بقلم : أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أجمع خبراء ومحللون ، أن دخول تركيا على خط الوساطة في الأزمة الحدودية بين إثيوبيا والسودان، سيعيد العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها لجهة أن تركيا لها وزنها السياسي في منطقة الشرق الاوسط ، بجانب أنها دولة محايدة وليس لها مصلحة في منطقة النزاع بين السودان وإثيوبيا ، لذلك بحسب الخبراء فإن الوساطة التركية ستنجح في طي الخلافات بين دول الجوار.
تركيا على الخط
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استعداد بلاده لحل النزاع بين السودان وإثيوبيا بشأن منطقة الفشقة ، وقال خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الاثيوبي “نولي أهمية كبيرة لحل المشاكل القائمة في إطار ضبط النفس، والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة”، وأكّد أن تفاقم الوضع سيؤثر سلبًا على جميع دول المنطقة ،ولفت إلى أن التوتر في منطقة الفشقة بين السودان وإثيوبيا كان مطروحًا على جدول أعمال اللقاء ، كما ذكر أن هذه القضية بحثها أيضًا مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي استضافه بأنقرة الأسبوع الماضي، وأردف: “أعربت عن أملي الصادق في أن يتم حل النزاع في إطار الحوار وعلاقات حسن الجوار بين البلدين” ، وأضاف: “تركيا على استعداد للمساهمة بكل الطرق لحل النزاع وديا بين السودان وإثيوبيا بشأن منطقة الفشقة، بما في ذلك الوساطة”.
مطالبات سابقة
وسبق أن طالبت إثيوبيا من تركيا التدخل والتوسط بينها وبين السودان ، حيث أكد المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإثيوبية في وقت سابق، دينا مفتي، أن “بلاده ستشعر بالامتنان، في حال توسطت تركيا بينها وبين السودان، من أجل حل النزاع الحدودي القائم” ولفت دينا مفتي وقتها ، إلى إمكانية حل الأزمة الحدودية بين البلدين في منطقة “الفشقة” الحدودية، بـ “الطرق الدبلوماسية”، مؤكدا أن “بلاده لا تفكر في الحرب في الوقت الحالي” ، كما قال المتحدث ، إن وزارة الخارجية الإثيوبية: “سنشعر بالامتنان إذا عرضت تركيا القيام بدور الوساطة بيننا”.
إمكانية نجاح المبادرة
من جانبه ، يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب في مجمل إفادته لـ “أفريقيا برس” : إن وساطة تركيا في النزاع الحدودي بين السودان وأثيوبيا يصعب أن تنجح لجهة أن التوتر يسود العلاقات بين السودان وأثيوبيا على خلفية النزاع حول سد النهضة ، وتابع ، كذلك الصراع الدامي الذي تعاني منه حاليا إثيوبيا في حربها الأهلية ضد شعب تغراي ورفضها القاطع لوساطة السودان بالرغم من أنه يرأس حاليا مجموعة دول ال “إيغاد”.
دولة محائدة
لكن أستاذ العلوم السياسية عبده مختار أبدى تفاؤلة بنجاح الوساطة التركية بين السودان وإثيوبيا لجهة أن تركيا دولة لها وزنها السياسي في الشرق الاوسط ، بجانب أنها محايدة باعتبار أنها ليست لها مصلحة في المنطقة وحوض النيل ، وأضاف مختار لـ “أفريقيا برس” أن “من عوامل نجاح الوساطة التركية هو أن الخلافات بين السودان وإثيوبيا ليست كبيرة كما أن ما يجمع الطرفين أكثر من مايفرقهما ، فضلا عن علاقة الشعبين الوطيدة ، لافتا إلى أن كل ما ذكر تعد عناصر تدعوا للتفاؤل بنجاح الوساطة التركية” .
قوة السودان
بينما يشدد أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية صلاح الدين الدومة في حديثه لـ “أفريقيا برس” على ضرورة أن ترفض دبلوماسية السودان الوساطة التركية لجهة أن منطقة الفشقة لا مساومة ولاتفاض حولها باعتبارها سودانية مئة بالمئة ، ونوه إلى أن مسألة الوساطة في الحالة السودانية الاثيوبية لاتنجح ، متوقعا أن لا يكون هنالك حل للطريفين فإما يسترد السودان أرضه كاملة أو تحتل أثيوبيا الفشقة ، مرجحا كفة السودان لجهة إنه يملك كل مقومات القوى العسكرية والاقتصادية.
وترهن أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم ، الدكتورة تماضر الطيب نجاح الوساطة التركية بما تتمتع به تركيا من علاقات مع كل من اثيوبيا والسودان ، وهنا تقول تماضر لـ “أفريقيا برس” : فعلا أن تركيا لديها القدرة على إقناع الأطراف المتنازعة بضرورة العودة للمفاوضات وتقريب وجهات النظر حول القضايا العالقة.
إنتقادات حادة
من جانبه ، صوب الناطق الرسمي بالحزب الشيوعي فتحي فضل إنتقادات حادة للمبادرة التركية وقلل منها لجهة انها لن تؤدي لحلول وأن تركيا ليست الدولة المحايدة بين الخرطوم وأديس لحل الأزمة، وقال فضل في تصريح لصحيفة “الجريدة” ليس لدينا مانع للتوسط من أجل حل مرضي ولكن أي دولة تطرح مبادرة يجب أن لا يكون لديها أي أجندة او مصالح سواء بالخرطوم أو اديس ابابا. ودلل على ذلك بأن اردوغان تحدث خلال المؤتمر الصحفي على هامش الزيارة عن التعاون العسكري بين أثيوبيا وتركيا ، ونوه الى أن الرئيس الاثيوبي آبي أحمد تحدث عن الاقتصاد والعلاقات، وتساءل كيف يستقيم ذلك؟ ، وأكد أن من حق الاتحاد الأفريقي أن يتدخل للتوسط بتوصية من مجلس الأمن ، وشن هجوماً على رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان بسبب منحه للجانب التركي مساحات زراعية دون وجه حق خاصة وأن تركيا تربطها علاقات مع الإخوان المسلمين وتحتضن قيادات النظام البائد.
وتشهد العلاقات السودانية الاثيوبية على الحدود توترا حول منطقة الفشقة المتاخمة مع حدود الجنانبين، وهي منطقة سودانية إحتلتها إثيوبيا ، لكن بعد التغيير الذي تم في السودان تم إستيرداد جزء منها ، بيد أن الاحتكاكات مازالت تحدث بين الطرفين.
