بقلم : خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. رسومات متعددة برزت بكل وضوح على جدران ذكرى أكتوبر التي يحتفي بها السودانيون في يوم 21 من كل عام، هذه الذكرى ورغم مرور أكثر من نصف قرن عليها، بيد أن هذه المرة تمازجت ألوان بين مكونات السودانيين السياسية خاصة فرعي الحرية والتغيير والذي ينظر اليهما المراقبون بأن خلافاتهما ترتكز على صراع بين المؤيدين و المعارضين للحكم المدني.
سيلان الدم
عبدالله حمدوك قال في شأن ذكرى أكتوبر: “لقد أسمعت الجماهير صوتها، وأوصلت رسالتها بأنْ لا تراجع عن أهداف الثورة ولا مجال للردة عنها”. وتعهد حمدوك بأنه سيواصل العمل على إكمال مؤسسات الانتقال وتحقيق أهداف الثورة.

في السياق ندد رئيس حركة كوش، أسامة دهب خلال حوار مع ’’أفريقيا برس’’ محاولة اختطاف ذكرى أكتوبر من قبل مجموعة محددة، مؤكداً الاجماع على رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك. وشدد على الاستمرار في مسيرة الاصلاح وعدم الخضوع تحت سيطرة فرد أو كيان يعمل لصالحه، متهماً مجموعة “المجلس المركزي”، في الحرية والتغيير بعدم مراعاة مصلحة البلاد.
وأضاف دهب: “ذكرى أكتوبر ملك السودانيين جميعاً”، مُعلناً الالتزام بمدنية الدولة وعدم التسليم للعسكر، وحث دهب على توسعة أبواب المشاركة خلال فترة الانتقال. وطالب دهب القيادي في تحالف الحرية والتغيير مجموعة “الميثاق الوطني”، شركاء الحكم الاعتراف بالفشل كما التباهي بالنجاحات. وتابع قائلاً: “هذه الكراسي التي تجلسون عليها مُخضبة بدماء الشهداء”.
وأعلن وقوفه مع اعتصام القصر، وإجراء الاصلاحات السياسية للتحالف الحاكم، والتعديلات على الجهاز التنفيذي بما يتسق مع متطلبات الوقت الراهن. وأشار دهب لضياع عامين من عمر الانتقال دون تحقق أدنى أهداف الثورة خاصة العدالة الانتقالية وحل المشكلات الاقتصادية، لافتاً لزيادة معاناة السودانيين.
في المقابل الصحفي أحمد حمدان يروي لـ’’أفريقيا برس’’، بأن إصابته في الرأس خلال مواكب ذكرى اكتوبر، وتدفق الدم يأتي في سياق الاحتفاء بالحكم المدني وتدعيم أركانه. ويُشير الصحفي حمدان؛ إلى أن الشعب السوداني حسم خياره بشأن الدولة المدنية، مغلقاً باب عسكرة الدولة والسيطرة على مفاصلها.
هروب الأيقونات

القيادي بتجمع المهنيين “الإصلاح”، حسن فاروق، يوضح لـ’’أفريقيا برس’’، أن ذكرى أكتوبر؛ أعلنت وجود قوى الشارع الذي يؤكد بأنه حارس الثورة. ويرى فاروق أنه لا توجد رؤية أكثر من المضي في طريق المنافسة على أطول ثورة في العالم، مضيفاً: “هذه رؤية بأن الثورة مستمرة، كما أنه تم التأكيد على عدم وجود أي قوة للنظام المباد الذي أصبح من الماضي”.
وشدد على أن ذكرى اكتوبر أعادت تجديد الدعم والسند لرئيس الوزراء حمدوك، وأن حكم العسكر انتهى إلى غير رجعة في السودان. وقال إنه لا توجد رؤية أوضح من هروب الأيقونات التي هزمت الثورة وخانتها وباعتها من الشارع، مشيراً لتلك الرسائل التي وصلت إلى بريد النخب التي تدعي الوصاية على الشارع.
ويعتقد فاروق بأن البعض كان يرى حق تحديد مصير الشعب، مبدياً أسفه لظهور قيادات أصبحت ذكريات لدى السودانيين، وقال: “في الواقع هم مع تمكين الكيزان الجدد”. ويرى فاروق أن من مكاسب ذكرى أكتوبر؛ عملية إعادة الفرز لمن يقف مع الشعب، مضيفاً: “المرة المقبلة لن يستطيع البعض مواجهة الشارع مثل أيقونات ذكريات الثورة”.
ووفقا لمراقبين، الثابت أنه لا قضية مركزية واضحة اتفقت حولها ذكرى اكتوبر، وكانت المطالبة بالحكم المدني والتحول الديمقراطي والرافضة للحكم العسكري هي الغالبة. مطالبات الشارع تعلقت بتكوين المجلس التشريعي، وبإسقاط الشراكة مع العسكر، وتحقيق العدالة.

المشهد الآن منقسم إلى ثلاث أقسام، كما يرى الصحفي والمحلل السياسي معتصم عبدالغفار، الذي يشير لاعتصام القصر الجمهوري المعارض لحكومة حمدوك وينادي بحلها. وأفاد عبدالغفار خلال حوار مع ’’أفريقيا برس’’، بأن المطالبات تتعلق بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تنهي معاناة السودانيين وتكون حاضرة للانتخابات.
كما نوه عبد الغفار إلى أن قوى لجان المقاومة والشيوعيين ضد المدنيين والعسكريين، إضافة إلى مطالبات بعلمانية الدولة وتفكيك الجيش. كما لم ينسى الصحفي والمحلل السياسي الإشارة لمؤيدي الحرية والتغيير “المجلس المركزي”، الداعمين لحكومة حمدوك والذين يرون أن العسكر سبب المشكلات الراهنة.
ويرى عبد الغفار؛ أن المطلوب هو ترجمة الموضوع لقضايا ملموسة تخدم الانتقال الديمقراطي والسلام والمواطنة بلا تمييز لتؤدي إلى اصلاحات حقيقية في أجهزة الانتقال. وأوضح عرمان أن الثورة التي لا تطعم ثوارها وشعبها ليست مكتملة الأجنحة، وأن تعدد مراكز القيادة في القطاع العسكري والأمني سيؤدي لانهيار السودان.
قوى الثورة
عدد من المراقبين يؤكدون بأن الثورة السودانية تتخطى حواجز أجهزة أمنية داخلية وخارجية، وتكالبت مخابرات دول توافقت مع بعضها البعض، على وئد الثورة السودانية. كما أشاروا إلى متسلقي السياسة وتجار الحروب الذين تحالفوا مع أحزاب متهافتة، وعسكر طامعون، لكسر إردة الشعب وهزم ثورته، بيد أن ذكرى أكتوبر متعددة الألوان أبهرت الجميع بلوحتها.

وفي السياق القيادية في حزب البجا المعارض ستنا محمود، قالت لـ’’أفريقيا برس’’، بأن الشارع قال كلمته في دعم التحول المدني الديمقراطي. وشددت على استكمال هياكل السلطة والمجلس التشريعي وتسليم السلطة للمدنيين، وتنفيذ اتفاق السلام وعلى رأسها الترتيبات الأمنية حتى الوصول بجيش واحد وطني مهني.
وطالبت ستنا خلال حديثها مع ’’أفريقيا برس’’؛ باستمرار عمل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو. وأكدت بأن ذكرى أكتوبر قد جددت وحدة قوى الثورة الحية، مشيرة بأنها ظلت تدافع عن الثورة والدولة المدنية. وأضافت” هذه رسالة قوية للذين يحاولون العبث بمكتسبات ثورة ديسمبر”.
يعود رئيس حركة كوش، أسامة دهب،عبر ’’أفريقيا برس’’، مفنداً مزاعم فتح أبواب التعامل مع منسوبي النظام المباد، مشيراً لمحاربتهم لنظام البشير طوال فترة حكمه. وأعلن عدم السماح لأي عنصر من النظام البائد بالمشاركة في أنشطة تحالف الحرية والتغيير “الاصلاح”، ولكنه شدد على عملية التوسعة السياسية.
هذا ويعتقد مراقبون أن مايجري من صراع حالياً بين فرقاء الحرية والتغيير من جانب والمكونين العسكري والمدني من جانب آخر يندرج في سياق الديمقراطية والرد عليها. وأكدوا بأن المخرج هو التمسك بالوثيقة الدستورية والمضي في تنفيذ بنودها مهما تطلب الأمر.