علماء للجزيرة نت: كشفنا عن “أثر الحياة” قبل 3.3 مليارات عام

2
علماء للجزيرة نت: كشفنا عن
علماء للجزيرة نت: كشفنا عن "أثر الحياة" قبل 3.3 مليارات عام

أفريقيا برس – السودان. رصد فريق بحثي دولي دلائل كيميائية على وجود حياة مبكرة محفوظة داخل صخور يعود عمرها إلى 3.3 مليارات عام.

وحسب الدراسة التي نشرت يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة “بي إن إيه إس”، تشير تلك النتائج إلى أن التمثيل الضوئي المنتج للأكسجين كان جاريا قبل 2.52 مليار سنة على الأقل، أي أبكر بكثير مما سجل حتى الآن.

جمع الباحثون أكثر من 400 عينة تمثل طيفا واسعا يضم رواسب قديمة جدا، وفحما وخشبا وصخورا عضوية متحجرة، ونباتات وحيوانات معاصرة، بالإضافة إلى فطريات، ومواد عضوية محضرة مخبريا، فضلا عن نيازك كربونية، وأتاح لهم هذا التنوع بناء مرجع مقارن يفصل بين مواد ذات أصل حي وأخرى غير حية.

نموذج تعلم آلي

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة “روبرت هازن” الباحث في مختبر الجيوفيزياء التابع لمؤسسة كارنيجي وجامعة جورج ماسون، أن الفريق حرر شظايا كيميائية دقيقة من كل عينة بواسطة تفكيك حراري متبوع بقياس طيف الكتلة، وكروماتوغرافيا غازية، وهي تقنية فصل وتحليل كيميائي تستخدم لتمييز مكونات خليط من المواد التي يمكن تحويلها إلى غاز أو تتبخر دون أن تتحلل.

بعد ذلك، تولى نموذج تعلم آلي فحص الأنماط داخل هذا الخليط المعقد، لا للبحث عن جزيء واحد بعينه، بل لرصد توزيع متكرر من الإشارات يرتبط عادة بالأنظمة الحية.

ويقول الباحث في تصريحات لـ”الجزيرة نت” إن التصنيف بين أصل حيوي وأصل غير حيوي تجاوز في دقته 90%، ولامس 98% في اختبارات على عينات معروفة المصدر؛ لكن الأكثر أهمية أن بصمات مرتبطة بالحياة ظهرت في صخور أقدم بكثير من السجل الجزيئي التقليدي، فقبل هذه الدراسة نادرا ما أمكن تتبع إشارات عضوية موثوقة إلى أبعد من 1.7 مليار سنة.

أما بخصوص تاريخ الأكسجين، فحدد التتبع الكيميائي توقيعا يعود إلى 2.52 مليار سنة على الأقل لعمليات تمثيل ضوئي تنتج الأكسجين. يعلق الباحث: “لم نطارد جزيئا منفردا، بل بحثنا عن أنماط. الحياة لا تترك حفريات فقط، تترك أيضا أصداء كيميائية، ومع التعلم الآلي صرنا نقرأ تلك الأصداء بثقة”.

وجاء التعامل مع البيانات باحتمالات لا بأحكام قطعية، إذ احتفظت العينات الحديثة نسبيا (خلال آخر 500 مليون سنة) بإشارات قوية؛ كما ظهرت مؤشرات حياة في قرابة ثلثي العينات التي تنتمي إلى الفترة بين 500 مليون و2.5 مليار سنة.

خلف هذا الحد الزمني، تقل الإشارات إلى نحو 47%، وهو ما ينسجم مع تزايد التحول الحراري والضغطي للصخور القديمة.

المنطق البيولوجي وراء النموذج

يشير “هازن” إلى أن التمييز بين مواد عرفت التمثيل الضوئي وأخرى لم تعرفه نجح بدقة بلغت 93% على العينات الحديثة، ثم طبق على صخور قديمة لتحديد وجود العملية في زمن أبكر.

كما أظهر النموذج الذي اعتمده الفريق قدرة على الفصل بين أصل نباتي وآخر حيواني بدقة 95% في العينات المعاصرة، مع إقرار الباحثين بصعوبة أكبر عند التعامل مع السجل القديم بسبب قلة أحافير الحيوانات في بيانات التدريب.

“تشرح الدراسة المنطق البيولوجي الكامن وراء النهج: الأنظمة الحية تنتج مجموعات محدودة من الجزيئات بكثافة لأنها تخدم وظائف بعينها، على عكس الخلطات العشوائية في المواد غير الحية مثل النيازك. حتى إذا تكسرت الجزيئات الأصلية، يبقى توزيع الشظايا محتفظا بإشارة وظيفية يمكن التقاطها إحصائيا” كما أوضح الباحث.

ويرى الفريق أن الأثر يتجاوز التأريخ وحده، إذ إن تحديد زمن ظهور التمثيل الضوئي يوضح كيف ارتفع الأكسجين في الغلاف الجوي، وهو منعطف أتاح للحياة المعقدة (ومنها البشر) أن تتطور.

ويضيف “هازن” أن: “هذه التواقيع الطيفية خضعت للدراسة لعقود، لكن الذكاء الاصطناعي منحنا عدسة جديدة لاستخراج معلومة ظلت مطموسة وسط الضجيج الكيميائي”.

يشدد الباحث على أن الطريقة التي تقدمها الدراسة تكمل، ولا تعد بديلا عن أدوات راسخة مثل نسب النظائر ودراسة الحفريات، مع التأكيد على أن بعض العينات تبقى في منطقة رمادية لا تسمح بحسم نهائي.

كما يدعو الفريق إلى توسيع قاعدة التدريب بعينات أكثر توازنا، خصوصا أحافير حيوانية ومواد غير حيوية متنوعة، واختبار خوارزميات إضافية وتجربة النهج على صخور من بيئات قاحلة تشبه المريخ.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here