حرب أوكرانيا.. هل تدفع الخرطوم للدخول في تحالفات جديدة؟

184
حرب أوكرانيا.. هل تدفع الخرطوم للدخول في تحالفات جديدة؟
حرب أوكرانيا.. هل تدفع الخرطوم للدخول في تحالفات جديدة؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في الوقت الذي وصلت فيه صواريخ بوتين العاصمة الأوكرانية كييف، كان الفريق حميدتي الرجل الثاني في الدولة السودانية يستقبل استقبال الفاتحين هناك في موسكو، عاقدا مشاورات مكثفة مع المسؤولين الروس تضمنت تعميق وتطوير أوجه التعاون بين الجانبين في كل المجالات، وبين زيارة حميدتي للدب الروسي، وغزو روسيا لأوكرانيا تبرز أسئلة عديدة في الشأن السوداني، أهمها؛ هل تداعيات الحرب سترسم خارطة جديدة للتحالفات؟ وهل الحرب ستجبر الخرطوم للانحياز لأحد المحاور؟ وهل الزيارة محاولة للتقارب مع روسيا والابتعاد عن الغرب؟ أم بمثابة إمساك للعصا من المنتصف؟

مآلات مظلمة

عبلة كرار ، قيادية في حزب المؤتمر السوداني وقوى الحرية والتغيير

وترى القيادية في حزب المؤتمر السوداني وقوى الحرية والتغيير، عبلة كرار أن التقارب بين العسكر وروسيا ظل موجودا وتمظهر أخيرا في الزيارة المحيرة للنائب الانقلابي في هذا التوقيت الحساس، وتضيف عبلة: “مع انطلاقة أولى رصاصات الحرب على أوكرانيا مال العسكر للمعسكر الروسي والذي وضعهم في خط مواجهة مكشوفة الوجه مع الغرب”، وأعربت كرار عن أسفها الشديد لإدخال السودان في هذا الصراع الذي كان يجب أن يكون بعيدا عن حدوده، ورأت إنه ليس من الحكمة تعقيد الراهن في السودان داخليا، باللعب على أوتار المحاور والدخول في هذا الصراع، وأردفت: “كان يجب على اللذين يديرون علاقات السودان خارجيا أخذ العظة من تدخلنا في حرب العراق والكويت وما ترتب على هذا التدخل من آثار موجعة، وأول من تضرر منها كان المواطن البسيط، وقالت عبلة لموقع “أفريقيا برس”: “للأسف الشديد الانقلابيون في كل مرة يكررون نفس أخطاء سلفهم البشير ويدخلون معهم البلاد في مآلات مظلمة بائسة”، وفي نظر عبلة فإن السياسية الخارجية يجب أن لا تقوم على أساس الضدية والمعية، بل يجب أن تنبني على سياسة خارجية متوازنة وجيدة بما يحقق للسودان التقدم الاقتصادي للسودان.

ماذا تريد روسيا من السودان؟

الرشيد أبوشامة، السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية

و يبتدر السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية، الرشيد أبوشامة حديثه لموقع “أفريقيا برس” بالقول: “دعوة حميدتي لزيارة روسيا جاءت من الحكومة الروسية، لذلك لابد من أن نسأل، ماذا تريد روسيا من حميدتي أو ماذا تريد من السودان؟” قبل أن يجيب قائلا: “روسيا تأمل بأن يكون لها وضع جديد في السودان سيما في موقعه الجغرافي كالبحر الأحمر كما أنها تطمح بأن يكون لها به مركز بحري” واضاف: “روسيا شعرت مثلها ومثل الغرب بأن حميدتي له وزن كبير وقوة عسكرية كبيرة تحت إمرته، كما شعرت بأنه يحارب الهجرة الغير شرعية ويمنع المهاجرين من التدفق لأوروبا، لذلك تريد روسيا أن تكسبه في حال كان الرئيس القادم للسودان، وتوقع ابوشامة أن تغري روسيا حميدتي بأسلحة مقابل خلق معه شراكة وعلاقة صداقة واسعة، وبذلك يحقق لها طموحاتها في السودان، وحول سؤال؛ ماذا إن كان حميدتي يريد أن يتجه شرقا ويتخلى عن المعكسر الغربي؟ يقول الرشيد: “هذا يتوقف على دبلوماسيته في حال يريد أن يتواصل مع الغرب أم لا، وجزم بأنه لن يقطع علاقته مع الغرب لأن بذلك سيفقد الكثير وسيفرض عليه عقوبات”، داعيا إياه أن ينتهج سياسة خارجية متوازنة تجمع بين الغرب والشرق ويكون الرابح فيها السودان.

جرم كبير

أحمد حضرة، عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير
أحمد حضرة، عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير

أما عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أحمد حضرة يقول لموقع “أفريقيا برس”: “إن توقيت انضمام السودان لحلف روسيا الآن غير مناسب إطلاقا بغض النظر عن دوافع وغرض زيارة حميدتي سيما بعد تصريحاته التي دعم فيها روسيا ومغالطة حقها في الدفاع عن نفسها وهي التي تشن الحرب والتي قد تقود لاحتلال أوكرانيا وتقسيمها بعد الاعتراف الذي تم بفصل اقليميين موالين لموسكو”، ويضيف: “الآن هناك تصعيد دولي كبير ضد ما قامت به روسيا وتصنيف السودان بموقفه الذي أعلنه في دعم معسكر روسيا ضد العالم بأجمعه يؤكد موقفه وانحيازه للمعسكر الشرقي”، معتبرا إياه بالجرم الكبير في حق البلاد على اعتبار أن ذلك شأن المعنيين بالسياسة الخارجية والذي يجب بحسب حضرة أن يقر ويجاز في مؤسسات متخصصة تراعي مصلحة الوطن، وما سينعكس على البلاد جراء اتخاذ مثل هذا القرار، معربا عن أمله بأن لا يكون القرار كارثيا، وختم حديثه: “روسيا ستتعرض لعقوبات اقتصادية كبيرة ولعزلة دولية ولن يكون بمقدورها تقديم دعم خارجي لآخرين في المستقبل القريب، وتساءل: “هل نحن ضد العالم بأجمعه ومع روسيا؟” قبل أن يجيب قائلا: “تبعات هذا الموقف والزيارة ستظهر لاحقا وستؤثر حتما تأثير سلبي على البلاد”.

سياسة فاشلة

عبداللطيف محمد سعيد، كاتب صحفي ومحلل سياسي

فيما بدأ الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ، عبداللطيف محمد سعيد حديثه مع “أفريقيا برس” بسؤال جوهري مفاداه: “هل هناك تحالف حقيقي بين السودان وروسيا؟ قبل أن يجيب قائلا: “التحالف مع روسيا يعني الابتعاد عن القوانين الإسلامية وعن أمريكا ونحن لم نفلح في هذا ولا ذاك ولم نستفد من روسيا بشيء، فهل سنتضرر من غزوها لأوكرانيا؟” والاجابة بحسب سعيد “لا أعتقد”، ويضيف: “المشكلة بين روسيا وأمريكا وهي مشكلة مصالح في المقام الأول، وأردف: “في أيام البشير ابتعدنا عن أمريكا ولم نكن متقاربين مع روسيا، وبعد البشير لم تتغير الأمور كثيرا وحتى الآن النظرة لنظام الحكم في السودان لم تتجاوز انه امتداد للنظام السابق والعالم لم يقدم للسودان شيئا”، وأبدى سعيد دهشته من زيارة حميدتي لروسيا في هذا التوقيت الحرج، مشددا على ضرورة انتهاج سياسة خارجية مجددة ومبنية على المصالح وعلى المحاور بعد معرفة أين تكمن مصلحة السودان، معتبرا الزيارة بمثابة مسك للعصا من المنتصف، والتي في نظر سعيد سياسة فاشلة ولن تفيد البلاد في شيء؛ وختم سعيد حديثه بالقول: “لم يكن الوقت مناسبا لهذه الزيارة لذا يصعب التكهن بالهدف من ورائها”، مستدركا: “إلا اذا كان حميدتي يعمل خارج إطار السياسة الخارجية للدولة والتي بحسب عبداللطيف من المفترض أن تنأى عن المحاور على الأقل في الوقت الحالي”.

وضع صحيح

العميد ياسر أحمد الخزين، خبير عسكري

كذلك، يقول الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين في إفادته لموقع “أفريقيا برس”: “إن زيارة حميدتي لروسيا بداية لحفظ توازن القوة بين المعسكر الشرقي والغربي سيما بعد اتجاه السودان للمعكسر الغربي في اعقاب سقوط البشير” والذي بحسب الخزين لم ينل منه ما يصبو إليه بل تم بسببه تفكيك هيئة عمليات جهاز المخابرات العامة، كما كان الاتجاه السائد فكفكة الجيش وهو ذات الأمر الذي جعل البرهان يعمل إعادة إصلاح في قرارات 25 اكتوبر، منوها الى أن زيارة حميدتي لوضع الصورة في إطارها الصحيح، خاصة بعد طلب السودان من روسيا -بعد سقوط البشير- سحب نواة قاعدتها على سواحل البحر الأحمر، فبهذه الزيارة يقول الخزين: “يكون السودان قد فتح النافذة لتستخدم روسيا حق الفيتو ضد أي مشروع قرار -غربي أو أمريكي- ضد السودان خاصة في مايتعلق بشأن التسليح للجيش السوداني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here