أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. توقع الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي، حدوث مجاعة في السودان لغياب التنسيق بين المنظمات الإنسانية والسلطات حتى تصل المساعدات لمناطق النزاع.
وشدد فتحي في حوار مع “أفريقيا برس” على “ضرورة تسهيل وصول المساعدات لمناطق الحرب سيما التي لا تتوفر بها اي مقومات للغذاء”.. وحذر من “خطر فشل الموسم الزراعي”، مضيفا “حتى لو كان هناك بزور محسنة وتقاوي في مناطق الزراعة، فإن أدوات الري والحصاد غير متوفرة وهو الأمر الذي يجعل المجاعة تحدث في السودان”.
كيف تقّيم إقتصاد السودان في ظل الحرب من حيث الخسائر والمكاسب؟
إن الحرب أثرت على اقتصاد ومصالح السودان ودولة الجنوب، والتي ضاعفت من تداعيات النزاعات داخلها، ما أدى إلى تراجع صادرات جوبا من النفط إلى 350 ألف برميل يوميا إلى 150 ألفا، كما تأثرت عائدات السودان البالغة نحو 300 مليون دولار سنويا. خط تصدير النفط المتضرر هو الأطول في أفريقيا، حيث بلغت تكلفة إنشائه نحو 1.8 مليار دولار، ويعاني هذا الخط من مخاطر تعرضه للتلف، ما يعيق اتفاق نقل النفط الخام من مناطق الإنتاج إلى موانئ التصدير، والذي تحكمه اتفاقيات دولية.
وماذا عن تداعيات الحرب على الاقتصاد السوداني؟
الاقتصاد السوداني تعرض بسبب الحرب لاستهداف وتدمير البنية التحتية، بما في ذلك مصفاة الجيلي الرئيسية التي كانت تنتج نحو 100 ألف برميل يوميا. الحرب أدت إلى انهيار المستوى المعيشي للمواطن وارتفاع معدل الفقر، إضافة إلى نهب ممتلكات المواطنين وأموالهم من قبل قوات الدعم السريع. فهجرة رجال أعمال وتجار عاملين في القطاعات الصناعية والحرفية من مشغلي الأيدي العاملة إلى دول مجاورة أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 55%.
ايضا، ضعف آلية تشغيل البنى التحتية والقطاعات الخدمية أفضى إلى تعطيل الدورة الاقتصادية وتهالك سوق الإنتاج، مترافقا مع ضعف القدرة الشرائية لشريحة واسعة من السودانيين مما زاد معدلات الفقر. فالسودان دولةً ومواطنين يحتاجون إلى دعم مادي طارئ يلبي جزء قليلا من احتياجاتهم الأساسية المتزايدة والاهتمام بالإنتاج المحلي وتطوير القطاع الزراعي لتوفير الغذاء.
ما هي تداعيات ارتفاع الدولار وانخفاض قيمة الجنيه السوداني على الوضع في السودان؟
حصل انخفاض لقيمة الجنية السوداني مقابل العملات الاجنبية منذ اندلاع الحرب، كما أدت الحرب إلى توقف 70 بالمئة من فروع المصارف، وتم نهب ممتلكات وأصول البنوك.. كذلك الحرب زادت من مشاكل القطاع المصرفي الذي كان يعاني أصلا من مشكلات قبل الحرب.
إندلاع الحرب في السودان تسبب في فشل الموسم الزراعي في الجزيرة وعدد من الولايات.. والبعض يتخوف من حدوث مجاعة حيث انعدام الغذاء في مناطق الحرب.. إلى أي مدى يمكن أن تحدث مجاعة في السودان؟
في حقيقة الأمر، يمكن أن تحدث مجاعة، وذلك عندما لا يكون هنالك تنسيق بين المنظمات الإنسانية العاملة في المجال والسلطات، لذلك يجب تسهيل وصول المنظمات إلى مناطق النزاع خاصة التي لا تتوفر فيها اي مقومات غذائية من حيث مخزون استراتيجي وعمليات زراعية.. وحتى لو توفرت البزور في مناطق الزراعة فإن كثير من الأدوات التي تستخدم في الحصاد والري غير موجودة في مناطق النزاع.. عليه يجب التنسيق بين جميع الأطراف حتى لا تحدث مجاعة.
المساعدات التي أعلن تقديمها في مؤتمر باريس.. هل هذه الدول جادة في منحها المساعدات للسودان؟ وهل تسهم في عودة الروح للسودان؟
من خلال التجارب أثبتت إن هذه الدول عندما تدعم السودان في المؤتمرات الدولية مثل -مؤتمر ابوجا ومشاكوس والدوحة – كلها لم توفي بوعودها عدا الدوحة التي أوفت بوعودها حيث تعهدت بإعادة الاعمار في السودان، لكن المجتمع الدولي عموما لم يلتزم بوعوده، وليس السودان فقط بل كثير من الدول التي لديها تجارب مماثلة في إعادة الإعمار بعد حدوث فيها حرب، لم يوفي المجتمع الدولي بتقديم المساعدات لها.
استناف مفاوضات جدة شارفت على الانطلاق.. في حال حدوث سلام بين الجيش والدعم السريع.. ماهي الخطوات الاقتصادية التي يمكن أن تتبعها الحكومة لعودة الأمور كما كانت قبل الحرب؟
أولى الخطوات في تقديري إعادة النظر في قانون الاستثمار، لجذب مزيد من الاستثمارات، وبالتأكيد يتطلب هذا وقتاً طويلاً لأن ما دمرته الحرب يتمثل في مدن صناعية كامله يحتاج إلى إعادة بناء.. السودان يملك ثروة بشرية لها من الإمكانيات ما يؤهلها لإعادة إعمار السودان وتجاوز الصعوبات وإقتراح الحلول. لذلك لابد من حشد الجهود لبناء صناعة وطنية قوية تنافسية في الأسواق الخارجية والداخلية.
كذلك لابد من إصدار تشريع خاص بالمناطق المتضررة وقانون للإستثمار وإلغاء الغرامات والفوائد ودعم التصدير وتشجيع إقامة المعارض ومحاربة البضائع المهربة. وإعداد خطة متكاملة لتأهيل المصانع المتوقفة فى الولايات الآمنة وإعادتها الى دائرة الانتاج. ودعم الانتاج لكافة السلع الضرورية خاصة المواد الغذائية والأدوية التي يمكن انتاجها محليا لتقليص الواردات. ودعم المصانع الوطنية العاملة الآن لتعويض بعض خسارتهم وللتقليل من آثار الحرب عليهم وتحفيزهم لرفع الانتاجي وإضافة منتجات جديدة وإطلاق برنامج تمويل لدعم المشاريع الإنتاجية، بمنتجات مصرفية بأرباح مرضية و مدعومة، ودراسة أي مشروع يعتبر هاماً لدعم الاقتصاد الوطني في برنامج التمويل، مع تسهيل الإجراءات المطلوبة للحصول على القروض إلى أقصى حد، والضمانات المصرفية تكون ضمانات عادية، واستئناف عملية إنتاج السلع والخدمات على نطاق واسع. ولتحقيق هذه العملية لابد من مشاركة كافة قطاعات الإنتاج وتفعيل دور كافة الموارد البشرية والمادية المتاحة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس