أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أكد الباحث السياسي والمحامي مزمل الغالي أن استهداف المنشآت المدنية والمستودعات السودانية يعد “تطورًا خطيرًا في مسار الحرب”، مشيرًا إلى أن هذا الهجوم جاء بعد نجاح الجيش في استعادة مدن عديدة وسعيه لتحرير كردفان ودارفور.
وقال في حوار مع “أفريقيا برس”، إن قوات الدعم السريع وحلفاءهم الإقليميين استخدموا هذا الاستهداف لشل حركة الجيش السوداني وصرف الأنظار عن هزائمهم الميدانية.
وأضاف الغالي أن مسؤولية إطلاق الطائرات المسيرة تقع على دول إقليمية تدعم اللوجستيات والفنية للميليشيا، مؤكدًا أن الأدلة المادية – من أسلحة إماراتية مصادرة – تعزز هذا الادعاء. وشدد على حق السودان قانونيًا في رفع شكوى دولية ضده، وعلى ضرورة جاهزية الجيش للتصدي لهذه الهجمات.
كيف ترى الاستهداف الذي طال المنشآت السودانية؟
يُعد هذا الاستهداف تطورًا خطيرًا في مسار الحرب، وجاء بعد نجاح الجيش السوداني في العمليات البرية، واستعادة العديد من المدن، وسعيه لتحرير كردفان ودارفور. وقد سعت قوات الدعم السريع وحلفاؤها الإقليميون من خلال هذا الاستهداف إلى تدمير المنشآت المدنية ومستودعات الوقود، بهدف شل حركة الجيش ومنعه من التحرك لفك الحصار واستعادة المدن التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وصرف النظر عن الهزائم الميدانية التي تكبدتها.
كما تهدف هذه القوات إلى زعزعة استقرار المناطق الآمنة التي تقع تحت سيطرة الجيش. بلا شك، يُعتبر هذا الفعل انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني.
إذن، من يقف خلف إطلاق المسيرات؟
بلا شك، هناك دول إقليمية تدعم قوات الدعم السريع من خلال تقديم الدعم اللوجستي والفني وغيره. ما يؤكد هذا الادعاء هو وجود أدلة مادية، حيث استحوذ الجيش السوداني في معارك سابقة على أسلحة إماراتية. كما اتهم الجيش السوداني دولة الإمارات بصورة مباشرة بدعم قوات الدعم السريع، وهذه التهم تستند إلى فرضيات ومعطيات واقعية تعزز هذا الادعاء.
ماذا يترتب على هذا الاستهداف؟
إنسانياً، يهدد حياة المدنيين بالخطر ويثير حالة من الخوف والهلع، ويدمّر البنية التحتية مما يفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية.
أمنياً، يوسّع رقعة الحرب ويعرض المناطق الآمنة المستقرة للخطر.
قانونياً، يحق لحكومة السودان تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي والهيئات القضائية التابعة للأمم المتحدة ضد دولة الإمارات، إذا توافرت الأدلة الكافية.
سياسياً، يزيد التوتر بين السودان والدول التي تدعم قوات الدعم السريع، وعلى رأسها دولة الإمارات.
بما أن الاستهداف تقف وراءه دول، هل سنشهد حربًا بالوكالة في السودان؟
تشير الوقائع الميدانية إلى تحوّل الحرب إلى صراع إقليمي بالوكالة؛ فالتدفق المستمر للسلاح، والدعم اللوجستي، والتمويل الضخم، واستخدام الطائرات المسيرة، جميعها دلائل على هذا التحول.
ماذا ينبغي أن تتخذه الحكومة قانونياً إذا ثبت تورط الإمارات في استهداف المنشآت؟
بما أن السودان والإمارات عضوان في الأمم المتحدة، يحق للسودان تقديم شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. كما يمكنه اللجوء إلى محكمة العدل الدولية حال توفر الأدلة وإثبات العدوان الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للسودان مخاطبة المنظمات الإقليمية، مثل جامعة الدول العربية، لبحث تداعيات هذا العدوان واتخاذ مواقف مشتركة.
هل يملك الجيش السوداني القدرة على وقف هذه المسيرات؟
في بداية الحرب واجه الجيش السوداني مشكلات عديدة، منها الأسلوب الهجومي غير المجرَّب ونقص قوات المشاة. بفضل الخبرة والمرونة، عالج هذه النقائص وحول عقيدته من الدفاع إلى الهجوم، فاستعاد مدنًا كثيرة كانت بحوزة قوات الدعم السريع. لذلك يستطيع الجيش التصدي للمسيرات، وإن كان ذلك ليس سهلاً في ظل الضغوط الاقتصادية والحصار العسكري المفروض على بعض المدن. ومع ذلك، فإن للسودان حلفاء قد يزودونه بالدعم الفني اللازم لمواجهة هذه الطائرات المسيرة.
وما السيناريو المتوقع من الإمارات بعد قطع العلاقات؟
قد ترفع الإمارات مستوى دعمها لقوات الدعم السريع، وتصعّد على الصعيدين الدبلوماسي والإعلامي لتبرير موقفها ونفي الاتهامات الموجهة إليها من السودان. وقطع العلاقات يجب أن يُنظر إليه من عدة جوانب:
أولاً، من منظور السيادة الوطنية، فإن خطوة كهذه تصبّ في مصلحة السودان لأنها تعكس موقفاً حازماً ضد أي تدخل خارجي يهدد أمنه واستقراره.
ثانياً، هي رسالة إيجابية للمجتمع الدولي مفادها أن السودان لن يقف مكتوفَ الأيدي أمام من يدعم التمرد ويهدد وحدته.
ثالثاً، تهيء هذه الخطوة الأرضية للجوء إلى العدالة الدولية؛ فبقطع العلاقات أولاً، يمكن للسودان أن يرفع دعاوى أمام المحاكم الدولية والقضاء الدولي لمقاضاة الإمارات على دعمها قوات الدعم السريع.
هل ثمة أضرار على السودان بعد قطع العلاقات؟
بالطبع، هناك أضرار اقتصادية للسودان، إذ تعد الإمارات من أهم شركائه الاقتصاديين، وقد يؤدي قطع العلاقات إلى خسارة استثمارات ووقف تحويلات مالية وغيرها من المعاملات الاقتصادية. كما قد يتضرر السودان إنسانياً بتوقف المساعدات الإنسانية والتنموية التي تمر عبر الإمارات. وعليه، يصبح قطع العلاقات ضرورياً لحماية السيادة السودانية، لكنه يتطلب سياسة خارجية حكيمة للحد من الخسائر المحتملة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس