آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبر القيادي بحزب التيار الديمقراطي في تونس هشام العجبوني في حواره مع “أفريقيا برس” أن “عدم حياد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يهدد مصداقية السباق الرئاسي المرتقب، وذلك على إثر ما رصده الحزب من خروقات قانونية طالت إجراءات وشروط الترشح وذلك قطع الطريق أمام منافسي الرئيس قيس سعيد” وفق تقديره.
وتوقع العجبوني “فشل الرئيس سعيد من الدور الأول في حال توسعت دائرة المقاطعة الشعبية للانتخابات، وهو الهدف الذي تسعى المعارضة إلى تحقيقه والتي تطمح إلى تغيير سلمي وإسقاط المنظومة الحالية بوسيلة ديمقراطية وسلمية وحضارية وذلك بسبب حصيلتها السلبية في النهوض بواقع البلاد وفشلها في تحقيق تطلعات التونسيين”.
وهشام العجبوني هو قيادي بحزب التيار الديمقراطي، ونائب سابق بالبرلمان التونسي.
دعا حزب التيار الديمقراطي مؤخرا المرشحين للرئاسية إلى الحوار لبحث “سبل فرض” شروط المنافسة النزيهة، هل تعتقدون أن مصداقية الانتخابات مهددة في ظل رصدكم لخروقات في العملية الانتخابية؟
طبعا لا يخفى على أحد أن المناخ غير مناسب لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والدليل على ذلك الشروط التي فرضتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على المترشحين والتضييقات المستمرة ضدهم من خلال تأويلها للقانون، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك؛ مثل التأخير في الإعلان عن موعد الانتخابات مقارنة بالانتخابات السابقة، والتلكؤ غير المبرر في نشر استمارة التزكيات حيث كان من المفروض أن يتم نشرها في الموقع، كما كان جليا حجم الصعوبات أمام المترشحين والإشكاليات التي واجهوها في جمع التزكيات، إضافة إلى تلكؤ الهيئة في نشر القرارات الخاصة بنموذج الاستمارات وهو ما ضيق الوقت عليهم، أيضا عدم منح البطاقة عدد 3 في ظرف ثمانية أيام كما يحدد القانون ذلك، والذي يضمن منحها حتى لمن لديه سوابق عدلية لكن كل من أعلن نيته للترشح واجه صعوبة في الحصول عليها، كذلك وقع منع المترشحين المعتقلين في السجون من حصول على إذن من القاضي مثل غازي الشواشي وعصام الشابي تضييقا للحصول على توكيل لسحب استمارة التزكيات وهذا ما نراه عبثا وغير موجود بالقانون.
أيضا نلاحظ إصدار أحكام قضائية غريبة لمنع بعض المترشحين مثل لطفي المرايحي الذي صدر ضده حكم غريب وسريع بمجرد إعلانه الترشح في المقابل غازي الشواشي الذي يقبع في السجن منذ 17 شهرا؛ لم يقع التحقيق معه بعد، وأخيرا الهرسلة الأمنية التي وقعت ضد المترشحين وإشاعة مناخ من الخوف وتهديدهم بنشر أسمائهم وهو ما نراه اعتداءا على المعطيات الشخصية.
في تقديري في ظل هذا المناخ لا نستطيع الحديث عن انتخابات نزيهة لأن الرئيس المترشح قيس سعيد يوظف المال العام والإعلام الوطني وأجهزة الدولة لأجل القيام بحملته الانتخابية في مقابل توجيه الاتهامات لمنافسيه، كما يجب الإشارة أنه كان على هيئة الانتخابات أن تسهل على المترشحين طريق المشاركة في السباق الرئاسي لا أن تقوم بالتضييق عليهم.
هل الشروط والتعديلات الجديدة التي فرضتها هيئة الانتخابات والتي تحدد السن والجنسية، تزيد العراقيل أمام الراغبين للوصول إلى كرسي الرئاسة؟
الشروط التي وضعتها الهيئة زادت العراقيل أمام المترشحين، وهناك مسالة قانونية يجب الإشارة إليها وهي أن حزب التيار الديمقراطي قام بالطعن لدى المحكمة الإدارية ضد قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 544 لسنة 2024 والمتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية وذلك لأنه لم يتم تنزيل الشروط الجديدة في إطار القانون، ومررنا مباشرة إلى الأوامر التنفيذية من قبل الهيئة.
وقد قام رئيس الدولة بتنقيح القانون الانتخابي لكن لم يقم بإضافة الرسوم الجديدة وهو دليل سوء نية من قبله، حيث وضع شروطا تعجيزية خاصة فيما يخص شرط الجنسية، هذا دليل أنه لديه نية للتضييق على المترشحين مقابل فرض ترشحات فلكرولية لتكريس فوز مرشح بعينه وهو الرئيس، فهو من حدد قواعد اللعبة وهو من حدد تاريخ الانتخابات وهو من قام بدعوة الناخبين قبل أن تعلن عن ذلك الهيئة نفسها، أكثر من ذلك هيئة الانتخابات غير قانونية وخارج الشرعية الدستورية لأن القانون يحدد تسعة أعضاء للهيئة مع ضرورة تجديد ثلث أعضائها وهذا ما لم يحدث، كان الأجدى من الهيئة الحريصة على تطبيق الدستور أن تحترم الفصول الخاصة بتركيبتها قبل كل شيء لتثبت احترامها للدستور، في الواقع أمام هذا المناخ نرصد خروقات قانونية كبيرة لذلك اختار حزب التيار الطعن ضد إجراءات وشروط الترشح حتى يلعب دوره في هذا المجال.
ما هو موقف حزب التيار من الانتخابات الرئاسية، هل ستشاركون فيها عبر دعم مرشح بعينه أم ستختارون المقاطعة؟
في الواقع لم نقرر موقفنا من الانتخابات بعد لأننا رأينا أن الظروف غير ملائمة وليس لدينا ما يكفي من المعلومات حتى نتأكد من قرارنا، حتى الآن حصيلة تقييمنا سلبية لمسار الانتخابات وهذا ما أكدته الأحداث الجارية بسبب توقيفات المترشحين وعرقلة جمع الترشحات مثل ما حدث مع المترشح نزار الشعري، كما أن هيئة الانتخابات أثبتت أنها غير محايدة وهو ما يهدد مصداقية العملية الانتخابية والسباق الرئاسي، لذلك نحن في حزب التيار نريد التعامل مع هذه الأوضاع بطريقة إيجابية، لسنا عدميين وندعم أهمية التغيير السلمي الديمقراطي المدني الحضاري ونريد تغيير السلطة لأن الحصيلة كانت سلبية في كل القطاعات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي، وكان هناك ضربا للحريات، والمرسوم 54 يكاد يكون هو الإنجاز الوحيد لهذا المسار. سنقرر موقفنا من الانتخابات في الوقت المناسب، إن كنا سنشارك أم سنقاطع، وسنسعى إلى إحاطة المقاطعة في حال اخترناها حتى يكون لها دور ناجع وفاعل، وهو رفض العبث الدائر بالعملية السياسية الحالية.
هل فشل المعارضة في التوافق على مرشح موحد يدعم صعود مرشحين غير تقليديين للسباق وبالتالي تكرار سيناريو 2019؟
تعدد الترشحات ليس سلبيا، على العكس سيعزز المشاركة الشعبية، الإشكالية ليست هنا.. نحن هدفنا في المعارضة عدم نجاح الرئيس الحالي في الانتخابات وفشله من الدور الأول وهذا وارد جدا إذا نجحت المقاطعة وسيكون ذلك بمثابة هدية نقدمها لقيس سعيد، برأينا لن يمر سعيد بسبب حصيلته السلبية، في المقابل تسعى المنظومة الحالية لقطع الطريق أمام كل مترشح جديد لأن ذلك لا يخدم مصلحة الرئيس.
في ظل انتقادات المعارضة للأداء الاقتصادي للرئيس سعيد، ما هو برنامج والبديل الذي يطرحه حزب التيار لتحسين واقع التونسيين؟
البرنامج الذي سينقذ بلادنا من كل هذه الأوضاع التي تمر بها ليس برنامجا حزبيا فقط بل هو برنامج جماعي يستند على الذكاء الاجتماعي، فتونس تعيش أزمة اقتصادية هيكلية وبالتالي تحتاج إلى حلول هيكلية في العمق وجذرية، لا يستطيع شخص أو حزب أن يقوم بذلك بمفرده، يجب أن نتفق في التشخيص ثم نسعى إلى تنظيم حوار وطني اجتماعي يجمع الشخصيات السياسية والمدنية والخبراء الحقيقيين للخروج بمشروع إصلاحات قد تكون مؤلمة لكل الأطراف لكن سيكون معها أيضا بيداغوجيا لإقناع الرأي العام أن هذه الإصلاحات ضرورية حتى يتحسن وضع البلاد ووضع التونسيين.
نحن في التيار الديمقراطي نعتبر أن هناك شرطين لكل إصلاح بعد فترة قيس سعيد وهما: إعادة الثقة إلى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين التي تراجعت بسبب مناخ الخوف المستشري، ثم ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي ووضوح الرؤيا.
كيف بالوسع إنقاذ المشهد الحقوقي في تونس في ظل ما تعتبره المعارضة تضييقا على الحريات ومع فشل النخبة في تعديل أو إسقاط المرسوم 54؟
في الواقع هو ليس فشلا بل عجزا عن تحقيق ذلك، النخبة تسعى إلى تعديل أو إسقاط المرسوم 54، وقد حاول نواب البرلمان تعديل هذا المرسوم لكن لم يتمكنوا من ذلك لأنه برلمان شكلي وصوري بالأساس، وقد رأينا كيف تدخلت الرئاسة خلال جلسة مناقشة قانون تجريم التطبيع الأمر الذي قاد إلى إرجائه.
بالتالي إذا أردنا تحقيق تغيير يحب أن يكون ذلك عبر انتخابات وبطريقة ديمقراطية سلمية، من حقي إسقاط المنظومة بطرق سلمية وحضارية وليس عبر العنف، لذلك نحن قاطعنا مهزلة البناء القاعدي، لكن ربما سنشارك في الانتخابات لأنها وسيلتنا الديمقراطية الوحيدة لإحداث تغيير في البلاد، ونحن نعتبر أن تواصل خمس سنوات أخرى لقيس سعيد على رأس الدولة سيدمر ما بقي بها من مؤسساتها وسيزيد في تقسيم التونسيين وإحداث شرخ اجتماعي صعب جدا تلافيه في المستقبل، وأدعو التونسيين إلى عدم السكوت على الظلم وعلى المجتمع أن يحصن نفسه ضد كل سلطة مستبدة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس