بقلم: أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. على الرغم من حشود المتظاهرين في القصر الجمهوري، وسيطرتهم الكاملة على باحة القصر، إلا إنهم فشلوا في إقامة إعتصام، ما أفرز تسأولات عدة، على شاكلة، لماذا فشل اعتصام القصر؟ هل بسبب غياب القيادة الجماعية؟ أم بسبب القمع الوحشي الذي مورس تجاههم من قبل السلطات؟ “أفريقيا برس” طرحت الاسئلة اعلاه على قوى التغيير ولجان المقاومة والخبراء وخرجت بالحصيلة التالية:
كيف وصل الثوار القصر؟
وكان آلاف المتظاهرين، قد وصلوا إلى البوابة الجنوبية لقصر الرئاسة، للتعبير عن رفضهم لاتفاق سياسي وقَّعه قائد الجيش ورئيس الوزراء، وللمطالبة بحكم مدني كامل، وكسر المتظاهرون الحواجز الأمنية وعبروا جسري “النيل الأبيض” الرابط بين الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة، و”المنشية” الرابط بين الخرطوم ومدينة شرق النيل، للوصول إلى وسط الخرطوم. وعقب وصول المتظاهرين القصر الجمهوري دعا عدد من لجان المقاومة في الخرطوم إلى اعتصام مفتوح، وناشدت الأهالي والثوار بضرورة توفير احتياجات الاعتصام، مشددة على ضرورة إبقاء الثوار في القصر حتى تحقيق المطالب.
دعوة متأخرة

القيادي بقوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله، أرجع فشل اعتصام القصر الجمهوري، لعدم توفر مطلوبات الاعتصام الاساسية، فضلا عن تأخر الدعوة للإعتصام، بجانب القمع الذي مورث تجاه الثوار، وأضاف، كذلك قطع السلطات للكهرباء في مناطق عدة من العاصمة أدى إلى عدم وصول وفود كبيرة من الثوار للقصر الجمهوري، وقال خلف الله لـ”أفريقيا برس”: “إن 19 ديسمبر ليس مجرد موكب أسوة بالمواكب التي سبقتها بل كان خطوة نوعية نقلت الحراك الشعبي من طور الانتفاضة إلى طابع الملحمة الشعبية”، مستدلا بخروج كل فئات الشعب السوداني في المدن والقرى، وقال إنهم أوصلو رسالتهم وأن 19 ديسمبر موكب الاقتراب من الحسم وأن الانقلاب الآن آيل للسقوط، وكشف عن إنهم بصدد تكوين جبهة شعبية عريضة من قوى الديمقراطية والتغيير بحيث تتوافق على برنامج سياسي لما بعد السقوط، مؤكدا أن ذات الجبهة ستنشئ أدوات سلمية تصل مرحلة الاضراب الشامل والذي قال إنه تجربة ناجحة في إسقاط الانظمة الشمولية والدكتاتورية.
غياب التنظيم

فيما ارجع المحلل السياسي عبدالرحمن أبوخريس، فشل الاعتصام لغياب الثقة بين الجماهير والتنظميات السياسية، وهو الامر الذي جعل الاحزاب السياسية تخشى من اعتلاء المنصة وتخطاب الثوار وذلك خشية من الهتافات المناؤية ضدهم، وأكد ابوخريس لـ”أفريقيا برس” ان تجمع الثوار في محيط القصر كان نكاية في العسكر والاحزاب السياسية لذلك هم كفروا بالأحزاب ولايؤمنون بها، منوها إلى إنه لا احد يقودهم الان، داعيا اياهم لتنظيم انفسهم بحيث تكون لهم قيادة ترفع مطالبهم وتحقق شعاراتهم، كما دعاء ابو خريس الثوار للتحالف مع تجمع المهنيين وتكوين حزب يتحدث بإسمهم، وبشأن فشل الاعتصام ايضا، ارجع ابوخريس الاسباب إلى انقسام قوى الحرية والتغيير من ناحية، وتجمع المهنيين من ناحية أخرى، فضلا عن حالة الانفصام بين لجان المقاومة والاحزاب السياسية، مؤكدا كل ذلك أدى لغياب الرؤية الموحدة تجاه المطالب، واضاف ابوخريس قائلا: “ايضا حتى الان الاجسام التي تقود الشارع لم يعلم من يحركها مما يجعل أهدافها واضحة المعالم”.
عدم تخطيط

بدوره، يقول عضو لجان مقاومة الخرطوم، مجدي تيراب، في إفادته لـ”أفريقيا برس” إن اعتصام القصر الجمهوري لم يفشل بل لم يكن مخطط له مسبقا بصورة جيدة لذلك لم يكتمل للآخر، واضاف، ومن بين الأسباب التي حالت دون تحقيق الاعتصام؛ لم يتم التأمين الكامل للمنطقة حول محيط القصر، بجانب إستخدام الاجهزة النظامية للقوة الوحشية تجاه الثوار لتفريقهم، مستدركا، و لكن بسالة الثوار و سلميتهم كانت اقوى من آلة الانقلابيين القمعية، وقال تيراب، إنه مازال هنالك وقت وفرصة لتوحيد الرؤية الجماعية لقوى الثورة الحية، والتي يرى إنها ستدرس الوضع وتعيد ترتيب صفوفها حتى يسقط الانقلابيين ومن ثم يتم تشييعهم لمثواهم الاخير.
سلبيات الموكب

في الصدد، قال رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، إنّ أعدادًا كبيرة وصلت إلى محيط القصر الجمهوري في الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر لكنّ ليس لهم منصّة ولا خطاب. وأضاف مخاطبا المتظاهرين“طلعتوا لشنو؟”. وقال برمة في تصريحاتٍ لصحيفة السوداني: ”كان يجب أنّ يكون لدى الثوار خطاب فيه مطالبهم للجهات المسؤولة، ومنصة ليتحدّثوا منها”. وعدّه دليلاً على أنّ العمل فيه نوع من”الهرجلة” ودليل على أنّهم ليسوا على قلب رجلٍ واحدٍ أو امرأة واحدة. وتابع: “هذه من سلبيات تظاهرات أمس، ولابدّ من معالجتها”.وأكّد برمة أنّ تظاهرات 19 ديسمبر كانت فها إيجابيات عديدة أخرى من بينها أنّ الخسائر قليلة قياسا بالخسائر الماضية، بدليل أنّ الثوار سلكوا سلوكًا سلميًا، وقوات الشرطة لم تستخدم إلاّ الحدّ الأدنى من القوة لفضّ المظاهرات. وأردف” السلمية كانت شعارًا بالنسبة للثوار والشرطة وهذه ظاهرة حميدة”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس