بقلم / خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. ربما أصبحت الخيارات السلمية لوضع حداً لأزمة سد النهضة بين البلدان الثلاث شبه معدومة في ظل تصعيد وتصعيد عسكري مُضاد وتلويح بأن الحرب واقعة لامحال، حيث أن المسارات السياسية والدبلوماسية لم تؤتي أكلها رغم تحركات بين العواصم لم تنقطع لأشهر طويلة خاصة من قيادات السودان ومصر بحثاً عن مسارات آمنة .. اذا هل يكون الحل العسكري هو الخيار لفك أزمة تطاول أمدها بين الخرطوم والقاهرة وإديس أبابا.
فوهة البندقية
الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، أشعل المنطقة بقوله أن أديس أبابا مستعدة لحسم ملف سد النهضة عسكرياً. الرد المصري جاء سريعاً على لسان وزير الخارجية، سامح شكري، والذي وصف تصريحات الإثيوبيين بأنها استفزازية، لا تؤدي لتحقيق الوئام، وتؤكد على فرض الإرادة المنفردة.

ويذهب الكاتب الصحفي محمد حامد جمعة، المهتم بشؤون القرن الإفريقي، رداً علي سؤال لـ “أفريقيا برس”، حول التهديد الإثيوبي، بالقول بأن الحكومة الاثيوبية تريد لعب السياسة على حافة الهاوية. وأكد جمعة بأن أثيوبيا ترى أن خطاب الحرب تكرر من مصر والسودان، لذا تريد رفع السقف معهما، وربما هذا يحقق لهم أمرين بالنسبة لها. وأشار لهدف معنوي يدعم الثقة في قواهم العسكرية والسياسية خاصة مع تطورات حرب تغراي التي تشهد تراجع سيطرتهم. كما أشار جمعة لهدف يتعلق بالخارج والمجتمع الدولي، حيث أثيوبيا ترى أن رفع خيار الحرب سيجعل جهات كثيرة تسعى نحوهم للتهدئة. وتابع “في ظل ضغط خارجي عليها خاصة من الأمم المتحدة والإتحاد الاوربي وأمريكا”.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، أستبعد الخيار العسكري لحل الخلاف مع إثيوبيا في أزمة سد النهضة.

أستاذ السياسات الخارجية بالمركز الدبلوماسي، الدكتور عبدالرحمن خريس، يرى أن التهديدات الاثيوبية تأتي كرد فعل على التنسيق المشترك للجيشين السوداني والمصري خلال الفترة الأخيرة. ونوه أن التمرينات والترتيبات العسكرية والامنية قطعاً تخرج من مظلة الاهتمام بملف سد النهضة من كافة المستويات المتعلقة به.
مناورات جديدة
الخبير الأمني والاستراتيجي بمركز الدراسات الدولية، اللواء أمين إسماعيل، اعتبر التهديد الإثيوبي بإدارة ملف السد عسكرياً مناورة جديدة لحكومة آبي أحمد مثلما كان يناور خلال المفاوضات. وقال إسماعيل لـ “أفريقيا برس”، أن إثيوبيا غير مستعدة لأي عمل عسكري، لافتاً لضيق الخيارات التفاوضية بين البلدان الثلاث مع إقتراب موعد الملء الثاني. وأشار إلى أن السودان ومصر تحاولان الضغط عن طريق مجلس الامن الدولي، ولكن رغم ذلك هناك ترتيب وإكمال للمناورات المشتركة.
وكان الرئيس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من القاهرة، وجّه رسالة لإثيوبيا، وقال: أفضل ألا نصل لمرحلة المساس بنقطة مياه من مصر لأن الخيارات كلها مفتوحة.
ويرى الكاتب الصحفي محمد حامد جمعة، المهتم بشؤون القرن الإفريقي، بأن خيار الحرب الآن وقياساً على الظروف الإثيوبية إن وقع سيعقد أوضاعهم المعقدة أصلاً. ومضى للقول ” لكنه بشكل جدي قد يوفر للحكومة الاثيوبية سند في الشارع وتكتل خلفها وربما يُطوي أزمات محلية لصالح التوحد خلف عدو خارجي”.
كثير من المراقبين، يتفقون أنه كلما تقلصت فرص الدبلوماسية، فإن ذلك يفتح طريقا للخيار العسكري. وطالب خريس الخرطوم والقاهرة السير في طريق الضغط على إديس أبابا بالمبادرات والحلول الإفريقية، مُحذراً من القوة العسكرية المشتركة للسودان ومصر مقابل القوة الإثيوبية. وكان يعقوب أرسانو، عضو الوفد الإثيوبي، لمفاوضات السد، قال إن بلاده تمر بمرحلة عصيبة، لكنه أردف قائلا أنه لاتوجد قوة يمكنها تغيير موقف أديس أبابا.
كارثة مُحتملة
يبدو أن السودان سيكون هو المتضرر الأكبر حال قيام أي صراع مسلح، ويرجح جمعة أن يكون التلويح الإثيوبي مرتكز على موقف مع فرضيات التكتيك. وأضاف ” قد يكون خيار وارد بشدة إن اضطروا إليه خاصة حال تعرض السد لضربة، حينها ليس لإثيوبيا ما تخسره”.
واستبعد خريس أن يكون العمل العسكرى المنظم حاضر فى أجندة الجيش السوداني ونظيره المصري، نظراً للضرر المحتمل على سد الرصيرص و 20 مليون نسمة من السودانيين. وأضاف” العمل العسكري هو لأجل التهديد و ان حدث فهو كارثة بالقرن الإفريقي”، مُبيناً ضرورة دراسة السودان ومصر لكل الحلول السلمية.
وكان وزير الخاريجة المصري قال “حال وقوع الضرر بالتأكيد لن تتهاون الدولة المصرية في الدفاع عن مصالح شعبها”.

الخبير الأمني والاستراتيجي بمركز الدراسات الدولية، اللواء أمين إسماعيل، نوه خلال حديثه لـ “أفريقيا برس”، أن تدريبات نسور النيل وحماة النيل بجانب ماورات برية أخرى أقتربت من الهدف. وتابع بالقول” رغم كل هذا فان الخيار العسكري مازال بعيداً ليكون حلاً لأزمة سد النهضة”، مبرراً بعدم صمود الدول الثلاث أمام عمل عسكري منظم.
يُشار أن واشنطن وأوروبا، ترفضان الحل العسكري للأزمة، وتميلان لحل سياسي تتوافق عليه، كل من القاهرة، والخرطوم، وأديس أبابا. وأوضح أسماعيل أن السيناريوهات المتوقعة حال فشل الجهود السلمية هى توجيه ضربة جوية سودانية – مصرية لمنع عملية الملء الثاني، بينما وارد الرد الإثيوبي بالطيران الحربي.