بالمقام الأول إلى شل حركة الدولة السودانية
المحلل السياسي علي محمد الدالي للأناضول:
– استخدام المسيرات باستهداف المنشآت الحيوية المدنية ليس عاملا حاسما في تحقيق أهداف عسكرية
– الاهتمام بقصف بورتسودان بالطائرات المسيرة جاء كونها تقع على البحر الأحمر ما يشكل تهديدا للأمن الإقليمي
أفريقيا برس – السودان. شهدت الحرب في السودان مؤخرا تصعيدا جديدا بدخول الطائرات المسيرة في الصراع شرقي البلاد، وخاصة في مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة.
والأحد الماضي، اندلعت حرائق وسمع دوي انفجارات في بورتسودان الواقعة (شرق) جراء هجمات الطائرات المسيرة.
والثلاثاء، تواصل استهداف الطائرات المسيرة لبورتسودان، وعلقت حركة الطيران مؤقتا من المطار الدولي الوحيد، بحسب السلطات المحلية.
ولم تعلن قوات “الدعم السريع” مسؤوليتها عن هذه الهجمات منذ الأحد، كما كانت تعلن عقب هجمات سابقة كانت تشنها على مدن واقعة تحت سيطرة الجيش السوداني في شمال ووسط البلاد.
والثلاثاء، قال وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر، إن “قوات الدعم السريع هاجمت مستودعات الوقود بالميناء الجنوبي في مدينة بورتسودان”، بينما أعلنت شركة كهرباء السودان عن “تضرر محطة كهرباء السودان جراء استهدافها بطائرات مسيرة وانقطاع التيار الكهربائي”.
وفجر الثلاثاء، اندلعت حرائق في مطار بورتسودان ومحيط الميناء الجنوبي ببورتسودان إثر سماع دوي انفجارات قوية، وفق مراسل الأناضول.
وقال المراسل نقلا عن شهود عيان، إن دوي انفجارات قوية سمع في بورتسودان، أعقبه تصاعد أعمدة الدخان.
وجاءت الانفجارات والحرائق غداة إعلان وزارة الطاقة والنفط اشتعال النيران بمستودعات النفط الاستراتيجية في بورتسودان إثر تعرضها لهجوم بطائرة مسيرة قالت إنها تابعة لقوات “الدعم السريع”.
** أهمية بورتسودان
وبورتسودان الواقعة على ساحل البحر الأحمر، تعتبر المنفذ الجوي والبحري الذي تستقبل من خلاله كل احتياجات البلاد الأساسية وذلك منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في أبريل/ نيسان 2023.
وكذلك تصل عبر المدينة المساعدات الإنسانية التي ترسل لضحايا الحرب خاصة من النازحين، وهي مركز لعمل وكالات الأمم المتحدة، ومقر للبعثات الدبلوماسية في البلاد.
والاثنين، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلقه إزاء التقارير الأخيرة أعقاب غارات بطائرات مسيّرة التي نفذتها قوات الدعم السريع في بورتسودان.
بدوره، أوضح المتحدث باسم الأمين العام الأممي فرحان حق، الاثنين، أن هذه الهجمات لم تؤثر بشكل مباشر على أنشطة الأمم المتحدة في المدينة، مع الإشارة إلى تعليق الرحلات الجوية مؤقتًا من وإلى المدينة.
ومنذ فترة، تتهم السلطات السودانية قوات “الدعم السريع” بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية، دون تعليق من الأخيرة.
وفي الآونة الأخيرة تكررت ما قالت السلطات إنها هجمات لـ”الدعم السريع” بطائرات مسيرة على محطات الكهرباء بمدن السودان الشمالية: مروي، ودنقلا، والدبة، وعطبرة.
** تنافس إقليمي دولي:
ويرى المحلل السياسي طارق عثمان، في حديث للأناضول، أن “الحرب الجارية منذ أبريل 2023 هي مظهر للتنافس الدولي والإقليمي الحاد حول منطقتنا بما فيها حوض البحر الأحمر، الذي يستمد أهميته الإستراتيجية والجيوسياسية من موقعه الجغرافي الفريد، ما يجعل منه النقطة الأكثر تنافسا وصراعا بين القوى العظمى”.
وأضاف عثمان: “الهدف الاستراتيجي المحدد من قبل حاضنة قوات الدعم السريع الإقليمية والدولية يتمثل في قطع الحبل السري، من خلال السيطرة على سواحل البحر الأحمر السودانية الممتدة لمئات الكيلومترات، ووضع اليد على المنافذ البحرية الرئيسية للبلاد”.
واعتبر أن “الحرب التي تشنها الدعم السريع على الشعب السوداني، ما هي إلا حلقة من حلقات ذلك الصراع الدائر حول المنطقة ككل، وسينتهي دور تلك القوات بمجرد نضوج خطة السيطرة على الممر المائي الاستراتيجي لصالح أي من أطراف الصراع الدولية والإقليمية”.
ويرى عثمان، أن “المستهدف من الحرب ليس شرق السودان فحسب، وإنما الشرق الكبير؛ الذي يضم البحر الأحمر بجزره وخلجانه وسواحله، ومنطقة القرن الإفريقي بمواردها، وذلك عبر إعادة تشكيل خارطة المنطقة ككل”.
** شل الدولة
ترى الصحفية والمحللة السياسية مي المبارك، أن استهداف الطائرات المسيرة لبورتسودان، أكبر من قدرات “الدعم السريع” بما يشي بأدوار لدول أخرى من أجل تدويل أكبر لقضية السودان.
وأضافت المبارك للأناضول، أن استهداف بورتسودان يهدف بالمقام الأول إلى شل حركة الدولة السودانية، ودولاب العمل فيها بشكل تام، وذلك ليس بغرض الضغط على الحكومة للذهاب إلى التفاوض كما يبدو ظاهريا، بل “تنفيذا لمخططات خارجية حتى يسهل إخضاع السودان للدول صاحبة الأجندة والمتدخلة بالحرب ولها مصلحة في المنطقة والقرن الإفريقي”.
وتشير إلى أن “التأثير الكبير لاستهداف منشآت حيوية في بورتسودان، حيث شمل الكهرباء والوقود والمطار ما يعني أن العاصمة الإدارية المؤقتة التي تتواجد فيها المؤسسات الحكومة والسفارات أصبحت غير آمنة، وهذا قد يعجل بمغادرتها كما حدث سابقا في العاصمة الخرطوم عندما اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 2023”.
* المسيرات لا تحقق انتصارا
كما أن الخبراء العسكريين يرون أن الطائرات المسيرة لا يمكن أن تحقق انتصارا في هذه الحرب إلا بوجود مشاة على الأرض، وهذا لا ينطبق على استهداف مدينة بورتسودان، فقد ظلت ولايات الشرق الثلاث “البحر الأحمر والقضارف وكسلا” ولايات آمنة طوال فترة الحرب.
ويرى المحلل السياسي علي محمد الدالي في حديث للأناضول، أن “استخدام الطائرات المسيرة في شرق السودان يسعى لخلخة الاستقرار في مدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة من خلال تدمير محطات الكهرباء ومستودعات الوقود”.
وأضاف: “لكن هذا فعليا لن يؤثر على السيطرة في منطقة الشرق باعتبار أن الجيش يتمدد من شواطئ البحر وحتى النيل في الخرطوم”.
واستبعد الدالي أن يكون “استخدام المسيرات باستهداف المنشآت الحيوية المدنية عاملاً حاسماً في تحقيق أهداف عسكرية”.
وأردف: “الطائرات المسيرة يمكن تعطيلها أو إسقاطها قبل أن تصل لأهدافها، دون أن نغفل أهميتها في المعارك”.
وأشار الدالي، إلى أن “الاهتمام بقصف بورتسودان بالطائرات المسيرة جاء كونها تقع على البحر الأحمر ما يشكل تهديدا للأمن الإقليمي”.
ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.
ومؤخرا، بدأت تتراجع مناطق سيطرة “الدعم السريع” لصالح الجيش في عدة ولايات، خاصة في الخرطوم، التي استعادت القوات النظامية فيها مقار مهمة مثل القصر الرئاسي، ووزارات حكومية، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي عموم السودان، لم تعد “الدعم السريع” تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان، وجيوب محدودة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب 4 من ولايات إقليم دارفور الخمس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس