الحوار مع الإمارات.. هل يوقف حرب السودان؟

45
الحوار مع الإمارات.. هل يوقف حرب السودان؟
الحوار مع الإمارات.. هل يوقف حرب السودان؟

أفريقيا برس – السودان. أثار إعلان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني، جبريل إبراهيم، عن نية النظام فتح حوار مع الإمارات جدلاً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماعي. في حين يرى البعض أن عزم الحكومة السودانية على الحوار مع الإمارات قد يساهم في وقف الحرب، يعتبر آخرون أن مقترح جبريل صائب.

وكان جبريل إبراهيم قد أعلن، نيابةً عن الحكومة السودانية، الاستعداد للتفاوض المباشر مع دولة الإمارات لمعرفة الأسباب التي تجعلها تقتل السودانيين بهذه الطريقة الوحشية عبر ميليشيا الدعم السريع المتمردة.

وقال جبريل في حواره مع قناة الجزيرة: “إن دولة الإمارات تقدم دعماً يتمثل في الأسلحة والمعدات والعتاد الحربي لميليشيا الدعم السريع، والذي يصل عبر مطارات تشادية”.

في هذا السياق، يطرح السؤال: هل الحوار مع الإمارات سيوقف الحرب؟ وكيف يرى الخبراء فكرة جبريل بشأن الحوار مع الإمارات؟

وتتهم الحكومة السودانية دولة الإمارات بدعمها لقوات الدعم السريع، حيث قدمت شكوى لمجلس الأمن بشأن هذا الدعم. كما كشفت تقارير صحفية ومنظمات دولية عن تدفق الأسلحة والذخائر من الإمارات إلى الدعم السريع عبر مطار “أم جرس” التشادي.

هذه الاتهامات تعكس تصاعد التوترات بين الحكومة السودانية والإمارات، وتثير تساؤلات حول تأثير هذا الدعم على الصراع القائم في السودان، ومدى قدرة الحكومة السودانية على مواجهة هذه التحديات في ظل الأوضاع الراهنة.

رؤية صائبة

يرى المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم “كنب” في حديثه لـ “أفريقيا برس” أن حرب السودان تندرج في سياق الجيل الرابع من الحروب التي تستهدف إخضاع الدول، مشيراً إلى أن الوكيل الحصري المنفذ لها هي دولة الإمارات. واستدل بتقارير دولية أكدت ضلوع الإمارات في هذه الحرب، وهو الأمر الذي دفع السودان إلى تقديم شكوى رسمية ضدها.

وأضاف “كنب” أن ما تناقلته جهات دبلوماسية من الوسطاء يشير إلى أن الإمارات اشترطت لإيقاف الحرب الاستحواذ على الفشقة بنسبة 50%، على أن تتقاسم إثيوبيا والسودان المتبقي بواقع 25% لكل منهما، بالإضافة إلى احتكار استئجار وإدارة مشروع الجزيرة لمدة تتراوح بين 25 إلى 50 عاماً.

وتسائل “كنب”: أليس هذا كافيًا ليجعل حديث وزير المالية جبريل حديثًا منطقيًا له أسانيده؟

وفي تقدير “كنب”، فإن حديث جبريل مفهوم في هذا السياق، ويعزز الرأي الذي طرحه رجل مخابرات سوري في بداية هذه الحرب، والذي نصح الحكومة بالتفاوض مباشرة مع الإمارات وليس مع مليشيا الدعم السريع. وقال بوضوح إنهم، في بداية الحرب في سوريا، تلقوا نصائح من أجهزة مخابرات دولية بالتفاوض المباشر مع الإمارات، وليس مع الفصائل المسلحة، لكنه أعرب عن أسفه لعدم استجابتهم لتلك النصائح حتى تطورت الحرب.

ونبه “كنب” إلى أن حديث الرجل المخضرم في المخابرات، الذي كان يشغل آنذاك موقعاً مهماً في جهاز المخابرات السوري، يدعم وجهة نظر جبريل. وخلص إلى أن هذه الرؤية صائبة، مشيراً إلى أنه ليس بالضرورة أن نستجيب لمساومات الإمارات، بل ينبغي أن تكون أهم أجندة التفاوض هي دفع كلفة إعادة الإعمار وتعويض جميع السودانيين الذين تضرروا من هذه الحرب.

رؤية المفتي

أما المحلل السياسي أحمد المفتي، فيرى في حديثه لـ “أفريقيا برس” أن الحوار مع الإمارات يمكن أن يساعد في وقف الحرب. ويعتبر أن الإمارات تقدم دعماً ضخماً، سواء كان عسكرياً أو مادياً أو دبلوماسياً، لقوات الدعم السريع. وهذا الدعم، بحسب المفتي، قد يكون له تأثير كبير على مسار الأحداث في السودان، مما يستدعي ضرورة التفاوض مع الإمارات كخطوة استراتيجية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام في البلاد.

توجه ذكي

بالنسبة للكاتب الصحفي ضرغام أبوزيد يرد ساخرا، إن ما قاله جبريل عن الحوار مع الإمارات يعد توجهًا شديد “الذكاء والدهاء السياسي”، وهو ما كان مفتقدًا من قبل الساسة والقادة السودانيين منذ الاستقلال وحتى اليوم.

وأضاف ضرغام لـ “أفريقيا برس” أنه لنفترض جدلاً أن دولة الإمارات قد وافقت على الاجتماع مع السودان لمناقشة الأسباب والمبررات التي دفعتها إلى ارتكاب الأفعال الشنيعة بحق الشعب السوداني، الذي طالما قدم لها الكثير عندما كانت طفلاً يحبو. وأشار إلى أن الرئيس جعفر نميري لم يخيب ظن الشيخ زايد فيه عندما قال له: “أريد أن تكون أبوظبي مثل الخرطوم”.

وتابع ضرغام بأن جعفر نميري، قدم للإمارات أفضل الخبرات السودانية في مجالات الإدارة والتخطيط والعمران. وقد نهضت الإمارات على أكتاف النوابغ السودانيين، ولكن عندما اكتسبت قوتها وأصبحت قادرة على إطلاق السهام، كان السودان هو هدفها. وتساءل ضرغام: “هل هو جحود أم حقد؟” قبل أن يجيب قائلاً: “لا ندري، فالجواب عند أبوظبي ومحمد بن زايد شخصياً، بعد أن نسي طلب والده من نميري الذي أوفى بوعده كسوداني أصيل”.

ويقول ضرغام إن الاجتماع المقترح هو في حد ذاته إدانة وورطة للعمر، ويمثل “كبوة النهاية” التي قد تؤدي إلى إيقاف الحرب، بعد أن يشل الله أياديهم. ويشدد على أنهم، ومن خلال مبرراتهم، قرروا إبادة شعب يصنف علميًا بأنه من أضعف البشرية، ويصفهم بأنهم الأكثر شراسة عند الغضب. ويعتبر أن الاجتماع سيكون بمثابة “المقصلة الدبلوماسية” التي ستنحر رقابهم كالخراف.

ويضيف ضرغام أن الفاتورة التي سيواجهونها ستكون باهظة، مما سيؤدي إلى إفراغ خزائنهم من الأموال المنهوبة. ويرى أن الهروب من الاجتماع سيكون أكثر إيلامًا من الموافقة عليه، حيث إن جرائمهم موثقة دوليًا، ورفض الاجتماع سيزيد من حجم الإدانة عليهم.

ويختتم ضرغام حديثه بتشجيع وزير المالية، دكتور جبريل، على هذا النوع من “الدهاء السياسي”، معتبرًا أنه ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة الحرجة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here