أفريقيا برس – تونس. اعتبر محمد المناعي القيادي بحزب المسار الديمقراطي في حواره مع “أفريقيا برس” أن فشل السلطة الحالية في تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للتونسيين، أكبر حجة لإقناع الشارع ببدائل المعارضة وبرامجها.
وبين المناعي أن حزب المسار يسعى بمعية أحزاب من العائلة الديمقراطية التقدمية لتشكيل مبادرة تعمل عل استعادة المسار الديمقراطي وتقديم حلولا جدية لإنقاذ الاقتصاد باستعانة بخبراء في كل المجالات ، لافتا أن مبادرة اتحاد الشغل تواجه تحدي قبول أو رفض الرئاسة بها في حين أن مبادرة أحزاب العائلة الديمقراطية تشمل عموم الناس والنخب السياسية والمنظمات في تونس.
ومحمد المناعي هو عضو الأمانة الوطنية لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي وهو ناشط نقابي وفي المجتمع المدني.
حوار آمنة جبران
ماهي تفاصيل المبادرة التي اتفقتم بشأنها كحزب المسار مع مجموعة من الأحزاب الأخرى والتي تطرح خطة لإنقاذ تونس؟
هذه المبادرة بصدد التشكل منذ بداية السنة الجارية وهي نتيجة للوضع السياسي بالبلد الناجم عن التفرد بالحكم وحالة الانغلاق، لذلك بادر حزب المسار والحزب الاشتراكي وائتلاف صمود لتجميع عدد من الأحزاب السياسية والجمعيات والشخصيات الاعتبارية وخبراء في المجال الاقتصادي وشخصيات لها تجربة في الشأن العام في اجتماع أول حتى نستطيع أن نفكر سويا، لم تكن هناك ورقة ننطلق منها، بل هناك فكرة انطلقنا منها لنبحث معا عن كيفية استيعاب قانون اللعبة وذلك باستعادة المسار الديمقراطي في البلاد على المستوى السياسي والخروج من الأزمة.
وقد انطلقنا في نفس الفترة التي بدأت فيها مبادرة اتحاد الشغل بالتشكل، وقد فكرنا أيضا في كيفية الالتقاء مع مبادرة الاتحاد بدعمها وإسنادها وفي نفس الوقت بطرح تصورات اقتصادية واجتماعية نظرا لأن الأزمة السياسية كانت ترافقها أزمة اقتصادية، فهذا كان المنطلق وبدأنا في التفكير سويا، وليس كل من شارك في البداية وحضر معنا واصل، في حين الباب مازال مفتوحا أمام الجميع لهذه المبادرة ولم نغلقه ومازالت مشاورات المبادرة متواصلة إلى اليوم.
هل سننجح هذه المبادرة برأيك في ضم أحزاب أخرى إليها من تيارات سياسية أخرى، أم تناقضات المعارضة السياسية تصعب عملية التوحيد؟
هو في الحقيقة كما نعلم جميعا أطراف المعارضة ليست متناسقة في توجهاتها وحتى في الحلول التي اقترحتها، فالمعارضة في تونس معارضات، نرى مثلا جبهة الخلاص والمجموعة التي تؤيدها لها توجها واختيارا معينا ولديها تقييم خاص لمسار 25 جويلية ولسبل الحل، هناك الحزب الدستوري الحر أيضا لديه تقييمه الخاص وطريقة تحرك خاصة، نحن كحزب المسار نختلف مع هذه الأطراف في حين نحن تستوعب ما نسميه بالقوى الديمقراطية والاجتماعية مثل حزب الاشتراكي والتحرري وائتلاف صمود وغيرها، وأيضا طيف واسع من الناس الموجودة خارج الأحزاب وهم من الجمعيات والصحفيين والفنانين والطلبة والناشطين الاجتماعين والنقابيين..هذا الطيف ليس لديه إطار يحتويه حتى يمنحه فرصة التفكير ويقوم بتصور موحد ومشترك، فنحن أردنا أن نمهد الأرضية حتى هذه الناس لا تسير خلفنا في الحلول بل لنذهب سويا بخطى مشتركة وقوية، فتشرذم المعارضة خاصة المعارضة الديمقراطية هو ما جعلنا نفقد وزنا سياسيا كبيرا، وفي حين أن الناس تختصر المعارضة في تيارين أو ثلاث تيارات بينما هذه القوى التي مازالت دون عنوان واضح وبقيت بمبادرات فردية تمثلها أيضا، فحزب المسار يتفاعل كحزب بشكل منفرد مع أحزاب أخرى تتفاعل بنفس الدرجة ، لذلك توصلنا إلى ضرورة أن يكون هذا التفاعل مشتركا وموحدا، والحل يكون موحد باعتبار أن الأزمة واضحة وهناك إجماع في تشخيص الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وقد اتصلنا في البداية ببعض الأطراف اليسارية وكانت مترددة ومتمسكة بفكرة إسقاط هذا الوضع عبر الشارع لذلك ذهبت في اتجاه آخر، وبالنسبة لنا فإن تفكيرنا هو حول المضامين وبأساليب الضغط السلمي والمدني وكان هناك تجاوبا خاصة من القوى الاجتماعية والجمهورية والديمقراطية وأحزاب سياسية، وهناك شخصيات ابتعدت عن الشأن العام ووجدت في هذه المبادرة الفرصة سانحة للعودة وتقديم إضافة فهذا ما أسعدنا أكثر هو عودة شخصيات اعتبارية التي نستعين بها لأخذ رأيها السياسي ليس فقط كخبراء وكتقنيين في مجال معين، وهي شخصيات ذات وزن في البلد وكانت فرصة حتى تقدم لنا تصورها ومقترحاتها وقد أثرت في الواقع النقاش والجلسات التي المتعلقة بالمبادرة إلى حد الآن.
كيف يكمن إقناع الشارع ببدائل المعارضة في حين الأوضاع الاقتصادية لم تجد طريقا إلى الحل إلى الآن، ماهي خطتكم في هذه المجال؟
برأيي أكبر حجة لإقناع الشارع هو الفشل الذي يغرق فيه الطرف السياسي الحاكم اليوم، وهو فشل على مستوى الاستجابة للضروريات مثل المواد الغذائية والطاقة والمياه وتمويل الخبز وأزمة التعليم وغيرها..فأكبر حجة هي الأداء الضعيف والهزيل الذي نعتبره فشلا لمن يقود في البلد حاليا، وإذا كان للمواطن لديه حد أدنى من الوعي، فعليه أن يدرك أنه لا يستطيع البلد المواصلة في هذا الاتجاه فنحن نغرق في الأزمة أكثر فأكثر، وبالتالي لا بد من إنقاذها بمقترحات جدية.
الحل ليس في الصراع والخصام وإسقاط طرف بعينه، بل بأن تكون هناك بدائل لحالة الوهن التي وصلت إليها الأوضاع خاصة على مستوى اقتصادي ومعيشي، وهو لا يتطلب الكثير من المجهود والوعي حتى ندرك أننا في الاتجاه الخاطئ على مستوى داخلي وخارجي أيضا، وعلى مستوى الحريات والتعاطي الديمقراطي فمجلس البرلمان لا أحد يهتم به في ظل شرعيته المهزوزة كأنه غير موجود نفس شيء مع بقية مؤسسات الدولة التي تتسم بأداء هزيل وضعيف.
كنتم كحزب ضمن منظومة الحكم في المجلس التأسيسي والبرلمان والحكومة وتولى سمير بالطيب وزارة الفلاحة في حكومة يوسف الشاهد ؛ لكن حسب المتابعين لم يوفق الحزب في إدارة الوزارة وحل المشاكل القائمة في القطاع الفلاحي؛ برأيكم لماذا ؟ وكحزب كيف تقيمون دوركم في حل مشاكل الناس؟
التجربة التي قام بها بحزبنا سواء في حركة التجديد أوفي حزب المسار في المجلس التأسيسي وفي البرلمان كان مشهود لها بالايجابية لأنه دفعنا نحو صياغة دستور مدني في الوقت الذي كان فيها طبيعة الصراع حينها بين قوى المدنية والحداثة وقوى أخرى رجعية وهي قوى الإسلام السياسي، ونعلم ذلك جيدا حين كانت حركة النهضة مهيمنة على الشأن السياسي وعلى الشارع، حيث كانت المعركة واضحة وكنا في صدارة الناس التي دافعت على تضمين دستور 2014 للمكاسب والحريات والدولة المدنية والديمقراطية.
بالنسبة لتجربة سمير بالطيب نحن نعلم أن حزب المسار فكر في البداية في إطار عملية إنقاذ في تشكيل حكومة تجمع كل الأطراف وذلك بعد أحداث بن قردان، لكن بعد مدة قصيرة تبين حينها أن حكومة يوسف الشاهد لم تذهب في الاتجاه الصحيح، وهو ما قاد إلى ابتعاد حزب المسار عنها والانسحاب من تلك الحكومة، لكن سمير بالطيب خير أن يواصل في مسؤوليته الحكومية والخروج من الحزب والالتحاق بحزب تحيا تونس، وبالتالي حزب المسار انتهت علاقته بالحكومة حينها، وعلى العكس الانتقاد الكبير هو ما وجهناه إلى حكومة الشاهد حيث كانت حكومة محاسبة وحكومة صراعات داخلية ولم تكن فيها أي مصلحة للشعب وحتى الأحزاب السياسية.
هل تتوقع أن يقوم البرلمان الجديد بمراجعة المرسوم 54 بعد تصاعد الانتقادات بشأنه؟
للتذكير فقد طالبنا كحزب المسار منذ صدور المرسوم 54 بسحبه في بيان واضح وهذه المطالبات تكررت في كل حادثة تطال انتهاك الحريات وطالبنا بسحب هذا المرسوم نظرا لطبيعته المتناقضة مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وانتهاكه للحقوق والحريات، لكن بالنسبة للبرلمان الحالي لا نعتقد أنه يستطيع القيام بدور في هذا الاتجاه، لسبب بسيط أنه برلمان ناتج عن فكرة واحدة ومساندة لتوجه رئيس الجمهورية ومسار 25 جويلية، ليس هناك معارضة ونقاشا فعليا وسياسيا الذي يسمح بتعديل هذا المرسوم، وبالتالي المحمول عليه تعديل أو سحب أو إلغاء هذا المرسوم هي القوى المدنية والجمعيات ونقابة الصحفيين واتحاد الشغل والأحزاب..هذه الأطراف المحمول عليها القيام بذلك وتحمل مسؤوليتهم في هذا الصدد والمطالبة بتعزيز الحقوق والحريات خاصة، ونحن نرى النتائج الكارثية لهذا المرسوم بتتبع التعبير الحر فكان سيفا مسلطا على الحقوق والحريات التي تعد مكسبا من مكاسب الثورة التونسية ونضال طويل للنخب التونسية.
هل أن الإيقافات وقضايا الرأي الأخيرة هي خطوة تستهدف المعارضة وبالتي قد تنجح في إرباكها وتهميشها؟
بالنسبة للإيقافات كنا دائما نطالب بمحاسبة الناس التي أجرمت وتورطت بطريقة أو بأخرى في أي قضايا سواء مالية أو إرهابية أو تسفير أو غيرها. وبالتالي هذا مطلبنا دائما وكنا دائما نلوم الحكومات المتعاقبة طيلة عشرة سنوات على فكرة الإفلات من العقاب التي عانى منها الشعب التونسي لمدة طويلة قبل الثورة وبعدها، لكن نؤكد في المقابل أن عملية المحاسبة هذه يجب أن تتم في إطار منظومة قضائية واضحة وعادلة يعني أن تكون المحاكمات شفافة وحقيقية وليست تصفية حسابات أو اعتقالات بسبب التعبير عن الرأي أو بسبب اجتماعات سياسية وبالتالي الجمع بين الناس المتورطة وبين الأبرياء وبين المناضلين المدنيين الموجودين اليوم في السجون مثل الشابي والشواشي وغيرهم، فوجودهم في السجن هي نقطة سلبية وسوداء للمنظومة الحاكمة الحالية، صحيح المحاكمة ضرورية ومطلوبة وهي مطلبا شعبيا ومطلب النخب أيضا، لكن يجب أن تكون على قاعدة الإنصاف ووفق منظومة قضائية عادلة.
هل تعتقد أنه وقع إجهاض مبادرة الحوار الوطني التي يرعاها اتحاد الشغل أم مازال هناك فرصة لإحيائها رغم تجاهل الرئاسة لها؟
بالنسبة لمبادرة اتحاد الشغل لا تستطيع أن يكون لها صيت إلا إذا كان هناك طرفا آخر قابلا للحوار، لا يكون هناك حوار والجهة والطرف المقابل يصم آذانه عنه ويرفضه، لذلك مبادرة الاتحاد تواجه صعوبات والصعوبة الأساسية هي أنها موجهة لرئيس الجمهورية بالأساس، على عكس مبادرتنا الموجهة لعموم المواطنين وللنخب السياسية، وقد بان بالكاشف أن رئيس الجمهورية رافض لهذا النوع من الحوارات وكان دائما ما يحيل ذلك إلى البرلمان والمؤسسات.
لكن هذا لا ينفي أنه حتى لو رفض رئيس الجمهورية فكرة الحوار فان المبادرة لن تسقط وستتجه للأحزاب السياسية والمعارضة والجمعيات حتى تقوم بضغط ايجابي ستكون نتيجته الدعوة إلى العودة إلى الرشد ، حيث على السلطة القائمة أن تتوب إلى رشدها وتدرك أن مشاكل البلاد لن يقوم طرف واحد فقط بحلها، حيث يجب جلوس جميع الأطراف على طاولة واحدة لحلها والخروج من الأزمة بعمل جماعي، وبالتي مازالت لمبادرة الاتحاد وشركائها فرصة للقيام بدورها في الضغط الكافي، لإقناع الرئيس بالحوار أو تعديل السياسات القائمة حاليا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس