تونس: القضاء ينظر بتورط بن علي بأحداث سجن المهدية

42

نظرت الهيئات المتخصصة في العدالة الانتقالية بكل من المحكمة الابتدائية بتونس والمنستير وسيدي بوزيد، أمس الخميس، في قضايا انتهاكات جسيمة تورط فيها الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ومسؤولون في الداخلية، وأعوان سجون وإطارات عليا في تونس، في إطار أحداث السجن المدني بالمهدية.

وتعود أحداث السجن المدني بالمهدية إلى الليلة الفاصلة بين يومي 14 و15 يناير/ كانون الثاني 2011، والفوضى التي شهدتها بعض السجون التونسية، ما أدى إلى سقوط 6 قتلى و11 جريحاً.

وخُصصت الجلسة للاستماع إلى الأشخاص الذين مارسوا الانتهاكات ونُسبت إليهم الاعتداءات، والجرحى ضحايا أحداث السجن.

وفي الجلسة المخصصة بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، قال المحامي محسن السحباني، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنّ الجلسة خُصصت لسماع عائلة الراحل المولدي بن عمر (ينتمي إلى حركة الاتجاه الإسلامي: النهضة حالياً) باعتبارهم متضررين، مبيناً أن المحكمة وفرت لهم الإطار الملائم للحديث عن تفاصيل الملف والانتهاكات التي تعرض لها بن عمر، خاصة وأن أبشع أنواع التعذيب مورست عليه بالسجن المدني بتونس.

وأوضح السحباني أنّ الانتهاكات والمظلمة التي عرفتها عائلة بن عمر كانت قبل الاعتقال من مداهمات وتفتيش للمنزل وترويع لساكنيه، وأيضاً بعد الاعتقال من حرمان من العمل ومضايقات وممارسات ممنهجة، وهو ما دونته المحكمة بعد الاستماع إلى أرملة وأبناء الراحل، مشيراً إلى أنه لا بد من استكمال الاستماع إلى مرتكبي الانتهاكات، وهم 16 شخصاً من أعوان مارسوا التعذيب، إلى من أصدروا التعليمات والمسؤولين الكبار في النظام الأسبق، حيث حضر ثلاثة منهم، في حين حضر محامي البعض الآخر، وسيتواصل إرسال الدعوات للبقية لحضور الجلسات القادمة، خاصة وأن عدداً منهم لم تصله الاستدعاءات.

وأفاد المحامي بأنّ بعض المتهمين في القضية في حالة فرار، وهناك قاضٍ متورط لا يزال يمارس عمله في منصب مهم بمحكمة الاستئناف، ولذلك توجد طلبات برفع الحصانة عنه ودعوته للمحاكمة، لأنه كان في تلك الفترة في منصب مساعد وكيل جمهورية، وغالط الرأي العام وتولى التغطية على الجريمة، مبيناً أنّ هناك عدة صعوبات في استكمال مسار العدالة الانتقالية، خاصة في مرحلة المحاكمات التي تعتبر مرحلة حساسة ودقيقة.

وبين أن الوضع السياسي في تونس يلقي بظلاله على المحاكمات الحالية، ومع ذلك فإن الضحايا ومحاميهم والمنظمات الحقوقية حريصون على أن يأخذ العدل مجراه، وأن تكشف الانتهاكات التي حصلت، وأن تبلغ المحاكمات مداها، وأن يُعاقب كلُّ من ارتكب أو مارس انتهاكاً.

وقالت أرملة الشهيد المولدي، نادية بن عمر، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنها لم تكن تتخيل أن تخصص جلسة لمحاسبة قتلة زوجها الذي تم التنكيل به، ما أسفر عن الموت تحت التعذيب، مضيفة أنهم عاشوا من 1992 إلى 2009 العديد من المضايقات، وكانت جل تحركاتهم مراقبة من البوليس السياسي، حتى إن جيرانهم كانوا يتجنبون الحديث معهم خشية أن تطاولهم الملاحقات.

وأفادت بأن بيتها كان كثيراً ما يتعرض للتفتيش والسرقة من قبل نظام بن علي، وتم محو صور وبطاقة هوية زوجها ووثائقه، وكل ما يذكرهم به، وكأن النظام يحاول طمس جريمته بمحو أي أثر للضحية، مشيرة إلى أنها تحمّل المسؤولية في الانتهاكات التي حصلت لزوجها لبن علي، وإلى المنظومة التي كانت تطبق تعليماته، مبينة أنهم يأملون أن يحظى ملف زوجها الذي قُتل تحت التعذيب الوحشي بالسجن المدني بتونس بالمتابعة اللازمة، وأن تُكشف الحقيقة التي أودت بحياة العديد من الضحايا، ذنبهم الوحيد انتماؤهم السياسي.

وبينت أن لديهم ثقة في مسار العدالة الانتقالية، وأن هدفهم ليس التشفي والانتقام، بل كشف الحقيقة والمحاسبة، خاصة أنه لم يُسمح في تلك الفترة لعائلة زوجها وحتى والده، بتقبل العزاء أو حضور جنازته، وقد حضرت دفنه بمفردها وسط أجواء من الرعب والإرهاب، مؤكدة أنها عاشت رفقة أبنائها وسط خوف وترهيب.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here