أفورقي في الخرطوم.. هل يُسدل الستار على مسلسل الصراع المزمن بين البلدين؟

35
أفورقي في الخرطوم.. هل يُسدل الستار على مسلسل الصراع المزمن بين البلدين؟
أفورقي في الخرطوم.. هل يُسدل الستار على مسلسل الصراع المزمن بين البلدين؟

افريقيا برسالسودان. ربما كان السودان من أكثر البلدان التي زارها اسياس افورقي رئيس دولة اريتريا، وربما أيضاً كان هو الأكثر خلافاً وصراعاً معه حتى أكثر من خصمه التقليدي اثيوبيا التي تم التصالح معها عبر اتفاقية سلام، وحتى في عهد حكومة الثورة زار الرئيس أفورقي السودان مرتين والثالثة بدأت صباح ، حيث انخرط فيها رأسا الدولة في البلدين في مباحثات جرت ظهراً في القصر الجمهوري، وترأس الجانب السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، بينما ترأس بطبيعة الحال الجانب الاريتري الرئيس اسياس افورقي .ومن المتوقع أن تتناول الزيارة العلاقات الثنائية بين البلدين وأزمة سد النهضة.

وتأتي أهمية العلاقة بين السودان واريتريا ليس بحكم الجوار التقليدي، ولكن لأن أسمرا لها تقاطعات مهمة في قضايا شرق السودان، وهو امر كان سبباً رئيساً في مسلسل توتر العلاقات بين البلدين منذ استقلال إريتريا عن اثيوبيا في مطلع التسعينيات من القرن الماضي .

وبالرغم من أن افورقي ظل يزور الخرطوم في مرات عديدة في عهد النظام البائد، لكن العلاقات ظلت متقلبة واتسمت بالتوتر في العديد من السنوات.

أولى محطات التوتر

اتهمت الخرطوم أسمرا بإيواء المعارضة السودانية هناك، بينما وجهت إريتريا اتهاماً مماثلاً للحكومة السودانية بأنها تقوم باحتضان جماعات إسلامية مناوئة لها بعد عام واحد من استقلال إريتريا في عام 1993م.

وفي عام 2002م اتهم الرئيس المخلوع البشير إريتريا عبر كلمة القاها في البرلمان، بأنها قامت باعمال عدائية في شرق السودان ووصف أعمالها بالخيانة، وقال إنها تعادي السودان في وقت مد لها فيه يد العون والتسامح .

وفي الثالث عشر من أكتوبر من نفس العام اتهم وزير الخارجية مصطفى عثمان أسمرا بأنها قامت بإسناد الهجوم المكثف الذي شنته قوات حركة جون قرنق على مدينة همشكوريب .

وعبر الأمم المتحدة اتهم مندوب السودان الفاتح عروة أسمرا بتشجيع واحتضان وإعداد وتجهيز جماعات تستهدف أمن واستقرار السودان، لكن بعد أشهر قليلة اتهمت إريتريا حكومة الخرطوم، وقالت انها اعتقلت خلية كانت تخطط لاغتيال الرئيس أفورقي وضرب أهداف مدنية، واتهمت النظام السوداني بالوقوف وراءها.

تصالح مؤقت

في عام 2005م قام الرئيس الليبي معمر القذافي بمصالحة بين البلدين، الا أنه بعد شهر قدمت حكومة الخرطوم شكوى لمجلس الأمن تتهم فيها أسمرا بتقويض عملية السلام الجارية في السودان.

تحسن آخر

وفي الثالث عشر من يونيو 2006م عقد الرئيسان السوداني والاريتري قمة في الخرطوم لإنهاء الاضطرابات في شرق السودان، وتحسنت بعدها العلاقات بين البلدين عدة سنوات.

حشد للقوات

وأعلن نظام الخرطوم آنذاك في يناير 2018م حشداً واستنفاراً للقوات المسلحة والدعم السريع في ولاية كسلا بشرق السودان، على خلفية تهديدات محتملة من الجانب الإريتري ودولة مصر في الشرق، بينما نفت إريتريا مزاعم الخرطوم ووصفتها بتبريرات مفبركة من المخابرات السودانية والإثيوبية تهدف لنشر قواتهما على الحدود مع بلادها .

بين الحقيقة والفبركة

ويرى مراقبون أنه رغم أن حكومة الإنقاذ المدحورة عرفت بإيواء الحركات الإسلامية المناوئة لبعض جيرانها ونسج المؤامرات ضدها، لكن سجالها مع حكومة أسمرا حول اتهامات مستمرة بتهديد استقرار شرق السودان لا يمكن أن يكون كله محط افتراء أو كرد فعل لعداء أو مخططات حاكتها حكومة الخرطوم، باعتبار أن للحكومة الإريترية القابضة أحلام ويوتوبيا سياسية في شرق السودان بحكم الترابط القبلي التاريخي والامتزاج العرقي بين أحد مكونات الشرق وإريتريا، ومن منطلق أهداف جيوسياسية واستراتيجية وتحقيق مصالح متشابكة مع قوى أخرى في المنطقة وخارجها. بل ربما لا ينفصل عن رؤيتها الاستراتيجية لتحقيق مصالحها في البحر الأحمر بفصل الإقليم الشرقي وفق رؤية مراقبين والاستفادة من طبيعة التمازج والتداخل القبلي بين أحد المكونات في الشرق عبر استغلال بعض العناصر لتحقيق تلك الأجندة.

الزيارة الأخيرة

ويرى المراقبون أن تحسن العلاقة بين الخرطوم واسمرا تبدو فرصتها أكبر هذه المرة، على الأقل في ظل الفترة الانتقالية التي تسعى فيها الحكومة لبناء عملية السلام في ربوع البلاد وبسطه في شرق السودان من خلال معالجة افرازات اتفاقية سلام جوبا، وهو أمر لن يتحقق ما لم تصدق أسمرا مع هذه المساعي السلمية، وتسعى بجدية هذه المرة لتأسيس علاقة حميمية دائمة .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here