فرانشيسكا ألبانيزي ضد آلة التشويه الإسرائيلية

8
فرانشيسكا ألبانيزي ضد آلة التشويه الإسرائيلية
فرانشيسكا ألبانيزي ضد آلة التشويه الإسرائيلية

أفريقيا برس – السودان. في زمن يصاغ فيه الظلم قاعدة، وتختزل العدالة في استثناء، يقف من يقول الحقيقة وحيدا، ليجد نفسه محارَبا وملاحَقا بحملات تشويه منظمة، تحاول إسكات صوته وتزييف الحقائق.

بينما يظل الكاذب متربصا خلف أكاذيبه، مستفيدا من نفوذه لنشرها، مسيطرا على السرد، محولا الباطل إلى حقيقة مصطنعة.

من قلب هذا الصراع، تبرز فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، كصوت جريء يواجه آلة الإبادة الجماعية في غزة، حيث اصطدمت مباشرة بنرجسية الاحتلال الإسرائيلي.

وحين فضحت الحقيقة وكشفت الانتهاكات، لم يجد الاحتلال أمامه سوى الكذب وحملات التشويه الإعلامي، سلاح العاجز دائما، في محاولة لإسكات صوت الحق وتبرير جرائمه.

أصدرت فرانشيسكا ألبانيزي تقريرا حول الشركات الداعمة للمشروع الإسرائيلي الهادف إلى تهجير الفلسطينيين، محللة تواطؤ هذه الشركات مع الاحتلال واستفادتها من اقتصاده القائم على الفصل العنصري والاحتلال غير القانوني

تمنع إسرائيل فرانشيسكا ألبانيزي من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما تمنع وصول آليات تقصي الحقائق ومحققي المحكمة الجنائية الدولية.

وهو تصرف يشكل عرقلة صريحة لمسار العدالة، ووسيلة لإخفاء الأدلة ومنع اتخاذ التدابير اللازمة لحفظها، في تحدٍ مباشر للأمم المتحدة ومقرريها الخاصين، ولجميع الالتزامات الدولية المنبثقة عن القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

ورغم القيود والعراقيل، تواصل ألبانيزي توثيق انتهاكات الاحتلال، معتمدة على بحوث وتحليلات قانونية، ومقابلات مع الضحايا والشهود في الأردن ومصر.

وتكمن قوة تقاريرها في لغتها المباشرة الخالية من التجميل، إذ لا تتردد في استخدام مصطلحات مثل: “إبادة جماعية، عدوان، تطهير عرقي، فصل عنصري، احتلال، استعمار”.

وقد استندت في عملها إلى الإطار القانوني الدولي، بما يشمل القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي، والعرف الدولي، إلى جانب التطورات القانونية والاجتهادات القضائية ذات الصلة.

كما أصدرت تقريرا حول الشركات الداعمة للمشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي الهادف إلى تهجير الفلسطينيين واستبدال آخرين بهم، محللة تواطؤ هذه الشركات مع الاحتلال واستفادتها من اقتصاده القائم على الفصل العنصري والاحتلال غير القانوني، وصولا إلى الإبادة الجماعية. وقالت: “لو رُوعيت العناية الواجبة بحقوق الإنسان، لانسحبت الكيانات التجارية منذ زمن طويل من الاحتلال الإسرائيلي”.

منحت هذه الشركات وغيرها إسرائيل إمكانية الوصول إلى تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي على مستوى حكومي تقريبا، ما عزز قدراتها في المراقبة والتحليل واتخاذ القرار

ودعت إلى ضرورة مساءلة هذه الشركات ومديريها التنفيذيين محليا ودوليا، ووقف المساعي التجارية التي تمكن من إبادة الأبرياء وتستفيد منها، خصوصا حين يتعلق الأمر بحق تقرير مصير شعب ووجوده ذاته. وهو شرط أساسي لوقف الإبادة الجماعية، وتفكيك النظام العالمي الذي سمح بها.

بينت ألبانيزي كيف ساهمت بعض الشركات، بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023، في تسريع عمليات التهجير خلال الحملة العسكرية التي سحقت غزة وشردت أكبر عدد من الفلسطينيين منذ 1967. وكشف تقريرها عن تداخل اقتصاد الاحتلال الاستيطاني مع جرائم الإبادة، مشيرا إلى شركات مثل: Microsoft وAlphabet Inc (Google) وAmazon.

وقد منحت هذه الشركات وغيرها إسرائيل إمكانية الوصول إلى تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي على مستوى حكومي تقريبا، ما عزز قدراتها في المراقبة والتحليل واتخاذ القرار. وهو ما يثير شبهة التواطؤ في جرائم دولية خطيرة، مثل المساعدة والتحريض والتسهيل.

قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: تمثل هذه الخطوة هجوما واضحا ومخزيا على المبادئ الأساسية للعدالة الدولية

إن ما تناولته المقررة الأممية ليس سوى الحقيقة، بينما ما يفعله الاحتلال ليس إلا محاولات لإشباع غروره وتثبيت هيمنته، بعيدا عن أي اعتبار للعدالة الإنسانية.

والأسوأ أن الولايات المتحدة لم تكتفِ بتجاهل الحقائق التي كشفتها ألبانيزي، بل انحازت بوضوح إلى الرواية الإسرائيلية بدوافع سياسية لتبرير الاحتلال وحمايته، وذهبت أبعد من ذلك بفرض عقوبات شخصية عليها، متهمة إياها بمعاداة السامية ودعم الإرهاب، في محاولة لكتم صوتها المستقل وثنيها عن مواصلة عملها.

ومع ذلك، لم تتراجع ألبانيزي، بل واصلت أداء مهامها بثبات، مؤكدة أن الحقيقة لا يمكن طمسها مهما اشتدت حملات التشويه أو الضغوط السياسية. وأثبتت أن الحق يظل السلاح الأقوى في مواجهة الباطل، موجهة درسا للعالم أجمع بأن العدالة الإنسانية لا تصان إلا بأصوات جريئة تتجرأ على قول الحقيقة، مهما كان الثمن.

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “تمثل هذه الخطوة هجوما واضحا ومخزيا على المبادئ الأساسية للعدالة الدولية”.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here