ماذا سيقدم محيي الدين سالم للخارجية السودانية؟

28
ماذا سيقدم محيي الدين سالم للخارجية السودانية؟
ماذا سيقدم محيي الدين سالم للخارجية السودانية؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. خلال الأيام الماضية، عيّن رئيس الوزراء، كامل إدريس، السفير محيي الدين سالم وزيراً للخارجية. يأتي هذا التعيين في وقت تشهد فيه الدبلوماسية السودانية فراغاً طويلاً، فمنذ سنوات عديدة ظلت جامدة ولم يحدث أي اختراق دبلوماسي يُذكر.. فماذا سيقدم السفير محيي الدين سالم للخارجية السودانية؟

وبحسب المعلومات التي تحصلت عليها “أفريقيا برس”، فإن السفير سالم يُعد من المخضرمين في الدبلوماسية السودانية، حيث عمل في السعودية والإمارات، وكان سفيراً للسودان في الكويت، وعمل في بعثة السودان في الجامعة العربية، إلى جانب عمله في عدد من الدول الأفريقية: إثيوبيا وجنوب السودان، ويشغل الآن منصب رئيس بعثة جامعة الدول العربية بجنوب السودان. كما تقلّد منصب وكيل وزارة الخارجية.

وشغل السفير محيي الدين سالم منصب مندوب الجامعة العربية في جمهورية جنوب السودان، إلى جانب أنه يملك خبرات دبلوماسية ممتدة في عدد من الدول ذات التأثير الإقليمي.

وبحسب مراقبين، فإن أبرز ما يميز سيرة الوزير الجديد هو فترة عمله في دولة الإمارات، والتي جاءت في أعقاب عزلة سياسية خانقة فُرضت على السودان بعد حرب الخليج. ولم تكن تلك التجربة عابرة، بل شكّلت اختباراً حقيقياً لقدراته في بناء علاقات استراتيجية في ظروف بالغة التعقيد، ونجح خلالها في ترسيخ حضور السودان في واحدة من أكثر البيئات السياسية حساسية في المنطقة.

ويرى الكاتب الصحفي عثمان ميرغني، في منشور على فيسبوك، أن تعيين سالم يمنح حكومة “الأمل” فرصة حقيقية لاختراق ملف العلاقات الثنائية مع أبوظبي، مستنداً إلى علاقاته الوثيقة بالقيادة الإماراتية، والتي تعود إلى فترة عمله في سفارة السودان هناك، حيث كان قريباً من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الاتحاد الإماراتي. ولفت إلى أن هذه الروابط، التي استمرت على المستويين الشعبي والرسمي، تمنح الوزير الجديد قدرة على الارتقاء بالعلاقات من مستوى التنسيق التقليدي إلى شراكات استراتيجية.

في وقتٍ حذّر فيه عثمان من أن الطريق أمام الوزير سالم ليس ممهداً، مشيراً إلى أن المؤسسة الدبلوماسية السودانية تعاني من اختلالات هيكلية أثّرت على أدائها خلال السنوات الماضية، وحوّلتها إلى عبء مالي على الدولة دون أن تحقق نتائج ملموسة في تعزيز مصالح السودان الخارجية. وأكد أن هذا التراجع لا يرتبط بكفاءة السفراء، بل يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة في إدارة السياسة الخارجية، ما جعل البلاد تتعامل مع محيطها الدولي بردود أفعال متفرقة، وأحياناً وفقاً لمصالح شخصية لبعض القيادات النافذة.

توجه السياسة الخارجية

وفي تعليقه لموقع “أفريقيا برس”، اعتبر المحلل السياسي الفاتح محجوب أن تعيين السفير محيي الدين سالم، الخبير في الشؤون العربية والسفير السابق في الإمارات العربية المتحدة، مؤشر على توجه السياسة الخارجية السودانية، مشيراً إلى أنه آن الأوان لأن تكون الأولوية لاستعادة الحيوية في علاقات السودان مع أشقائه العرب. مستدركاً: “ولكن بالطبع يتطلب الأمر أكثر من تعيين وزير الخارجية”، أي بحسب الفاتح، فإن الأمر يتطلب نجاحاً عسكرياً على الأرض، وتحسناً في الاقتصاد، والبعد التام عن أي عداءات مع دول الجوار ودول الإقليم والعالم، والتركيز فقط على مصالح الدولة السودانية. عندها فقط، يقول الفاتح، يمكن لجهود وزير الخارجية أن تؤتي أكلها.

محراب الدبلوماسية

بالنسبة للسفير السابق الصادق المقلي، فإن الدبلوماسية وعلاقات السودان الخارجية لا يمكن إصلاحها بالإحلال والإبدال في منصب السفير.

وأضاف: “السفير محيي الدين سالم، الوزير الجديد، ووزير الدولة السفير عمر صديق، كلاهما من السفراء المهنيين الذين ولجوا إلى باب الخارجية قبل انقلاب الإنقاذ عام 1989، أي من خلال المنافسة القومية الحرة النزيهة والامتحانات في جامعة الخرطوم التي تشرف عليها لجنة الاختيار للخدمة المدنية القومية”.

ويرى المقلي في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أنه لا أحد يشك في كفاءة وتميّز وزير الخارجية الجديد، مؤكداً أنه محراب الدبلوماسية لعشرات السنين. واستدرك: “ولكن ليست الكفاءة وحدها تحيي الدبلوماسية وينصلح حال العلاقات الخارجية”، متسائلاً: “ترى كيف تعمل الدبلوماسية في ظل الحرب وعدم الاستقرار وتعدد قنوات اتخاذ القرار والتصريحات غير المتناغمة لقيادات حكومة الأمر الواقع التي تتقاطع مع أهداف وخطط الدبلوماسية السودانية؟ وكيف تعمل الدبلوماسية في ظل العزلة الدولية والإقليمية؟”

ويقول المقلي إن هنالك عزلة لم يستطع أي من الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة منذ انقلاب أكتوبر 2021 إحداث أي اختراق لكسرها أو تجسير العلاقات، حتى مع الاتحاد الإفريقي، والعمل على إسداء النصح لقيادة حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بأن تعمل على مخاطبة الأسباب الرئيسة لهذه العزلة.

وتابع: “بل على العكس، خلال تولي جميع الوزراء لمنصب وزير الخارجية منذ انقلاب أكتوبر 2021، ظهرت الخارجية من خلال تصريحات وزرائها والناطقين باسمها كأنها فرع من فروع القيادة العامة، من حيث التحشيد وتشجيع استمرار الحرب، بدلاً من تفكير أي من أولئك الوزراء خارج الصندوق”. مؤكداً أنه في بعض الأحيان تأتي بيانات الخارجية أكثر تشدداً وتحشيداً وتعبوية من بيانات الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة وبعض قيادات الحكومة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here