بقلم : بدرالدين خلف الله
أفريقيا برس – السودان. شغلت قضية تهريب الذهب الرأي العام السوداني لسنين طويلة وأثارت العديد من الاستفهامات حول التهريب المستمر للسلعة الاستراتجية للاقتصاد السوداني. ووصلت الاتهامات للسلطات السودانية نفسها بالتساهل والتواطؤ في عملية تصدير الذهب عبر مطار الخرطوم وعبر المنافذ الحدودية. واتسعت رقعة تهريب الذهب في الآونة الأخيرة لاسيما بصورة كبيرة. ويخشى كثيرون من تحول ثروات السودان إلى عمليات تهريب ونهب مما ينعكس على اقتصاده المنهار.
ورغم سقوط نظام الرئيس السوداني عمر البشير الذي انتشر تهريب الذهب في عهده، لكنه عاود في فترة الحكومة الانتقالية بنفس الوتيرة مما جعل العديد من المهتمين والخبراء يطلقون تحذيراتهم ويطالبون بتشديد الرقابة والعقوبة لكل من يقوم بتهريب الذهب.
وفي خضم الإطاحة بنظام البشير ، أعلنت قوات الدعم السريع ، ضبط طائرة تابعة لشركة “مناجم” المغربية والتي تنقب عن المعادن في السودان على مساحة 24 ألف كيلو متر بولاية نهر النيل خلال محاولتها تهريب 241 كلغ من ذهب الولاية. بيد أن الشركة أوضحت بأن لديها تصديق صادر من بنك السودان المركزي. وحذرت شعبة مصدري وتجار الذهب في السودان من وجود جهات تشتري كميات كبيرة من الذهب مستغلة بذلك الأوضاع التي تمر بها البلاد. وأوضحت شعبة مصدري الذهب بالغرفة التجارية السودانية، في بيان سابق أن ما نسبته 70% من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى مصر عبر الطريق البري.
سياسات جديدة
و للحد من سياسيات التهريب وتخريب الاقتصاد السوداني أجاز قطاع التنمية الاقتصادية بمجلس الوزراء السوداني توصية خاصة بسياسات ضبط الصادرات والواردات. كما تتضمن تلك السياسات، التحكم في تصدير الذهب والقطن والصمغ العربي والسمسم بالاضافة إلى تقييد استيراد السيارات، وحصر ذلك على الوكلاء المعتمدين. وذكر مجلس الوزراء السوداني، في بيان، أن تلك السياسات تتضمن الإسراع في تطبيق النظام الالكتروني، والعمل بنظام النافذة الواحدة لتسهيل الرقابة على الصادرات والواردات، فضلا عن مراجعة الرسوم المفروضة على المنتجات المحلية.
تطورات
وبحسب متابعين فإن إهمال الحكومة الانتقالية لصادرات الذهب يعتبر أحد أسباب تدني قيمة العملة الوطنية الذي انعكس على ارتفاع تكاليف المعيشة في السودان.
اعتراف
في ذات السياق أصدرت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير بياناً شديد اللهجة اتهمت فيه الجهات التنفيذية العليا بتدهور اقتصاد البلاد. وقالت اللجنة الاقتصادية في بيان تلقى موقع أفريقيا برس نسخة منه إن اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير حذرت منذ وقت مبكر إلى هذه النتائج الكارثية للسياسات الاقتصادية ؛ وطرحت برنامجا وطنيا بديلا يعتمد على حشد الموارد الداخلية ليصبح العون الخارجي في حالة وجوده عاملا مساعدا. وأشارت إلى أن سلعة الذهب تستطيع المساهمة في تحقيق عائدات مهمه بإمكانها معالجة الأزمة الاقتصادية الحالية.
وتابع البيان “للسياسات الاقتصادية التضخمية الخاطئة التي تم تطبيقها خلال عام ونصف؛ والتي لم ينتج عنها سوى المزيد من التدهور الاقتصادي والافقار للشعب؛ وارتفاع وفوضى الأسعار وأزمات ندرة الوقود ومضاعفة سعر الجالون إلى أكثر من عشرين ضعفا وأزمة الغاز والخبز والكهرباء والدواء وارتفاع تكلفة المواصلات؛ وتدهور قيمة العملة الوطنية بمعدلات ووتائر غير مسبوقة.
تهريب مقنن
الصحفي السياسي محمد مصطفى يرجع أسباب تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم إلى ضعف وكثرة اللجان المتعددة التي تعمل في المطار كأجهزة الشرطة والأمن والمخابرات والجمارك والجيش. وأشار مصطفى لتداخل عمل تلك الأجهزة وضعف الرقابة والمحاسبة مما ساهم في تهريب الذهب بكميات كبيرة. ولفت إلى أن عملية التهريب تتم عبر طرق منظمة من قبل عصابات متخصص في التهريب. وقال خبراء في الاقتصاد السوداني إن إنتاج السودان من الذهب يصل حاليا في المتوسط إلى 100 طن، وقد كان في 2017، نحو 107 أطنان وفي 2018 نحو 93.6 طنا، حسب بيانات رسمية.
ويشيرون إلى أن إنتاج المعدنيين التقليدين “أفراد وشركات صغيرة” 85% من إجمالي إنتاج الذهب في السودان بينما يحوز إنتاج القطاع المنظم على نسبة 15% من إنتاج الذهب الذي تسهل متابعته ومراقبته.
وقدر تقرير سابق لوزارة المعادن السودانية الفرق بين المنتج من الذهب في السودان وبين المصدر إلى الخارج بقيمة تتراوح بين 3 مليارات و4 مليارات دولار سنوياً، ويمثل تصدير الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات البلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حسب تقرير وزارة المعادن السودانية.
ويعاني السودان منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019 من أزمة اقتصادية حادة انعكست على أوضاع شعبه حيث بلغ التضخم أكثر من 300%وقارب سعر الدولار الواحد 500 جنيه.