زهير حمدي لـ”أفريقيا برس”: التيار الشعبي يدعم الرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية

69
زهير حمدي لـ
زهير حمدي لـ"أفريقيا برس": التيار الشعبي يدعم الرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أكد الأمين العام للتيار الشعبي محمد زهير حمدي في حواره مع “أفريقيا برس”، على دعم حزبه للرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية القادمة حيث يعتبر أن الفرصة مازالت قائمة معه لتثبيت أركان مشروع التحرر الوطني القائم على الديمقراطية الشعبية مع ضرورة تجاوز أخطاء المرحلة للعبور بتونس إلى المستقبل الذي يليق بها وتحقيق التقدم والانجاز والرفاه للتونسيين.

ورأى حمدي في تقييمه لمسار 25 جويلية بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاقه أن “الرئيس نجح في إدارة الأزمة السياسية وتخفيف الكلفة على البلد بتمرير الإصلاحات السياسية الكبرى والالتزام بالمواعيد الانتخابية”، مقرا في المقابل “بصعوبات اجتماعية واقتصادية لا يمكن إنكارها”، لافتا في ذات السياق على أن “الحرب على الفساد يجب أن تتماشى مستقبلا مع الإنجاز الاقتصادي فلن تنجح هذه المعركة ما لم يلمس نتائجها المواطن على واقعه المعيشي”، وفق تقديره.

وزهير حمدي هو الأمين العام لحزب التيار الشعبي في تونس،وهو أستاذ قانون وعلم اجتماع بالجامعة التونسية.

لماذا اخترتم دعم الرئيس قيس سعيد في السباق الرئاسي والاصطفاف وراءه للفوز بولاية رئاسية ثانية؟

إختيار التيار الشعبي دعم الرئيس قيس سعيد قائم على رباعية: أولا؛ المبادئ والقيم المشتركة، ثانيا؛ السياسات العامة التي يعبر عنها الرئيس، ثالثا؛ المرحلة السياسية التي بدأت بإجراءات 25 جويلية 2021، والتي كان الهدف منها إعادة بناء مؤسسات الدولة وإنهاء حكم الفوضى والفساد، رابعا؛ المعطى الأخلاقي ففي أغلب البلدان العرف السياسي يقضي بأن كل منظومة سياسية داعمة للرئيس يكون هو من له الأولوية في الترشح طالما لم يستوفي الدورتين وهذا نلاحظه في أعرق الديمقراطيات، وبالتالي الرئيس سعيد هو المرشح الأول من المفروض لكل من ساند وساهم ودعم خياراته في المرحلة السابقة مهما كانت بعض التحفظات هنا وهناك.

وإذا أضفنا قراءة المرحلة حيث تحاول شبكات المصالح وأدواتها ورعاتها في الخارج إعادة التموضع واستغلال الانتخابات للانقلاب على الشعب بعد أن فقدت جزء من نفوذها وامتيازاتها وهي في تحالف موضوعي مع أدوات الإرهاب والفوضى وقوى الهيمنة الخارجية وكل المتضررين من المرحلة، وإذا أضفنا الوضع الدولي المحتقن وحجم المتغيرات الدولية وحيث بدأت تونس مرحلة تمهيد استراتيجي لتنويع العلاقات يجب تعزيزها والتقدم فيها، إذا أضفنا الخطاب الإلغائي لخصوم الرئيس حيث يريدون العودة بالبلاد للمراحل الانتقالية والحكم المؤقت مما يفتح الباب مجددا على الفوضى وانهيار الدولة ونعرف أن كثير من الدول العربية باتت فيها المراحل الانتقالية دائمة حتى تآكلت هذه الدول وتفككت، ونحن قاومنا مشروع الشرق الأوسط الجديد الهادف لتدمير وتفكيك الدول الوطنية.

إذا أضفنا الموقف من الصراع العربي الصهيوني حيث باتت تونس الدولة العربية الوحيدة تقريبا التي لا تعترف بكيان العدو ولا بحل الدولتين وهذا مكسب كبير لأن الموقف هذا ليس مجرد موقف من القضية الفلسطينية وإنما يعكس عقيدة ورؤية سياسية كاملة لطبيعة الصراع في المنطقة والعالم ويعكس الانحياز لقيم التحرر القومي والإنساني. لذلك التيار الشعبي دعم قيس سعيد ويعتبر الفرصة مازالت قائمة معه لتثبيت أركان مشروع التحرر الوطني القائم على الديمقراطية الشعبية والسيادة الوطنية والتنمية المستقلة مع ضرورة تجاوز أخطاء مرحلة الاستثناء وقد قدم الرئيس جرد حساب في خطابه الأخير وبين جملة الصعوبات وضرورة تصحيح كل أخطاء يمكن أن تقع في المستقبل وهو ما عملنا عليه طيلة المرحلة السابقة وسنعمل عليه لاحقا إن شاء الله.

هل تعتقد أن الرئيس سعيد هو المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات أم المفاجآت الانتخابية واردة؟

من حيث الحظوظ، أعتقد أن الرئيس قيس سعيد هو الأوفر حظا، وندعو كل المؤمنين بالسيادة والتحرر الوطني والتعويل على الذات وبالقيم الإنسانية في مواجهة الهيمنة والصهيونية بضرورة دعم الرئيس لكسب هذه المعركة وعدم تشتيت الجهد والأصوات وحسم الانتخابات مبكرا والتفرغ لمرحلة البناء.

هل المشهد الحقوقي المتراجع في تونس بسبب المرسوم 54 والتضييقات على المعارضة يحرج مؤيدي مسار 25 جويلية؟

بخصوص الوضع الحقوقي عموما موقفنا واضح وقد ورد في البيان؛ “ضرورة حماية مكتسبات شعبنا السياسية والحقوقية غير القابلة للتصرف والتي تتطلب التعزيز والمراجعة الضرورية ووضع كل التّشريعات والإمكانيّات لإقامة قضاء حر وعادل وناجز بكل استقلالية ومهنية لضمان حسن إنفاذ القانون والمساواة التامة أمامه وحفظ الحقوق. إلى جانب إرساء الإعلام الحر والمستقل”، وموقفنا واضح من الفصل 24 من المرسوم 54 جاء عام وفتح الباب على بعض التجاوزات وحاول الرئيس التدارك من خلال العفو الأخير، وهذا مؤشر على رغبة في تجاوز الأخطاء مهم جدا، ومن المؤكد أنه ستتم مراجعة هذا الفصل حتى نتجنب كل تجاوز في المستقبل ونحمي مكتسباتنا. لكن نحن نقيم ربطا جدليا بين الحريات السياسية وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فلماذا تغيب عند البعض حقوق المرأة الريفية وحقوق المعطلين من أصحاب الشهادات وحقوق مئات آلاف المتقاعدين يتقاضون أجورا أقل من منح العائلات المعوزة، وتغيب عنهم حقوق ملايين الفقراء ومستقبل وحقوق أكثر من مليون طفل تسربوا من المدارس وتغيب عندهم حقوق صغار الفلاحين والعمال وحقوق باعثي المؤسسات الصغرى، وغيرها الكثير من الحقوق المهدورة والتي تتعلق بحق الحياة بكرامة، نحن نتمسك بحقوق هؤلاء أيضا.

كيف تقيّم مسار 25 جويلية في إدارته لأزمات البلاد بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاقه، هل بوسعه الحفاظ على شعبيته في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية؟

الرئيس نجح في إدارة الأزمة السياسية وخفف الكلفة على تونس، فلو تسرّع أو أخطأ خطأً جسيما لذهبت البلاد إلى سيناريو دموي، ولكن مرّر الإصلاحات السياسية الكبرى والتزم بالمواعيد وبدأ في المحاسبة في كبريات القضايا دون إحداث خلل في الأمن القومي وهذا مهم، ولكن هذا كان جزئيا على حساب الوضع الاقتصادي الراجع تدهوره إلى تركة ثقيلة حيث قامت المنظومات السابقة منذ ما قبل حتى 2011 في اغتيال الاقتصاد التونسي بالكامل، وكذلك الوضع الدولي الصعب إضافة لغياب برنامج عام لإدارة المرحلة إضافة إلى عدم استقرار الجهاز التنفيذي وحتى عدم انسجامه أحيانا مع السياسات العامة للرئيس لعدم فهم أو استيعاب للمرحلة حيث اعتمد على كثير من العناصر التي لم ولن تستوعب سياسات التحرر والسيادة ومواجهة صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي.

ومرة أخرى أكد خطاب الرئيس الأخير بشكل أو بآخر على هذا الأمر، ولكن أيضا تونس تفادت شروط صندوق النقد الدولي وتفادت نادي باريس الذي روج له البعض وبدأت تتجاوز الأزمات الدورية في بعض المواد الأساسية وأعتقد أن أبرز الإجراءات هي رفض املاءات صندوق النقد الدولي وعودة البنك المركزي لتمويل الميزانية ولو بشكل مؤقت في انتظار مراجعة قانونه مستقبلا والترفيع في الأجر الأدنى وتسوية وضعية عمال الحضائر وعمال المناولة وقانون الشيكات المعروض على البرلمان في إطار تنقيح المجلة التجارية برغم بعض النواقص يعتبر قفزة للأمام في مواجهة اللوبيات وخاصة كرتال البنوك وهي مؤشرات ربما حجبها الضعف الاتصالي والصعوبات الاجتماعية التي لا ينكرها أحد.

كحزب داعم لمسار 25 جويلية، هل مازال للأحزاب والأجسام الوسيطة ثقل في المشهد السياسي؟

الأحزاب السياسية والأجسام الوسيطة عموما تعاني من مخلفات مرحلة كارثية في تاريخ تونس حيث حكمت أحزاب مافيا وإرهاب دمرت صورة العمل الحزبي والسياسي، وحمّل الشعب الفشل كله للأحزاب، وبالتالي لن يكون من السهولة بمكان استرجاع ثقة الناس، ويلزم ذلك جهدا كبيرا وهو ما نقوم به من جهتنا بهدوء دون حرق مراحل. لكن أيضا هناك أزمة عالمية تعيشها الديمقراطية التمثيلية والأحزاب كركيزة لهذه الديمقراطية، والعالم يتجه للديمقراطية الشعبية والمباشرة أكثر خاصة في ظل الثورة الاتصالية، ولذلك تقلص الدور التقليدي وكذلك أسلوب التنظم التقليدي المركزي للأجسام الوسيطة، ونسعى لآليات تنظم جديدة نعمل على تطويرها حتى تجد طريقها للتنفيذ وسنعلن عليها لاحقا.

أصدر حزب التيار الشعبي مؤخرا كتابا بعنوان “لنعبر”، وهو عبارة عن وثيقة إستراتيجية للمرحلة المقبلة، ما هي أبرز عناصر هذه الوثيقة التي يطرحها الحزب لإنقاذ البلاد من أزماتها؟

وثيقة 2024 بعنوان “لنعبر”، هي الكتاب الرابع للحزب منذ اغتيال الشهيد محمد براهمي في 2013، وهذا ما دأبنا عليه في كل مرحلة، وهذه الوثيقة جاءت في نهاية مرحلة ودخول مرحلة جديدة نريدها مرحلة عبور للمستقبل الذي يليق بتونس، عبور من الهشاشة إلى الاستقرار والبناء. الوثيقة هي عبارة عن رؤية إستراتيجية للمرحلة القادمة التي يراها الحزب مرحلة التحول نحو الاستقرار والبناء، حيث تعرضت الوثيقة للوضع الدولي وحجم التحولات المنتظرة وحددت الوثيقة سياسات تونس للتحول الإستراتيجي الآمن نحو العالم الجديد، كما تناولت الوثيقة الوضع الإقتصادي ووضعت محددات بناء مشروع التنمية المستقلة والسياسات القطاعية اللازمة للمرحلة القادمة، وكذلك قدمت الوثيقة تصور الحزب لمزيد من تجذير مشروع الديمقراطية الشعبية حيث تم الربط في الكتاب بين بناء القوة المادية والمعنوية معا لنعبر للمستقبل الذي يليق بشعبنا لنعبر من الهشاشة إلى الاستقرار الاستراتيجي لنعبر من التبعية إلى السيادة لنعبر من الفقر إلى الرفاه.

بخصوص سياسة قيس سعيد للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي للبلاد، هل سيبقى الشعب التونسي ينتظر سنوات حتى تنتهي الحرب والقضاء على الفساد واللوبيات ليرى تحسنا في واقعه المعيشي وقدرته الشرائية؟

الحرب على الفساد يجب أن تتماشى مستقبلا مع الإنجاز الاقتصادي فلن تنجح الحرب على الفساد ما لم يلمس المواطن نتائجها في قوته ونقله وتعليم أبنائه وفي الخدمات الإدارية وفي الشغل اللائق والأجور المجزية، لذلك نحن نعتبر المعركة الفاصلة هي اقتصادية واجتماعية.

ولم تعد تحتمل هذه المعركة الإرجاء، لذلك لا بد من خوضها برؤية سيادية واضحة ومتكاملة تقوم على: تعبئة القوى الشعبية بما هي القاعدة الأساسية لمشروع التحرر الوطني وتمكينها من كلّ التّشريعات والآليّات القانونية للمشاركة في بناء مشروع تنموي وطني يلبّي الحاجيات الأساسية للأغلبيّة بديلا عن احتكار حفنة من العائلات للثروة الوطنية، وإحداث تغيير جذري في الرؤية الاقتصادية لإعادة ربط الاقتصاد بحياة الناس والعدول نهائيّا عمّا يسمى بالإصلاحات الكبرى وإعادة النظر في السياسات الاقتصادية التقشّفيّة التي تضع التوازنات الماليّة قبل احتياجات الشعب في الغذاء والعلاج والتعليم والنقل والبيئة، وتغيير الأولويّات نحو تطوير المرافق العمومية والقضاء على الفقر وليس تحسين شروطه وتفكيك شبكات المصالح المرتبطة بدوائر الهيمنة الرأسمالية الخارجية، فدون تفكيك القاعدة المادية لهذه الشبكة المتشعّبة سيكون خيار إعادة إنتاج وتوزيع الثّروة والسلطة ليس أكثر من تعديلات طفيفة وهشة ومؤقّتة وعابرة ومجرّد إضفاء لمساحيق اجتماعية على هذه المنظومة التابعة والفاسدة. وإنهاء التبعية لدوائر الهيمنة المتّصلة عضويا بشبكة الرّيع المحلي باعتبارها وكيلة لمصالحها الاقتصادية والسياسية والثقافية وهو ما يتطلب مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين تونس وشركائها بما يضمن مصالح بلادنا. ولا يتم ذلك إلا بوضع خطة للتحوّل الاستراتيجي في التّموضع الدّولي لتونس باتجاه تنويع الشراكات للتخلّص من الهيمنة الغربية من خلال تطوير العلاقة مع المنظومة الأوراسية ودول الجنوب الرافضة للهيمنة من أجل بناء آليات ثنائية جديدة ومؤسسات مالية جماعية بديلة وقادرة على تجاوز هياكل المنظومة الرأسمالية العالمية في التجارة والاستثمار والتمويل، وهذا ممكن بحسن الاستثمار في الموقع والتاريخ والكتلة الحيوية الرائدة ممّا يعطي لتونس قوّة معنوية تجعلها فاعلة في التحوّلات الدوليّة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here