حرائق تونس بنكهة سياسية.. سعيد يستعين بتبون وأنصاره يتهمون النهضة

54
حرائق تونس بنكهة سياسية.. سعيد يستعين بتبون وأنصاره يتهمون النهضة
حرائق تونس بنكهة سياسية.. سعيد يستعين بتبون وأنصاره يتهمون النهضة

أفريقيا برس – تونس. في الطريق بين تونس العاصمة ومدينة نابل يتصاعد الدخان وتنبعث رائحة الحريق المتواصل في جبل “بوقرنين”، فيما تُسمع من بعيد أصوات انفجارات، تقول الحكومة إنها لقنابل تعود للحرب العالمية الثانية.

وتؤكد الحكومة التونسية أنها تمكنت من السيطرة على 90 في المئة من الحريق المستمر منذ يوم الثلاثاء بفضل مساعدة الجزائر، التي أرسلت طائرتين وأكثر من 20 شاحنة، فضلا عن 70 عنصرا من الحماية المدنية، وفق ما يؤكد الناطق باسمها، نصر الدين النصيبي.

ويبرر النصيبي تأخر الحكومة في إطفاء الحريق بأنه “اندلع في مكان تضاريسه صعبة، والوصول إليه معقد، وباعتبار شدة الرياح انتشر في وقت قصير جدا ووصل إلى قمم الجبال”.

تؤكد الرئاسة الجزائرية، بدورها، أن الرئيس عبد المجيد تبون أمر بإرسال مساعدات عاجلة لتونس، تدخل في إطار “التعاضد والتآزر في إطار الأخوة الصادقة والدائمة”، وفق ما عبر السفير الجزائري في تونس، عزوز باعلال.

وبعد ساعات، يجري الرئيس قيس سعيد اتصالا هاتفيا بنظيره الجزائري، يُعبّر فيه عن “شكره وامتنانه إثر توجيه طائرات وشاحنات إطفاء على وجه السرعة لمعاضدة جهود بلادنا في مواجهة الحريق الذي شبّ بجبل بوقرنين بالضاحية الجنوبية لتونس العاصمة والذي تمت السيطرة عليه”، وفق الرئاسة التونسية.

ورغم أن الطبقة السياسية التونسية تثني بمجملها على الجهود التي تبذلها الجزائر للوقوف إلى جانب تونس في جميع الأزمات، وخاصة الحريق الأخير الذي ابتلع مساحات واسعة من الغابات، إلا أن المعارضة تستغل هذه المناسبة للتأكيد على تقصير السلطات التونسية أو “تجاهلها” لأغلب مشاكل البلاد.

الرئيس هو السبب

ويقول القيادي في حركة النهضة، رفيق عبد السلام، “نحن إزاء رئيس لا يعبأ بكوارث بيئية ولا مشاكل تنموية وكل ما يهمه مزيد تكديس السلط بين يديه من دون أن يعرف ماذا يفعل بها، او أن تكون له القدرة أصلا على حل مشكلات البلاد والعباد، فقد اقتصر دوره خلال السنوات الثلاث التي جلس فيها على كرسي الحكم على السب والشتم وإثارة الفتن ونسج المقالب والمؤامرات القضائية ضد خصومه”.

ويتابع، في تدوينة على موقع فيسبوك، “ما يحز في النفس هو أن يخصص (الرئيس سعيد) من عرق جباه التونسيين وجيوبهم الخاوية 50 مليار مليم من أجل استفتاء فاشل وكاسد صنع على مقاس شخص واحد ووحيد، دون احتساب عشرات المليارات الأخرى التي ستنفق في تشغيل ماكينة الدولة للغرض، بينما كان من الأحرى والأولى أن تخصص هذه المليارات لطائرات وتجهيزات إطفاء الحرائق، خاصة وأن تونس مع التحولات المناخية التي يشهدها الكوكب أضحت عرضة لمثل هذه المخاطر البيئية”.

فيما يرى الباحث مخلص المرزوقي أن حريق جبل بوقرنين “هو جرس خطر هو ضوء أحمر وهو كارثة كانت أكثر من متوقعة، وسبق أن اشتعلت النيران في هذا الجبل، ولكن هذه المرة جاءت النيران بحجم مهول وخرجت بسرعة عن السيطرة”.

ويؤكد أنه “لا يجب أن نمر بسرعة عن الحادثة وكأنها قضاء وقدر وأنها من فعل جان وقع أو سيقع القبض عليه. انتهى ويقفل الملف. هذا الحريق هو إنذار للملف البيئي الكارثي الذي ينتظرنا من الزحف السريع للتصحر الى ندرة والشح المتسارع للمياه. من ندرة الطاقة الى تبدل المناخ بكل أخطاره، ملفات معقدة وعويصة ولا من منتبه، وكأن “أسدى تعليماته” السحرية (في إشارة لسعيد) ستحل مشكل من هذه المشاكل الحيوية وحتى المصيرية”.

عمل إجرامي

يؤكد وزير الداخلية توفيق شرف الدين أنه تمت السيطرة على 90 في المئة من الحريق، لكنه يتحدث أيضا عن احتمال وجود “عمل إجرامي” خلفه، مشيرا إلى أن السلطات بدأت التحقيق بشكل جدي في هذا الأمر.

أنصار الرئيس، بدورهم، يستغلون تزامن هذه الحرائق مع استجواب رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، ليتهمون الحركة وأنصارها بافتعال هذه الحرائق للتشويش على مسار العدالة والضغط على القضاء للإفراج عن الغنوشي، مستعينين بصور وفيديوهات يقولون إنها تحتوي “أدلة ثابتة ومؤكدة” حول هذا الأمر.

وفي أيار/مايو الماضي، اتهم الرئيس قيس سعيد معارضيه، وخاصة “جبهة الخلاص الوطني”، بالوقوف وراء الحرائق التي تشهدها البلاد، وأكد حينها أن الحرائق التي تشهدها مناطق عدة في تونس ليست من قبيل الصدفة، مشيراً إلى أنها تتزامن مع الخطاب المتصاعد ضده من قبل “جبهة الخلاص الوطني”.

وتابع بقوله “هؤلاء يتبعون سياسة الأرض المحروقة ويريدون حرق البلاد (…)، ولا مجال للتسامح مع أعداء الوطن والباحثين عن تفتيت الدولة. ولا تسامح مع المس من الأعراض والمس من الدولة ومؤسساتها ومن السلم الاجتماعية والأمن الغذائي للتونسيين”.

صور مزيّفة

وكما هي العادة في جميع الأحداث في تونس، تستغل بعض الصفحات الاجتماعية حريق بوقرنين لنشر صور مثيرة للجدل تبيّن لاحقا أنها تعود لأحداث في مناطق أخرى من العالم ولا علاقة لها بالحادث.

منصة “تونس تتحرى” التابعة لنقابة الصحافيين والمتخصصة بكشف الأخبار المضللة، تستعرض عددا من الصور، الأولى تُظهر عددا من عناصر الحماية المدنية مستسلمين للنوم بعد إخماد حريق بوقرنين، وأكدت أنها مضللة وتعود أساسا إلى الحرائق التي وقعت منذ أسبوع في منطقة جيروند بجنوب غرب فرنسا.

ويبدو في الصورة الثانية عناصر الحماية المدنية في حالة تعب وإنهاك بعد إخماد الحريق، إذ تعلق إحدى الصفحات الاجتماعية التونسية “رجال الوطن وحماته في استراحة محاربين بعد قضاء ليلة كاملة من أداء الواجب الوطني باخماد حريق بوقرنين”، إلا أن المنصة تؤكد أنها مضللة ولا علاقة لها بتونس.

صفحات اجتماعية أخرى تنشر صورا لحيوانات أكدت أنها فارّة من حرائق جبل بوقرنين وقد بدت عليها علامات ندوب وحروق، إلا أن المنصة أكدت أن هذه الصور تعود لحرائق وقعت في ولاية “تيزي وزو” الجزائرية عام 2019.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here