ماهر المذيوب لـ”أفريقيا برس”: يصعب تحقيق مفاجأة انتخابية في غياب المناخ الديمقراطي

73
ماهر المذيوب لـ
ماهر المذيوب لـ"أفريقيا برس": يصعب تحقيق مفاجأة انتخابية في غياب المناخ الديمقراطي

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. استبعد القيادي بحركة النهضة التونسية ماهر المذيوب في حواره مع “أفريقيا برس”، حصول مفاجأة انتخابية مع اقتراب السباق الرئاسي المزمع إجراؤه في أكتوبر القادم، في ظل سياسة التضييق المستمرة من قبل السلطة وغياب المناخ الديمقراطي، الأمر الذي يصعب حظوظ المترشح إلي ستصطف ورائه المعارضة.

واعتبر المذيوب في معرض تقييمه لحصيلة الرئيس قيس سعيد مع انتهاء ولايته أنها “كارثية على صعيد سياسي وهزيلة على صعيد اقتصادي واجتماعي، وأن هذا الوضع نتيجة حتمية للحكم الفردي وفي ظل إصراره على رفض الحوار بجميع أوجهه مع الأحزاب والمنظمات وكافة الأجسام الوسيطة”.

وماهر المذيوب هو قيادي بحركة النهضة التونسية والمستشار الإعلامي لرئيس الحركة راشد الغنوشي، وقد شغل منصب مساعد رئيس مجلس نواب الشعب السابق، كما انتخب أيضا نائبا بالمجلس عن دائرة الدول العربية وبقية دول العالم.

ما هو تقييمك لأداء الرئيس قيس سعيد بعد انتهاء ولايته على الصعيدين السياسي والاقتصادي؟

أداء قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية هو الأضعف لكافة رؤساء الجمهورية منذ إعلانها عام 1957. فمنذ انتخابه، سنة 2019، ثم انقلابه على دستور الجمهورية التونسية يوم 25 جويلية/يوليو 2021، كان أداء قيس سعيد ولا يزال كارثيا سياسيا وخطيرا اقتصاديا، وهزيلا اجتماعيا.

ومنذ أداءه للقسم، أمامنا في مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، يوم 23 أكتوبر 2019، أصر قيس سعيد على زعزعة استقرار المؤسسات ورفض الحوار بجميع أوجهه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما رفض التعاون مع المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وعدم توقيع القوانين أو المعاهدات الدولية.

ثم وبعد حنثه باليمين والإنقلاب على الدستور يوم 25 جويلية/يوليو 2021، أصر قيس سعيد على التغيير اللادستوري لكافة مؤسسات الدولة وضرب قيم الجمهورية الحديثة والآمال الديمقراطية للشعب التونسي العظيم، حيث ألغى الدستور وحلّ جميع المؤسسات المنتخبة وأوقف مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد ثم انتقل لضرب كافة الوسائط المدنية والسياسية، وأوغل في الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان، فأضحت تونس دولة غير حرة وضرب الانتقال الديمقراطي في مقتل وعاد شبح الاستبداد من جديد وعاشت تونس عزلة دولية لم تشهدها منذ الاستقلال.

أما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي فإن حصيلة قيس سعيد، كارثية بكل المقاييس والأرقام، فعدد رجال الأعمال اليوم خلف القضبان يتجاوز الستين، ومناخ الخوف والريبة يسيطر على عالم المال والأعمال في تونس، وهنالك غياب تام للرؤية الاقتصادية مع ترديد شعارات قديمة لا تغني ولا تسمن من جوع، كما أن أغلب المؤشرات المالية والاقتصادية تميل إلى الانزلاق نحو المجهول والإفلاس المالي، والاختناق الاجتماعي مع فقدان البضائع وغلاء الأسعار.

وهذا الوضع نتيجة حتمية للحكم المطلق للفرد الواحد، ولا يمكن أن يستمر بأي حال من الأحوال، لأن فيه استخفاف بذكاء الشعب التونسي الأبي.

هل ستنصف المحكمة الإدارية بعض المعقبين على أحكامها؟

في ظل مجزرة القضاة، وسياسة الصدمة والرعب المتبعة ضد السيدات والسادة القضاة، بعد ضرب مؤسساتهم المنتخبة، وعزل ثلة من خيرة السيدات والسادة القضاة بجرة قلم، أصبح القضاء وظيفة، والسيد القاضي تحت التهديد المستمر، مما يضيق إلى الحد الأعلى مناخ الحكم بالعدل ومسار البحث عن العدالة، وقدسية حماية الحقوق والحريات الأساسية في البلاد ولكافة المواطنين التونسيين للأسف الشديد.

وإذا تجرأت الجلسة العامة للمحكمة الإدارية على إنصاف المرشحين كليا أو جزئيا، فإن مصيرها المحتوم ولو بعد حين هو الحل والعزل والأبعاد للقضاة المحترمين، أما عن المرشحين للإنتخابات الرئاسية المقبلة، فلن يكون إلا ما يقرره قيس سعيد شخصيا لا غير.

هناك من اعتبر أن الرئيس سعيد نجح في تهميش القيادات السياسية المخضرمة والأحزاب الكبرى، هل تتفق مع هذا الطرح؟

قيس سعيد، هو واجهة مؤقتة لآلة داخلية وخارجية، وإرادة شريرة، اتفقت على أن تنتقم من تونس الثورة السلمية المدنية، وتونس الجمهورية العتيدة، وتونس التاريخ العريق والتأثير الكبير في العالم، باعتدالها وعدم انحيازها. وهذه الماكينة الشيطانية الداخلية والخارجية تعمل يوميا وعلى مدار الساعة للانتقام من التونسيين الذي ثاروا على الظلم، ورفضوا الخنوع والخضوع للإستبداد.

وتجمع هذه الآلة الشيطانية دول لا تريد لتونس ولا للجزائر خيرا، ومنظمات وأدوات إعلامية، ومواقع اتصالية تمعن في تشويه كل جميل في تونس، وترذيل نساءها ورجالها وشبابها الأحرار.

وما قيس سعيد إلا واجهة مؤقتة، حتى تزيل كافة الأعمدة العتيدة للجمهورية التونسية وقيمها، وتضرب الشعب التونسي بعضه ببعض. ولكن هيهات، ثم هيهات، وأدعوا هذه الآلة الشيطانية، لقراءة شعر شاعر تونس الملهم أبي القاسم الشابي، لتدرك أنها أخطأت العنوان، واستخفت بشعب عظيم وأمة لا تقهر بحول الله و قوته.

من تتوقع فوزه بالسباق الرئاسي المرتقب، وهل برأيك ستسعى المعارضة للتوحد ودعم منافسي سعيد المتبقين بهدف تحقيق التغيير؟

في غياب مفاجأة حقيقية، بإجراء انتخابات رئاسية 2024، ديمقراطية ونزيهة وشفافة، وبهيئة مستقلة حقيقية للانتخابات، وإشراف دولي، حيث يتوقع وبكل يسر فوز المرشح الذي سيقف خلفه الشعب التونسي وعموم المعارضة، لكن في غياب هذا المناخ والشروط الدنيا لشفافية العملية الانتخابية، فإن قيس سعيد سيكون ملكا غير متوج لتونس مدى حياته، بمشاركة ضعيفة جدا، وعدم إهتمام شعبي ودولي.

كيف تقرأ مستقبل المشهد السياسي في تونس في حال فوز الرئيس سعيد بولاية ثانية؟

إذا تمكن قيس سعيد من حكم 5 سنوات أخرى، فإن تونس وللأسف الشديد، سوف تشهد نهاية الجمهورية وقيام الجماهيرية القاعدية القيسية مدى الحياة، وضرب الأسس العميقة للدولة والقيم المؤسسة للجمهورية التونسية، وغياب التخطيط الاقتصادي وحضور أوهام وخزعبلات خطيرة على الاقتصاد الكلي، وسوف يخيم الفقر المدقع وأعنف أزمة مالية خانقة وتداعيات اجتماعية غير مسبوقة، وهذا ليس فيه أدنى مبالغة أو تهويل، إنها الحقيقة المرة التي سنعيشها وللأسف الشديد.

فيما يخص حركة النهضة التونسية، كيف تقرأ مستقبلها السياسي في ظل ما تعرضت له من تضييقات وإيقافات لقيادييها وغلق مقار، وهل يمكنها النجاح في تنظيم المؤتمر الـ11 رغم ما تتعرض له من ضغوط؟

مستقبل حركة النهضة هو من مستقبل تونس، فإذا استعادت تونس حريتها وديمقراطيتها فسيكون للنهضة فاعلية وتأثير، أو إنها ستنكمش، كما سينكمش النسيج السياسي والاجتماعي في بلد يخيم عليه الاستبداد لا قدر الله، لكني على يقين أن حركة النهضة والشعب التونسي لن يستسلموا ولن يستسلموا للظلم مهما طالت الظلمات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here