د. عبدالله الطيب: الجيش يتقدم بثبات وأمريكا تسعى لاختراق الأزمة السودانية

13
د. عبدالله الطيب: الجيش يتقدم بثبات وأمريكا تسعى لاختراق الأزمة السودانية
د. عبدالله الطيب: الجيش يتقدم بثبات وأمريكا تسعى لاختراق الأزمة السودانية

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أكد الدكتور عبدالله الطيب علي الياس، الخبير في الشؤون السودانية، أن الجيش السوداني يحقق تقدمًا ميدانيًا ثابتًا في دارفور وكردفان دون عقبات تُذكر، معتمدًا على خطط مدروسة ودعم متواصل.

وقال في حوار مع “أفريقيا برس”، إن الولايات المتحدة تسعى لاختراق الأزمة السودانية عبر بوابة السعودية وتشاد، بهدف فك ارتباط السودان بدول الجوار المتورطة في الحرب. وأضاف أن تصريحات عبد الرحيم دقلو لا تعني شيئًا ميدانيًا وتعكس ضعفًا في قيادته.

وشدد على أن خطوة الإمارات بشأن شركات الدعم السريع مجرد محاولة شكلية لتنفيذ العقوبات الأمريكية، مؤكدًا أن القضاء السوداني مستقل وقرارات الإفراج عن قيادات المؤتمر الوطني تستند إلى معايير قانونية بحتة.

البرهان زار السعودية.. وفي ذات الوقت وصل رئيس تشاد أيضًا إلى السعودية.. هل ثمة رابط بين الزيارتين؟

في تقديري، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إحداث اختراق في علاقاتها مع السودان من خلال المملكة العربية السعودية، التي يمنحها السودان حيزًا مميزًا في علاقاته الدبلوماسية. وتشعر الولايات المتحدة، ومن قبلها إسرائيل، بأنهما لا تستطيعان إخراج ربيبتهما الإمارات من ورطتها الجنائية الأكبر والأكثر دموية في السودان، إلا من خلال إخراج دول الجوار السوداني المتورطة بصورة مباشرة في الحرب على الشعب السوداني، وعلى رأسها دولة تشاد، التي تمثل المعبر الأكبر للأسلحة الأمريكية إلى ميليشيا أولاد دقلو الإرهابية في السودان.

خاصة أن الكثير من هذه الأسلحة قد وقع فعليًا في يد الجيش السوداني، الناشط في صناعة وتطوير الأسلحة التقليدية، وهو في حاجة ملحة للحصول على تقنية الأسلحة الأمريكية. وقد طلب السودان هذه التقنية لأول مرة عبر أول حكومة سودانية وطنية بعد الاستقلال عام 1957م، حينما طرحت الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت على الحكومة السودانية برنامج المعونة الأمريكية، ومن ضمنه إمداد السودان بأسلحة أمريكية، وكان الهدف من ذلك قطع الطريق أمام الأسلحة الروسية حتى لا تجد سوقًا في الدولة السودانية الوليدة. فالسودان يعد من أكبر دول العالم امتلاكًا لمصادر الموارد الطبيعية.

لذلك، تسعى الولايات المتحدة بكل الوسائل إلى تطبيع العلاقات بين السودان وتشاد. وقد كانت السودان وتشاد مرتبطتين بعلاقات دبلوماسية وعسكرية مميزة، ولديهما قوات مشتركة تراقب الحدود بين البلدين. كل ذلك حتى تخلص الولايات المتحدة إلى تطبيع علاقات السودان مع الإمارات، ومن ثم تطبيع علاقات السودان مع إسرائيل، التي تشن الحرب على الدولة السودانية من خلال الإمارات ودول الجوار السوداني، خاصة دولة تشاد عبر الحدود السودانية التشادية الممتدة مع ولاية غرب دارفور.

ربما حسم الجيش السوداني معركة الخرطوم لصالحه، وذلك وفقًا للمعطيات على الأرض. تبقى تحرير كردفان ودارفور. فمتى سيتجه الجيش إلى دارفور؟ وهل ثمة عقبات سيواجهها الجيش عند بدء تحرير دارفور؟

بدأ الجيش السوداني تحرير دارفور من خلال الفرقة السادسة مشاة والقوات المشتركة، وذلك حين خرجت هذه القوات من مدينة الفاشر التي كانت تحاصرها قوات الميليشيا، لتهاجم قاعدة الزرق العسكرية الحصينة، أهم مراكز الميليشيا على الإطلاق. ثم هاجمت قوات الميليشيا المتجمعة في وادي “أم بار”، وأرسل الجيش قوات ضاربة لمحور الصحراء لقطع الطريق أمام إمدادات الميليشيا القادمة من العميل الليبي خليفة حفتر.

كما بدأ الجيش في تحرير كردفان عن طريق متحرك الشهيد الصياد، الذي أُسندت قيادته للقائد الفذ العميد الركن حسين جودات، الذي حرر العديد من مدن شمال كردفان مثل تندلتي، وأم روابة، والرهد، ودخل مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، وتحرك منها إلى مدينة بارا التي ارتكز على تخومها.

أيضًا حرّك الجيش قواته في كل من مدينتي الدلنج وكادقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، لتوسيع دائرة تأمينهما، وعزز قوة الفرقة (22) في بابنوسة، التي وسعت دائرة تأمين منطقتها حتى تخوم مدينة الفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان.

ولم يتوقف الطيران الحربي عن ضرب قوات الميليشيا في كل من الفاشر عاصمة شمال دارفور، ونيالا عاصمة جنوب دارفور، والضعين عاصمة شرق دارفور، ومدن أخرى مثل مليط وكتم وكبكابية والصياح وغيرها.

وأعتقد أن الجيش سيعزز قواته في دارفور من خلال إسنادها بقوات ومعدات عسكرية إضافية، وذلك من أجل تسريع خطوات تحرير دارفور وكردفان من براثن ميليشيا “أولاد دقلو” الإرهابية في أقل زمن ممكن. ولا أعتقد أن الجيش سيواجه أي عقبات، فهو لا يخطو خطوة إلا بعد دراسة الموقف الميداني بشكل دقيق وواقعي.

خطاب عبد الرحيم دقلو وإعلانه أنه سيذهب إلى الولاية الشمالية.. كيف تنظر إليه؟

لا أرى جديدًا في خطاب المتمرد عبد الرحيم دقلو، فهو رجل خالي الوفاض، لا يملك قدرات قيادية تمكنه من تنفيذ خطط كفلائه ممولي حربه على شعبه. فجميع القرارات التي اتخذها من قبل لم تعد عليه إلا بالخسران المبين، بل خسر حربًا كانت مضمونة النتائج لصالحه، فالجاهل عدو نفسه. وهو يقول إنه سيهاجم الولاية الشمالية، ظنًّا منه أن تصريحه هذا سيلوي ذراع الجيش للجلوس معه على طاولة مفاوضات، يجد من خلالها موطئ قدم له في السلطة، ولو أنقذت المفاوضات رقبته من حبل المشنقة لرضي بذلك نصيبًا. ولا أعتقد أنه سيجد هذا النصيب المتواضع.

الإمارات تعلن إجراء تحقيقات حول نشاط شركات «الدعم السريع» في أراضيها.. وهذه الشركات فُرضت عليها عقوبات من قبل أمريكا.. ماذا تعني لكم هذه الخطوة؟

الإمارات ليست طرفًا أصيلًا في حرب السودان، وإنما هي وكيل عن التحالف الصهيوماسوني المخطط والممول للحرب العالمية الثالثة على السودان. ولا خيار لها في أن تقبل أو ترفض العقوبات الأمريكية على شركات ميليشيا أولاد دقلو الإرهابية، فالولايات المتحدة لا تتخذ قراراتها خبط عشواء حتى تأتي دولة تابعة مثل الإمارات لتُحقق في شركات منشأة منذ أول يوم على أراضيها. فلا مناص للإمارات من تنفيذ العقوبات الأمريكية على شركات ميليشيا أولاد دقلو الإرهابية، بل ستحوّل في يوم من الأيام جميع أموال هذه الشركات إلى الإدارة الأمريكية، التي ستعوّض بها جزءًا يسيرًا من خسائرها في حرب السودان التي أنفقت عليها بمشاركة كل من إسرائيل، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، السويد، والنرويج منذ سقوط حكومة المشير البشير في أبريل 2019 وحتى نهاية العام الثاني من حرب السودان في 25 رمضان 1446 هـ، على أقل تقدير (400) مليار دولار. فهي خطوة تعني عندي ذر الرماد في العيون لا أكثر ولا أقل.

إطلاق سراح بعض رموز حزب المؤتمر الوطني.. هل هذا بمثابة مؤشر لإطلاق ما تبقى من قيادات؟ وهل ثمة علاقة بين الإسلاميين والجيش؟

في تقديري، إن القضاء السوداني ما زال يتمتع باستقلالية كبيرة عن السلطتين السيادية والتنفيذية. لهذا السبب أرى أن قرار الإفراج عن بعض قادة الحركة الإسلامية جاء في إطار قانوني بحت، ولا صلة له بعلاقة الإسلاميين بالجيش. وإذا توافرت ذات الأسباب التي توافرت للمفرج عنهم أو أسباب أخرى مماثلة تحدث عنها القانون الجنائي السوداني، فإنه لا مناص أمام أي قاضٍ من الاستجابة لأي طلب بالإفراج عن أي حالة مماثلة، والإفراج عن كل من توافرت له أسباب قانونية كافية لذلك.

وأعتقد جازمًا أن حرب الكرامة وثّقت العلاقة بشكل قوي جدًا بين الإسلاميين والجيش، حيث تأكد للقوات المسلحة السودانية أن العلاقة حينما تقوم على حمل البنادق ورفقة الخنادق للدفاع عن تراب الوطن الغالي بالأرواح والدماء والأبناء، فهي العلاقة الأكثر صدقًا. فمن يتقاسم مع الجيش كؤوس الموت الزؤام، والدماء، والأشلاء، بل يقدم نفسه قبل أنفس أفراد الجيش، ودمه قبل دم أبناء الجيش، وابنه قبل أبناء قادة ومقاتلي الجيش، يجب أن يكون شريكًا له في حماية ثروات البلاد من سارقي ثروات الأمم، وشريكًا له في توفير أمن وسلامة أبناء الشعب السوداني الكريم.

وهذا الحد من العلاقة بين الطرفين كفيل بالرقي بالبلاد في مدارج النهضة الوطنية الشاملة، التي لن تتحقق إلا من خلال تكاتف السواد الأعظم من مكونات الشعب السوداني، وهذا هو المتوقع بعد انتهاء الحرب بإذن الله تعالى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here