السودان.. هل ستعود الحكومة المختطفة؟

66
لقاءات حمدوك والبرهان.. مساعي احتواء الأزمة بعيداً عن المزايدات السياسية

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. على الرغم من إعلان القائد العام للجيش السوداني عبدالله الفتاح البرهان تشكيل حكومته في غضون أسبوع، إلا أن هذا الأمر مازال لم يتحقق، ما أفرز تساؤلات عديدة، لماذا تأخرت حكومة الجنرال عبدالفتاح البرهان؟ وهل ثمة ضغوط خارجية تحول دون تشكيل الحكومة؟ وماذا عن التسويات التي تجري مع رئيس حكومة المدنيين عبدالله حمدوك بشأن إرجاعه؟ وهل الشعب السوداني يقف عائقا أمام تشكيل حكومة البرهان؟ وهل ستعود الحكومة المدنية المختطفة؟

رفض حمدوك

تسويات تجري على قدم وساق يقودها الجيش السوداني مع رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك لعودته من جديدة لسدة الحكم، بيد أنه وبحسب متابعات “أفريقيا برس” فإن ذات التسويات اصطدمت بشروط حمدوك القاسية حيث قال إن عودته للحكم يجب أن تكون الأوضاع لما قبل قرارات القائد العام للجيش السوداني في 25 أكتوبر، فضلا عن أن يعود لعمله بكامل طاقمه الوزاري، وبحسب مصادر مطابقة، فقد اجتمع حمدوك عقب القرارات بعدد من القادة أبرزهم عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، وأوضحت المصادر أن كل مسارات الحوار اصطدمت بشروط حمدوك التي تتلخص في العودة للوضع الذي كان قائما في 24 أكتوبر وإطلاق سراح المحتجزين، مؤكداً إنه رفض العودة منفردا للحكم.

بيان ناري

في الأثناء، دخلت الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات بثقلها على خط الأزمة السياسية في السودان، حيث دعت الدول في بيان مشترك الجيش السوداني لإعادة الحكومة المدنية فورا، والإفراج عن جميع المحتجزين في الأحداث الأخيرة، كما حثت على رفع حالة الطوارئ في البلاد، وشددت الدول الـ4 على ضرورة المزيد من الحوار من أجل “شراكة مدنية عسكرية حقيقية” في الفترة الانتقالية المتبقية وحتى الانتخابات.

ضغوط دولية

جمال أدريس الكنين، عضو مجلس مركزية قوى الحرية والتغيير

عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، جمال إدريس الكنين، كشف لـ”افريقيا برس” عن ضغوط تمارس على حمدوك من قبل دول الترويكا وبعض الدول بأن يرجع منفردا لقيادة الحكومة، منوها إلى أن موافقة حمدوك ستعطي شرعية للانقلاب، واعتبر أن موقفه المتمسك بالحكومة المدنية وعودة الأوضاع لما قبل الانقلاب بالصحيح والحل. وأرجع الكنين عدم تشكيل الحكومة من قبل البرهان حتى الآن إلى القرارات الغير مدروسة التي اتخذها، منوها إلى إنه واجه عقبات في تشكيل الحكومة والتي بحسب الكنين على رأسها، إصرار المجتمع الدولي على عودة الحكومة المدنية، وإصرار حمدوك نفسه وتمسكه بشروطه، وبالتالي بحسب الكنين، فإن البرهان لن يشكل الحكومة، واصفا الخطوة التي اقدم عليها بالقفزة في الظلام وأنها غير شرعية، ولا تسند لقانون، وأردف: “نحن في قوى الحرية والتغيير لا نمانع في تغيير الحكومة لكفاءات مستقلة بعد أن ترجع الأوضاع لما قبل الانقلاب”، وتوقع الكنين أن تعود، على اعتبار أن الشارع الذي أتى بها مازال تمسكا بها وإنه لن يتخلى عنها، وبشأن الشراكة مع المكون العسكري في حال عادت الحكومة المدنية، يقول الكنين: “ستكون في حدود حفظ الأمن والجوانب العسكرية”، مشيراً إلى أن هذا يتوقف على توازن القوى بين المكونين، وتماسك قوى الحرية والتغيير ومراجعة أخطائها، مؤكداً أن التماسك سيقود إلى استقرار الفترة الانتقالية حتى للوصول إلى نهايتها.

تأثير الوساطات

اللواء الصوارمي خالد سعد، خبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية

لكن الخبير العسكري والناطق السابق باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد، يقول في إفادته لـ”افريقيا برس”:  “إن تأخر حكومة البرهان كان بسبب تدخل الوساطات الخارجية والداخلية” والتي -بحسب الصوارمي- أثرت على التشكيل وعلى قرارات البرهان، منوها إلى أن البرهان يريد أن يرضي الوساطات ويراعي تدخلهم لحل الأزمة، فضلاً عن توافق الجميع لتشكيل حكومة كفاءات على اعتبار أن بيانه كان يصب في مصلحة تصحيح المسار، مؤكداً أن البرهان يريد أيضا أن تتوافق قوى الحرية والتغيير “أ” و”ب” على تشكيل الحكومة والمضي قدما بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان ، وشدد الصوارمي على ضرورة عودة الحكومة المدنية والتي في -نظر الصوارمي- حكومة مدنية جديدة برؤية البرهان بحيث تشكل من كفاءات مستقلة من غير أحزاب، وأردف: “لا اتوقع عودة الطاقم الوزاري القديم إلا بعد التوافق عليه ولكن حتى الآن لا يوجد تواقف حوله”، ولم يستبعد الصوارمي عودة حمدوك للحكم منفرداً على اعتبار أنه غير مختلف كثيراً مع قرارات البرهان في تشكيل حكومة الكفاءات المستقلة، فضلاً على أنه يعد من الكفاءات المستقلة.

رؤية مختلفة

عزمي عبد الرازق – صحفي ومحلل سياسي

وبشأن البيان الذي أصدرته أمريكا وبريطانيا والسعودية والامارات، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عزمي عبدالرازق في منشور عبر الفيس بوك إن بيان الرباعي أمريكا والسعودية الإمارات وبريطانيا منح كل طرف من الفرقاء ما يريده حيث أكد على الشراكة بين العسكر والمدنيين، ونادى بالاستعادة الكاملة والفورية للحكومة ومؤسساتها الانتقالية بقيادة مدنيين، أي لم يحدد أي مدنيين، ولم يتمسك بحصص الشراكة السابقة على مذهب المجلس المركزي، وهذا يعني منح الجيش والحرية والتغيير “الميثاق الوطني” فرصة تشكيل حكومة كفاءت وطنية غير حزبية وفقاً لبيان البرهان، وأكمل عزمي، كما أكد البيان على أهمية الالتزام بالوثائق الدستورية واتفاقية سلام جوبا بوصفها أساس لمزيد من الحوار، أي أقر بوجود الحاضنة الجديدة “السلام سمح وشركائه” كأمر واقع، وبحسب عزمي، فإن البيان أشار إلى احتجاجات 30 اكتوبر بوصفها تظهر تمسك الشعب السوداني بالنهوض بمرحلة انتقالية، وفي الوقت نفسه شجع على الإفراج عن جميع المحتجزين في الأحداث الاخيرة ورفع حالة الطوارئ، وتابع: “كذلك استخدم البيان تحديداً كلمة تشجيع وهى كلمة ودودة أقرب للرجاء من التشديد، ولعل أغرب مافي البيان أنه لم يأتي بسيرة المؤسس شخصياً” – في إشارة إلى حمدوك.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here