بقلم: أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. على الرغم من مرور قرابة أسبوعين على التوقيع السياسي بين رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وقائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، إلا إنه مازال اعلان الحكومة الجديدة يراوح مكانه، سيما وأن الاوضاع الاقتصادية في السودان تشهد تهدورا مريعا ما يستدعي تشكيل حكومة عاجلة لتدارك مغبة الازمات والانهيار من حافة الهاوية.
فماهي العقبات التي تقف أمام تشكيل الحكومة الجديدة والثالثة من عمر الثورة؟ وهل ستكون حكومة كفاءات مستقلة “تكنوقراط ” كما نص عليها الاتفاق السياسي؟ أم سيقع حمدوك في فخ المحاصصات الحزبية مجددا؟
“أفريقيا برس” وفي سعيها لتسليط الضوء أكثر على عوامل تأخير تشكيل الحكومة ومعاييرها، طرحت الاسئلة اعلاه على المختصين والسياسيين.
لماذا التأخير؟

لم يستبعد القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، جمال إدريس الكنيين في حديثه لـ”أفريقيا برس “: أن يكون سبب تأخير تشكيل الحكومة هو عدم وجود وزراء مناسبون يرشحهم حمدوك للوزارات، واردف، كذلك قد يكون فرض عليه قائمة محددة من المكون العسكري لتشكيل الحكومة وهو لم يقبلها ، ويستدل الكنين هنا بما أسماه تدخل جهات لم بسميها ورفضها لتعينات حمدوك لوكلاء الوزراء الاخيرة ، مؤكدا ثمة وجود صراعات بين الحركات المسلحة سيما حركة جبريل مع حمدوك في تشكيل الحكومة على اعتبار إنهم يريدون حصتم من السلطة على قرار إتفاقية سلام جوبا، مؤكد أن ذلك الطلب أصتدم بتشديد حمدوك على مسألة تجنيب المحاصصة في الحكومة ، ولم يستبعد الكنين ايضا، سبب تأخير الحكومة إلى رفض الشارع وقوى الحرية والتغيير للإتفاق الذي ابرمه مع البرهان وهو الامر الذي يقول عنه الكنيين “قد يكون شكل له احباط وعدم إرتياح في المضي قدما في تشكيل الحكومة” وتابع، كذلك السبب يكمن في شروط حمدوك والتي تتمثل في توافق كل القوى السياسية وتنفيذ بنود الاتفاق والذي رهن من خلاله استمراه في الحكم.
تمحيص وتعميم

لكن الخبير العسكري العميد ياسر احمد الخزين لديه رؤية مختلفة عن الحديث السابق، إذ يقول في إفادته لـ”أفريقيا برس”: إن إرجاء تشكيل الحكومة لمزيد من التمحيص ولعمومية التمثيل للخروج بتوليفة من كفاءات مستقلة سيما بعد الفشل للحكومتين السابقتين خاصة في ما يلي معاش الناس وصحتهم وتعليمهم ، وزاد، كذلك التأخير ليوافق التشكيل الوزاري الجديد ومانصت عليه الوثيقة الدستورية خاصة بعد ما حدث من خلاف بين المكون العسكري والحاضنة السياسية السابقة ليحتكم الجميع لنص الوثيقة الدستورية وأهمها في بندها الثاني تشكيل حكومة كفاءات تكنوقراط مستقلة لتلبي طموحات وأشواق الشارع السوداني وتخفف العبء عن كاهل المواطن البسيط ، وأكمل، لا أعتقد ثمة خلاف بين الدكتور حمدوك وحركات الكفاح المسلح فنصيب الحركات متفق وموقع عليها بموجب إتفاقية جوبا، وأستدرك، إلا أن يكون خلاف بين الحركات المسلحة في إختيار ممثليها، واردف، ايضا قد يكون التأخير لقراءة آراء الشارع وماتسير عليه مجريات الأحداث لإعلان حكومة تجد القبول والتأييد من النسبة الأعلى من جموع الشعب السوداني أي الغالبية والسواد الأعظم من السودانيين سيما بعد خروج المظاهرات مجددا والإعلان عن جداول مسيرات التظاهر بعد توقيع الإتفاق السياسي بين السيد القائد العام للقوات المسلحة والدكتور حمدوك، وبحسب الخزين، فإن الاجماع على تشكيل الحكومة يستحيل أن يتوفر ويتوافق عليه حتى لو أصبحت التشكيلة مدنية 100% وذلك لأطماع بعض الأحزاب والقوي السياسية في المنصب والمكسب.
مشاورات واسعة
وبحسب مصادر و تقارير صحفية، فإن ثمة خلافات بين حمدوك وقيادات الكفاح المسلح ادت إلى تعقيد مسألة تشكيل الحكومة برئاسة عبدالله حمدوك والذي يسعى لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة “تكنوقراط ” بخلاف ما تنص عليه بنود ملف السلطة والثورة لاتفاق جوبا للسلام ، لذلك وبحسب مصادر سودانية تحدثت لـ”العرب الدولية” فإن حمدوك بدأ مشاورات واسعة مع عدد من القوى السياسية وقادة الحركات المسلحة للاتفاق على تشكيل حكومي جديد دون الاعتماد على الوجوه التي انخرطت في الخلافات السابقة، جازما بأنها تكون مقبولة لدى القطاعات الشعبية الواسعة، وقالت المصادر إن حمدوك مستهدف طرح أسماء توافقية تسهم في تهدئة الشارع الرافض للاتفاق السياسي المُوقع في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي. وأكدت المصادر ذاتها أن حمدوك يسعى لإقناع قادة الحركات بالتوافق على شخصيات ذات كفاءة في مجالات إدارية واقتصادية، على أن يسبق ذلك تقديمها مبادرات تعيد الثقة المفقودة بينها وبين المكون المدني، بما يسمح بتشكيل حكومة على أسس متفق عليها بين الجميع، كما قالت المصادر ايضا إن حمدوك سيُجري مشاورات موسعة مع كفاءات داخل مؤسسات أكاديمية وبحثية للوصول إلى أسماء مقبولة من الحركات المسلحة والقوى السياسية.
معايير الكفاءة

ولم يذهب المحلل السياسي راشد التجاني ، بعيدا عن سابقيه ، إذ يرى في حديثه لـ(أفريقيا برس ) أن تأخير تشكيل الحكومة بغرض مزيدا من المشاورات مع القوى السياسية حول كيفية إختيار الوزير المناسب للوزارة التي تناسبه ومدى مقبوليته من الشارع ، واعتبر رأشد أن التاخير ايضا لجمع تأييد اكبر من قوى السياسية للإتفاق السياسي لجهة أن اي قوى ستشارك في الحكومة ستبارك الاتفاق وتدعمه، وبشأن معايير الحكومة، قال راشد إنه من الصعب أن تشكل كل الحكومة من كفاءات مستقلة، ولم يستبعد رأشد تكون الحكومة القادمة بها قيادات من الاحزاب، مستدركا، لكن لن تكون هذه القيادات ذات انتماء سياسي واضح ومعروف، وتوقع راشد أن يتم تشكيل الحكومة في غضون الايام المقبلة، مستدلا، بخطوة رئيس الوزراء بتعيين وكلاء وزارات والذي يرى أنها تؤكد حرص حمدوك على أن تكون الحكومة من كفاءات مستقلة باعتبار أن الحكومة السابقة وكلاء الوزارات تم تعينهم من الوزراء نفسهم وهو الامر الذي خلق الازمة وجعل المحاصصات في الحكومة هي المعيار الاساسي، واردف، كان اي وزير يأتي بالشخص الذي يعرفه وتجمعه معه علاقة، وأستدرك، لكن الان الوضع الجديد اختلف حيث كل وكلاء الوزارات تم تعينهم من قبل حمدوك .
هذا وقد، أصدر رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك الأربعاء قرارا بتكليف 20 من وكلاء الوزارات بادارة العمل لحين تكوين الحكومة الجديدة، وهو ما يلغي تعيينات سابقة كان اعتمدها البرهان لذات الوزارات.
ووجدت خطوة رئيس الوزراء، رفضا واسعا من القوى السياسية سيما من قوى التغيير مجموعة الميثاق الوطني، حيث أعلن قيادي بها ، رفضهم لقرارات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التي ألغى بموجبها تعيينات كان اعتمدها قائد عام الجيش وكلف بموجبها وكلاء بعض الوزارات بتولي المهام لحين تشكيل الحكومة الجديدة ، وقال القيادي في حركة تحرير السودان – قيادة مناوي، نور الدائم طه، لـ”سودان تربيون”، الخميس؛ إن قرارات حمدوك هذه تخالف الاتفاق السياسي. وتابع “وكلاء الوزارات حسب الاتفاق السياسي يجب أن يكونوا مستقلين، ومن تم تُكليفهم جزء منهم لديهم انتماءات سياسية”. وطالب طه باستحداث آلية واضحة لمراجعة ومراقبة الذين تم تعيينهم كمستقلين لتولي المناصب الحكومية.
مذكرة إحتجاجية
كما تسلم رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، مذكرة احتجاجية من قوى الحرية والتغيير مجموعة الميثاق الوطني، أعربوا فيها عن معارضتهم لتعيين وكلاء الوزارات لوجود شخصيات حزبية وبعضهم يفتقر للكفاءة. وقال القيادي بالحرية والتغيير مجموعة الميثاق علي كسلا، في تصريح صحفي، إن بعض وكلاء الوزارات لديهم انتماءات سياسية وضرب مثالا بوكيل وزارة الخارجية والتعليم العالي، وأكد أنّهم لم يتم استشارتهم حول التعيين، وكشف عن دفعهم بمذكرة لرئيس الوزراء تتضمن ملاحظاتهم حول التعيين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس