أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني هيثم محمود إن تقرير قناة الحدث يفتقر للمهنية ويحمل خبثًا واضحًا، مؤكداً أنه أقرب إلى عمل استخباراتي يستهدف السودان ويخدم أجندة الإمارات الداعمة للحرب.
وأضاف في حوار مع “أفريقيا برس”، أن أبوظبي تموّل الصراع لتحقيق أطماعها في الموانئ وموارد السودان من الذهب واليورانيوم والزراعة، مستشهداً بمحاولتها السابقة لإنشاء ميناء “أبو عمامة”.
وشدد على أن ما يجري مؤامرة دولية تشارك فيها قوى غربية عبر دبلوماسييها، بينما أوضح أن معارك كردفان رغم صعوبتها كشفت قدرة الجيش على التكيف وتسجيل الانتصارات في بارا وأم روابة والرهد، مؤكداً أن صمود القوات المسلحة والشعب يجهض هذه المخططات.
وشدد على أن الدعم العسكري والمرتزقة الذين جندتهم هذه الأطراف لم يفلحوا أمام صمود الشعب وشراسة الجيش، الذي يظل السد المنيع ضد تفتيت البلاد.
وُصف تقرير القناة من قبل الكثير من المتابعين بأنه ليس تقريراً إعلامياً ومهنياً ويفتقد لعناصر التقرير الأساسية. كيف ذلك؟
أفتقد التقرير مقابلة الرئيس السابق نفسه أو مقربين منه، كما افتقدت لأقوال أي مسؤول سوداني، وهي سقطة مهنية تجعل التقرير مختلاً، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التقرير. في تقديري أن التقرير استخباراتي أكثر من كونه إعلامياً، وسبق للعربية أن أجرت حواراً مع الشهيد خميس أبكر والي غرب دارفور، بعدها حددت الميليشيا مكانه وقامت بقتله.
التقرير لا يخلو من خبث واضح لتسليط الضوء على مكان البشير لاستهدافه. أضف لذلك أن التقرير حمل مغالطات وأكاذيب عن تفاصيل حياة البشير اليومية لا علاقة لها بالواقع، ومن ثم لماذا البشير في هذا التوقيت؟ بالتأكيد الهدف معلوم ومعروف، وفي هذا تجاوز للأمن القومي.
وكيف تعلق على وقف مراسلة الحدث في السودان لينا يعقوب بسبب التقرير؟
أعتقد أن قرار إيقاف لينا يعقوب قرار صائب، ويجب أن تتخذ الدولة قرارات تحفظ الأمن القومي خاصة وأن البلاد في حالة حرب.
تقرير قناة الحدث كشف عن تواصل البشير مع حميدتي في بداية الحرب وأن البشير طلب من حميدتي وقف الحرب والآخر رفض.. كيف تعلق؟
هذه أحاديث مجالس لا علاقة لها بالواقع. البشير يقف في خندق واحد مع القوات المسلحة باعتباره قائداً عاماً سابقاً، وحزبه قدم آلاف الشهداء دفاعاً عن الوطن. حميدتي استهدف بالحرب البشير ونظامه وقُصِفت الغرفة التي يقيم بها البشير في مستشفى علياء؛ فكيف يتواصل معه لإيقاف الحرب؟ هذا محض هراء. علاقة البشير بحميدتي انقطعت منذ انحيازه للانقلاب الذي كان ضده.
ثمة من يقول إن حرب السودان تم التخطيط لها خارجياً وذلك لتقسيم وحدة السودان.. ألا تتفق مع هذا الطرح؟
نعم، الحرب خُطّط لها خارجياً لتفتيت وحدة السودان، مولتها الإمارات تحت سمع وبصر المجتمع الدولي الذي وقف متفرجاً، بل بَرَأَ الإمارات رغم تقديم السودان أدلة دامغة تدينها. المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية استمرار الحرب في السودان لأنه يشرعن لميليشيا متمردة ويغض الطرف عن دول ترعى الإرهاب.
البعض يتساءل عن دور الأجهزة الأمنية في حماية البلاد من الاختراق الأجنبي؟
لا بد من الاعتراف بأن العامل الرئيس في الحرب هو قصور معلوماتي وتأخر في اتخاذ القرار الرادع، بداية من انفتاح الميليشيا في التسليح والتجنيد والتواصل الخارجي لحميدتي، ونهاية باحتلالها مطار مروي، بالإضافة للحدود المفتوحة التي تجعل السلاح يتدفق من كل بقاع الأرض. أعتقد أن المرحلة القادمة تتطلب المزيد من اليقظة والتحوطات الأمنية والقرارات السريعة والقوية التي تمنع تكرار التمرد.
مدينة الفاشر كل يوم تثبت أنها مدينة صعبة المنال على ميليشيا الدعم السريع وذلك بتصديها المتكرر لهجمات الميليشيا.. متى يفك الحصار عنها؟ ما السيناريو المتوقع لمدينة الفاشر؟ هل ستظل صامدة أم تتكسر دفاعاتها؟
مدينة الفاشر صمدت لأكثر من عامين لعدة أسباب:
أولاً: لأن الفرقة السادسة مشاة وحدة قتال بطبيعتها، فقد ظلت تتصدى لهجمات التمرد وتقود العمليات في دارفور.
ثانياً: لأن القوات الموجودة بالفاشر متمرسة على القتال وتعرف طبيعة الأرض وتضاريسها.
ثالثاً: لأن أهلها جميعهم وقفوا خلف القوات المسلحة، وليس بينهم خونة أو عملاء للميليشيا، وتجسد ذلك في صمودهم وصبرهم.
رابعاً: حالة التجييش التي انتظمت كل المدينة حتى أن النساء حملن السلاح.
خامساً: دور القوات المشتركة الكبير في صد هجوم الميليشيا بجانب الجيش، لخبرتهم بطبيعة المعارك والأرض.
سادساً: معرفة الأرض وطبيعة المعركة والتكتيك الدفاعي الذي استخدمه الجيش ضد الميليشيا (سياسة الاستنزاف والاستدراج والانقضاض).
كل هذه العوامل جعلت الميليشيا تنهزم في 242 معركة وتفقد آلاف القتلى وعشرات القادة. ويمثل تحرير مدينة بارا الاستراتيجية نقطة أساسية في فك الحصار عن الفاشر بقطع الإمداد القادم عبر الصحراء للميليشيا وربط الطريق بين بارا وأمدرمان والأبيض، مما يسهل عملية الإمداد البشري والعسكري للجيش الذي يخطط بعناية لتحرير الخوي والنهود والدبيبات لتتجه الأنظار صوب الفاشر التي صمدت في 242 معركة هزمت خلالها الميليشيا، وهو رقم قياسي للصمود.
ستصمد مدينة الفاشر ولن تسقط إلا إذا توقف الإمداد أو نفدت الذخائر.
بالنسبة لمعارك كردفان.. المعروف أنها مناطق مفتوحة وصحاري، هل هذا يعد ميزة للجيش أم لمليشيات الدعم السريع؟
طبيعة معارك كردفان جديدة على القوات المسلحة، إذ لم يسبق للجيش أن قاتل في سهول كردفان المفتوحة والممتدة، خاصة شمال وغرب كردفان، باستثناء معارك طفيفة قبل سنوات ضد حركة العدل والمساواة إبّان تمردها في مناطق “مجرور وغبيش”. لكن الانتصارات الأخيرة وتحرير مدينة بارا، وقبلها مدن أم روابة والرهد وأم دم حاج أحمد وزريبة الشيخ البرعي، كل هذه المعطيات تؤكد أن الجيش خبر هذه التضاريس وخطط لها بعناية، بالرغم من وجود المليشيا فيها لأكثر من عامين.
هنالك أطراف دولية أشعلت الحرب في السودان وتريد استمرارها.. ماذا يمكن أن تستفيد هذه الدول من حرب السودان؟
واهم من يظن أن الجيش السوداني يقاتل مليشيا آل دقلو الإرهابية وحدها، فالحرب مؤامرة دولية ضد السودان شاركت فيها الرباعية السابقة وخطط لإشعالها “فولكر” بمساعدة سفراء بريطانيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي، وتولت تمويلها الإمارات بهدف السيطرة على موارد السودان واستغلال موانيه. إذ أن الإمارات، في إطار حرب الموانئ بعد استلامها لميناء “بوصاصو” في الصومال ووضع يدها على موانئ كينيا، خططت لإنشاء ميناء “أبو عمامة” في السودان إبّان عهد حكومة حمدوك، لكنها فشلت في الصفقة، بالإضافة إلى أطماعها في موارد السودان المعدنية (الذهب واليورانيوم والكروم) والزراعة، إلى جانب دورها القذر في تفتيت الشعوب وزرع الفتن. لذلك مولت بسخاء الحرب على السودان، واستخدمت مليشيات من شتى بقاع الأرض، واستقطبت رؤساء وقادة دول تشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى وأوغندا وكينيا وجنوب السودان وإثيوبيا، كما اشترت قادة الاتحاد الإفريقي. وقدمت دعماً عسكرياً، لو قُدم لأي مليشيا في القارة لأسقطت كل الدول الإفريقية مجتمعة، لكن إرادة الشعب السوداني وشراسة القوات المسلحة وقفت سدًّا منيعًا ضد هذه المؤامرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس





