أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. تشهد ولاية نهر النيل – شمال السودان – حالة من الهلع الشديد بين سكانها، إثر استهداف الطائرات المسيرة لمقرات الجيش السوداني في الولاية.
قبل يومين، تعرضت قاعدة سلاح المدفعية في عطبرة، والتي تُعد واحدة من القواعد الحصينة للجيش السوداني، لهجوم من قبل الطائرات المسيرة. ولم تقتصر الهجمات على سلاح المدفعية فقط، حيث استهدف مطار المدينة أيضاً بهجمات مماثلة خلال الأيام الماضية، تصدت لها المضادات الأرضية.
الهجمات المستمرة على مواقع الجيش أثارت مخاوف السكان، خاصة في ظل تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة.
إمكانية التصدي
تواجه لجنة أمن ولاية نهر النيل تحديات كبيرة في التعامل مع المسيّرات الانتحارية التي تُطلق على مدينة عطبرة، حيث أكدت أنها في الأيام الأولى لم تتمكن من رصد مواقع إطلاق هذه المسيّرات بدقة.
وأوضحت اللجنة أن المسيّرات التي تُطلق على مدينة عطبرة تُعتبر طويلة المدى، إذ تتجاوز مسافة 300 كيلومتر بين منصة الإطلاق والهدف المحدد لها، مما يعقّد جهود التعامل معها.
وأشارت اللجنة إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت لاحقًا من رصد منصات إطلاق المسيّرات الانتحارية، وتملك الآن معلومات مفصلة عنها. الجدير بالذكر أن مدينة عطبرة تقع على بُعد نحو 267 كيلومترًا شمال العاصمة الخرطوم.
الهجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية تضيف تحديات جديدة إلى الوضع الأمني المتوتر في الولاية.
وأفاد بيان رسمي بعدم تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية جراء هجمات المسيّرات على مدينة عطبرة، باستثناء إصابات طفيفة لطفلين تم علاجهما وخروجهما من المستشفى.
كما فنّد البيان صحة الادعاءات التي تشير إلى أن المسيّرات تُطلق من مزارع ومواقع سكنية للوافدين حول المدينة، مشددًا على أن هذه المزاعم تهدف فقط إلى إثارة البلبلة وتضليل الرأي العام.
من جهة أخرى، تتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بالوقوف وراء إطلاق المسيّرات، وهو ما تنفيه الأخيرة. في المقابل، تُشير دوائر مقربة من قوات الدعم السريع إلى أن من يطلق المسيّرات هم أطراف من النظام السابق نتيجة للخلافات الداخلية داخل الجيش السوداني، حيث توجد تيارات مناصرة للجيش وأخرى تعارضه.
الوضع المتوتر يثير مزيدًا من التساؤلات حول الجهات المسؤولة عن هذه الهجمات والغايات الحقيقية من ورائها.
أهداف المسيرة
صرّح المحلل السياسي الفاتح محجوب لموقع “أفريقيا برس” أن هجمات المسيّرات على ولايتي نهر النيل والشمالية تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين. الأول سياسي يتمثل في الإعلان عن عدم وجود ولايات آمنة، وذلك لمنع المواطنين من العودة إلى مدنهم وقراهم المحررة، كما حدث مع التدافع الكبير لأهالي السوكي والدندر وسنجة وأم درمان وبحري.
وأضاف محجوب أن للمسيّرات أهدافًا عسكرية أخرى، تتمثل في مهاجمة المطارات الحربية لتدمير الطائرات الحربية التي لعبت الدور الأكبر في هزيمة قوات الدعم السريع. لكنه أشار إلى أن تأثير هذه المسيّرات حتى الآن محدود جدًا بسبب قلة عددها، وعدم دقتها، ونجاح المضادات الجوية في إسقاط معظمها.
وأكد الفاتح على ضرورة أن يبذل الجيش قصارى جهده لمنع قوات الدعم السريع من إطلاق هذه المسيّرات مرة أخرى، وذلك عبر مهاجمة قواعد إطلاقها متى ما أمكن ذلك، وزيادة فعالية المضادات الجوية في كل المدن الكبرى في السودان.
نقل الحرب
أوضح خبير عسكري فضل عدم الكشف عن هويته لموقع “أفريقيا برس” أن هجمات المسيّرات التي تُطلق في ولاية نهر النيل تهدف إلى زعزعة استقرار وأمن الولاية. وأكد أن قوات الدعم السريع تقف وراء هذه الهجمات، وتسعى من خلالها لنقل الحرب إلى ولايات الشمال الآمنة. ومع ذلك، استدرك قائلاً إن الدعم السريع لن ينجح في تحقيق هذا الهدف، نظرًا لأن الجيش السوداني في حالة استعداد كامل للتصدي لأي تهديد.
من جانبه، صرّح المحلل السياسي عبدالباقي عبدالمنعم للموقع ذاته بأن الهجمات المتكررة على ولاية نهر النيل من قبل الدعم السريع تهدف إلى اختبار قدرة واستعداد الجيش السوداني للتعامل معها. ورأى عبدالمنعم أن أهداف هذه الهجمات غير مجدية وليس لها تأثير على أمن واستقرار الولاية، مشيرًا إلى عدة أسباب، أبرزها أن المسيّرات تُطلق من مناطق بعيدة، بالإضافة إلى أن الجيش يتصدى لها بكفاءة عالية.
وأكد أن الهجمات لم تُسفر عن أي خسائر في الأرواح أو ممتلكات المواطنين أو الجيش، مما يعزز من فاعلية الجيش في مواجهة هذه التحديات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس