أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أكد بكري الجاك، الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن الاتهامات بشأن توفير “تقدم” غطاءً سياسيًا للدعم السريع هي كذبة أطلقها فلول النظام السابق.
وقال إن الدعم السريع تأسس قانونيًا قبل الثورة، وحصل على صلاحيات مستقلة من الدولة، بما في ذلك توقيع اتفاقات دولية وتفويج مقاتلين. وأضاف أن “تقدم” تأسست في أكتوبر الماضي، ولا علاقة لها بتمكين الدعم السريع.
وشدّد على أن إنهاء الحرب يتطلب شجاعة من القوات المسلحة لقبول التفاوض دون شروط، بدلًا من الاكتفاء بخطب ترفع المعنويات وتتجاهل الكارثة الإنسانية، مؤكدًا أن أقصر الطرق لإيقاف الحرب هو أن يقتنع أطرافها بأنه لا منتصر في هذه المعركة.
وأوضح أن هذا الاقتناع يفتح الطريق أمام عملية تفاوضية تبدأ بترتيبات أمنية تشمل وقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة للإغاثة، ومن ثم الدخول في ترتيبات سياسية تتعلق بكيفية إعادة بناء الدولة وتأسيس نظام حكم مدني ديمقراطي.
قوات الدعم السريع تطرح شعار القضاء على دولة ٥٦ وعودة الحكم المدني والديمقراطي في السودان… هل الدعم السريع جاد في هذا الطرح؟
هذا السؤال، أعتقد يجب أن يُوجَّه إلى الدعم السريع، ونحن في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) لدينا رؤية تهدف إلى إيقاف وإنهاء الحرب وتأسيس دولة على أساس المواطنة المتساوية، والحرية، والعدالة، بنظام مدني ديمقراطي يصون الكرامة، ويحفظ الحقوق، ويحسن إدارة التنوع.
متى تقف الحرب؟ هل بالحسم العسكري أم عبر التفاوض؟
لا نعتقد أن هذه الحرب يمكن أن تُحسم عسكريًا، فهناك فرق بين السيطرة العسكرية وبين تأسيس نظام حكم يحقق الاستقرار والسلام الإيجابي. أقصر طريق لوقف الحرب هو تسليم أطرافها بأنه لا منتصر فيها ولا حسم عسكري، وهذا سيفتح الطريق إلى عملية تفاوضية تبدأ بترتيبات أمنية من وقف إطلاق نار، ووقف العدائيات، وفتح ممرات آمنة، وإغاثة الناس، ومن ثم الدخول في ترتيبات سياسية لكيفية إعادة بناء الدولة وتأسيس نظام حكم مدني يبدأ بمرحلة طوارئ ومرحلة تأسيس وانتقال تُحسم فيها قضية الدستور الدائم، بمصاحبة برنامج شامل للعدالة الانتقالية والتعافي الاجتماعي. هذه خطوط عريضة يجب أن يتوافق عليها الفاعلون السياسيون.
هل يستجيب البرهان لمطالب وقف الحرب التي عبّرت عنها نساء خلال زيارته للولاية الشمالية، في ظل تصاعد الدعوات الشعبية لإنهاء النزاع؟
لو أن للبرهان قلبًا وعقلًا، فإنه سيستجيب لمطالب الناس قبل الانقلاب وقبل الحرب، وحتى قبل توسع دائرة الحرب. ورغم ذلك، نحن نتمنى أن يستجيب الآن، فإن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي، والسلام له قيمة عظيمة، وسينقذ الآلاف مهما تأخر.
“تقدم” بحسب كثيرين وفّرت الغطاء السياسي للدعم السريع، كما أنها وفّرت له التواصل مع العالم الخارجي.. فهل هذا صحيح؟
كذبة أن “تقدم” وفّرت غطاءً سياسيًا للدعم السريع أطلقها الفلول وبقايا نظام البشير وصدقوها. الشاهد أن الدعم السريع تأسس قانونيًا في 2013، وتم تبعيته لرئاسة الجمهورية بقانون آخر في 2017، وكما تعلم لم تكن “تقدم” تسيطر على البرلمان، بل هم نفس ثلة الانتهازيين الذين يتولون الآن.
وكما تعلم أن الدعم السريع سُمح له بتوقيع اتفاق بشكل مستقل عن الدولة مع الاتحاد الأفريقي فيما عُرف بعملية الخرطوم، وأيضًا سُمح له بتفويج مقاتلين باسم القوات المسلحة إلى اليمن، وإقامة علاقات مستقلة عن الدولة مع كل من السعودية والإمارات، بما في ذلك استلام أموال طائلة مقابل هذا التفويج. كل هذه الصلاحيات مُنحت للدعم السريع قبل ثورة ديسمبر، وبعد الثورة قام البرهان بتعديل قانون الدعم السريع لسنة 2017، أي تعديل المادة 5، والتي سمحت له بالحفاظ على استقلاليته من بقية وحدات الجيش، وتوسّع الدعم السريع وانتشر في كل ولايات السودان تحت سمع ونظر البرهان وقواته المسلحة.
أليس من المخجل أن يتفوه من قام بصناعة الدعم السريع وتمكينه بإطلاق كذبة على شاكلة “تقدم” التي تأسست في أكتوبر من العام الماضي بأنها توفر غطاءً سياسيًا للدعم السريع؟ متى سيتوقف الإسلاميون عن إطلاق الأكاذيب وتصديقها؟
قال المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان توم بيرييلو إن العديد من الجهات الخارجية تصب الزيت على النار في السودان.. برأيك ما المقصود بالدول التي أشار إليها المبعوث الأمريكي بأنها تؤجج الصراع في السودان؟
لا أدري من يعنيه المبعوث الخاص، ولكننا نعلم أن هناك تقاطعات ومصالح للعديد من الدول في السودان، وبعضها قد يكون له علاقة بأحد أطراف الحرب ويوفر لها الدعم. مثل هذه التدخلات لا تساعد على إيقاف الحرب.
هل ثمة تواصل بينكم وبين الدعم السريع بشأن حل الأزمة في السودان؟ وإن كان هناك تواصل، هل يمكن أن تطرحوا عليه قضية الخروج من المنازل، سيما أن قضية الخروج تساهم في وقف الحرب وتجعل الجيش يوافق على المفاوضات معكم؟
نحن وقعنا على إعلان أديس مع الدعم السريع في 2 يناير، وذلك الإعلان شمل بنودًا مهمة مثل وحدة السودان، ودولة المواطنة، وقضية الجيش المهني الواحد، كما شمل بنودًا تتعلق بحماية المدنيين وتأسيس إدارات من المواطنين، وكان التعويل على مصادقة القوات المسلحة على الإعلان ليكون له قيمة وتأثير.
إن مسألة موافقة الجيش ووقف الحرب، فلا أعتقد أنها مرهونة بمدى تواصلنا مع الدعم السريع ومدى استجابة الدعم السريع لتنفيذ إعلان جدة، فإعلان جدة شمل أكثر من 14 بندًا وليس به آلية للتحقق من تنفيذ بنوده.
قرار إيقاف الحرب يتطلب شجاعة من معسكر الحرب، الذي على رأسه تجلس القوات المسلحة، بأن تقبل بالذهاب للتفاوض دون شروط، وأن تقدم كل حججها وتصوراتها للحل على طاولة التفاوض، وليس عبر خطب عقيمة لرفع الروح المعنوية لقادة الجيش أكثر من مخاطبة أكبر كارثة إنسانية سببتها الحرب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس





