قراءة في البعد الدولي لحرب السودان

253
قراءة في البعد الدولي لحرب السودان
قراءة في البعد الدولي لحرب السودان

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. لا شك أن هنالك ثمة تدخل خارجي في حرب السودان، وبالطبع هذا التدخل يغذيها، ولعل استمرارالحرب يعود ايضا للتدخل الخارجي. ويبدو أن التدخل الخارجي حال دون حسم المعركة لصالح أحد الأطراف على اعتبار ان كل طرف يجد سندا ودعما خارجيا.

في هذه المساحة تسلط “أفريقيا برس” الضوء على البعد الخارجي لحرب السودان، وتكشف الدول الداعمة لأطراف الصراع، بجانب أهدافها وأطماعها ودوافعها.

مركز العدوان

ويقرأ عضو مبادرة القضارف للخلاص جعفر خضر البعد الدولي لحرب السودان من عدة زوايا، إذ يقول لموقع “أفريقيا برس”؛ هنالك دول عدة تدخلت في حرب السودان أبرزها دولة الإمارات، وتعد مركز العدوان على الشعب السوداني حسب تعبير خضر، وعلى اعتبار إنها تمثل واسطة العقد بين الدول الأفريقية المتورطة والمجتمع الدولي والمتواطئ ضد الدولة السودانية.

واضاف خضر “ظل الكثير من المثقفين السودانيين، يكشفون ومنذ فجر اندلاع حرب ابريل 2023، التورط الاماراتي في حرب قوات الدعم السريع “ميليشيا الجنجويد” على الشعب السوداني. منوها إلى، أن الإمارات زودت الميليشيا بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة والذخيرة والمرتزقة والغذاء والمساعدات الطبية، مستدلا بالمقالات التي يكتبها الكتاب الغربيون.

هذا، وقد قدم مراقبون لمجلس الأمن تقارير تفيد تقديم الإمارات الدعم العسكري لقوات الدعم السريع “عدة مرات في الأسبوع” عبر أم جرس في شمال تشاد، مؤكدين بأنها معلومات “ذات مصداقية”. ويرى خضر أن الامارات اعترفت بانها سيرت اكثر من 100 رحلة الى تشاد، مستدركا، ولكنها قالت انها مساعدات انسانية.

هذا، وسبق ان كشف الاعلام الغربي أن خط الامداد الممتد من الامارات إلى كمبالا باوغندا الى أم جرس بتشاد تحت غطاء المساعدات الانسانية ولكنه بحسب خضر كان يحتوي على أسلحة.

وكشف خضر عن خطوط إمداد عسكرية أخرى تصل حميدتي عبر ليبيا، تقدمها قوات حفتر المدعوم اماراتيا، والتي بحسب خضر حاربت مع ميليشيا الجنجويد من قبل.

بالنسبة لخضر فإن غض الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي الطرف عن تورط الامارات في حرب الميليشيا ضد الشعب السوداني، يكشف تورط الغرب نفسه في هذه الحرب.

ويرى جعفر أن هنالك دول أفريقية تقف وراء قوات الدعم السريع وتدعمها سياسيا ولعل أبرز تلك الدول بحسب خضر هي التي زارها حميدتي، واستقبل فيها استقبال الرؤساء، بالرغم من الإبادت الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي أرتكبها ولا يزال يرتكبها في السودان. ويشير خضر هنا إلى دول يوغندا وكينينا وجنوب أفريقيا ورواندا وإثيوبيا والتي زارها حميدتي في الشهور الماضية.

طابع الحرب

في الصدد، يقول الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح لموقع “أفريقيا برس” إن الحرب الدائرة في السودان وإن بدت نزاعا داخليا بين مكونيين أساسيين في المؤسسة العسكرية ولكن في واقع الأمر هي تجلي واضح لصراع السياسة الإقليمية والدولية، مستشهدا بساعة انفجار الحرب في منتصف أبريل من العام المنصرم بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، حيث اعتبر صالح أنها أخذت طابع الاستقطاب الإقليمي والدولي.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الإطاري الذي تمت صياغته بواسطة قوى أجنبية وتمت مباركته بواسطة ذات القوى الإقليمية والدولية، الأمر الذي ازعج القوات المسلحة والقوى السياسية المحسوبة على النظام السابق، وبذلك اختلطت الأوراق المحلية بالخارجية والنتيجة كانت اندلاع الحرب التي ما زالت مستمرة حتى اللحظة.

ويرى عبدالقادر أن القوى المحلية متمثلة في قوى اليمين واليسار لعبت دورا محوريا في إذكاء نار الفتنة بين مكونات المؤسسة العسكرية، وهذا بدوره بحسب صالح فتح الباب أمام القوى الإقليمية والدولية لهندسة خارطة أجندتها بدعم كلا الطرفين للانقضاض على الطرف الآخر، مؤكدا أن السودان أصبح ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية نتيجة لهذا التدخل.

وأضاف قائلا “هنالك ااتجاه في البعد الخارجي يرى بضرورة نقل السلطة إلى المدنيين الليبراليين وفقا لمقررات الاتفاق الاطاري الذي يلبي مصالح غالب القوى الدولية”، وتابع “كذلك هنالك رؤية إقليمية تؤكد على ضرورة وجود القوات المسلحة في صلب السلطة حتى يظل السودان في قبضة المكون العسكري كما هو حادث في الجوار الإقليمي. وهذه القوى يقول عبدالقادر تنظر إلى التغيير السياسي المتمحور حول الدولة المدنية مهددا لبقاء الأنظمة العسكرية في المحيط الإقليمي.

وفي تقدير صالح أن طرفي النزاع في السودان وجدا الدعم المادي والرمزي في الإستمرار في الحرب و التي بحسب صالح لم يتمكن فيها طرف من هزيمة الطرف الآخر. ويقول صالح “الجميع وصل إلى نقطة أن هذه الحرب عبثية وينبغي إيقافها فورا وبدون شروط كما حصل مؤخرا في مجلس الأمن على موافقة عدد 14 عضو بضرورة الوقف العاجل للحرب.

ويقول صالح إن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا كبيرا في إشعال الحرب عندما كان سفيرها غودفيري راعيا رسميا لجهود الرباعية الدولية والاتفاق الاطاري.

ويتفق صالح مع خضر في أن الإمارات العربية المتحدة لعبت دورا كبيرا في إشعال الحرب، مستدلا بدعمها المباشر لقوات الدعم السريع، بجانب تصريحات الفريق ياسر العطا عندما وصف الإمارات في سياق حديثه باعتبارها دولة “مافية” ترعى الإرهاب وتشعل الحروب في المنطقة بحسب تصريحاته.

صراع موارد

ولكن المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية مجدي عبدالقيوم ” كنب” لديه رؤية مغايرة عن سابقيه، إذ يقول لموقع “أفريقيا برس”؛ إن التدخل الدولي في حرب السودان يأتي في سياق الصراع الدولي على الموارد، مستشهدا بتقرير صحيفة النيويورك تايمز المعنون” بحرب الكفلاء”، موضحا إنه سلط الضوء على موارد السودان واستعرض في سياق التقرير التقاطع في العلاقات البينية الإماراتية السعودية.

واضاف عبدالقيوم “إن إستخدام الصحيفة لمصطلح (كفلاء) يعطي دلالة محددة فيما يتصل بالاطراف الداخلية سواء كانت مدنية أو عسكرية إضافة إلى أنه يوضح بجلاء الدور الدولي والإقليمي فى هذه الحرب والكفلاء هم أيضا وكلاء لقوى دولية”.

وينبه عبدالقيوم إلى أن السياق الدولي والإقليمي يعدان من أهم العوامل التي تسببت فى إشعال الحرب وإذكاء نارها واستمرارها، منتقدا في ذات الوقت خطاب القوى السياسية التي يتجاهل البعد الدولي والإقليمي للحرب، مؤكدا إنهم يركزون على العوامل الداخلية بكل تشعباتها، وان كان النصيب الأوفر من هذا الخطاب بحسب عبدالقيوم يكرس للهجمة الشرسة على الإسلاميين كتيار عريض ويستخدم مصطلح الفلول بشكل أكثر كثافة، مع أن هذا أيضا حسب عبدالقيوم مضلل ومخادع لحد ما إلا أنه كذلك يتسم بعدم الدقة فهو يضع كل الاسلاميين كتيار فكري في سلة واحدة وهذا خطأ.

ويقول عبدالقيوم؛ إن مشروع تفكيك وتجزئة البلاد التي تتبناه بعض دول اوروبا يتسق مع أطروحة تيار من الإسلاميين التي تتحدث أو تتبنى فكرة دولة النهر والبحر أو مثلث حمدي، مستدركا، ولكن التيار الغالب بين الإسلاميين رافض لهذه الأطروحة بل أن من بين الاسلاميين تيار يقف على ذات المنصة التي تقف عليها معظم القوى المدنية وهو تيار رواد التجديد والإصلاح داخل الحركة الإسلامية الذي تقوده الرموز الفكرية لها.

ويعود مجدي مرة أخرى بشأن التدخل الأمريكي والإماراتي في الحرب، إذ يعتبر أنه من المعلوم أن الجيل الرابع من الحروب هو الحرب بالوكالة وترتكز على الدبلوماسية الماكرة والمخادعة والصورة المزيفة، مؤكد أن ما يجري في السودان لا يختلف عما جرى في العراق او ليبيا أو سوريا واليمن، وأن الامارات مجرد وكيل لقوى عظمى كانت حاضرة ككفيل لبعض أطراف الصراع الداخلية فى مشهد كل هذه الدول.

من يدعم الجيش؟

بالنسبة للمحلل السياسي محمد عبدالجبار، فإن الجيش يجد دعما عسكريا من إيران، مؤكدا أن ذات الدعم جعل الجيش يتماسك حتى هذه اللحظة ولم ينهار.

وقال عبدالجبار لموقع “أفريقيا برس”؛ إن التدخل الإيراني لصالح الجيش تأخر كثيرا، إذ يقول “جاء بعد الهزائم المتلاحقة لقوات الشعب المسلحة في عدد من الولايات”، متوقعا أن يزيد الدعم الإيراني من حدة الصراع وإطالة أمده.

ويرى عبدالجبار أن هدف إيران من الدعم هو البحث عن موطئ قدم لها في البحر الأحمر، إذ يقول إن إيران تريد إعادة أمجادها السابقة في المنطقة وذلك عبر إنشاء قواعد عسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here