آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أكدت القيادية في حزب العمال ألفة البعزاوي في حوارها مع “أفريقيا برس”؛ “رفض الحزب الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي وقع تنظيمها الأحد الماضي، وذلك لفقدان المسار الانتخابي شفافيته ومصداقيته وعدم حيادية هيئة الانتخابات”.
وأشارت إلى أن “حزب العمال سيواصل النضال لأجل إسقاط منظومة حكم قيس سعيد الاستبدادية والشعبوية” وفق وصفها، كما أن “الحزب سيواصل التنسيق مع الأحزاب التقدمية والديمقراطية لأجل الدفاع عن الحريات، كما سيعمل الحزب على خلق حراك احتجاجي هدفه إسقاط منظومة الحكم القائمة”.
وألفة البعزاوي هي عضو اللجنة المركزية بحزب العمال، وعرف عنها نشاطها الحقوقي ودفاعها عن ملف الحريات في تونس.
لماذا اختار حزب العمال عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية، وهل تتوقعون تفاعلا مع هذه الدعوات من قبل القوى الديمقراطية والشارع؟
حزب العمال منذ اللحظة الأولى لإعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية، أفصح مباشرة عن موقفه، واعتبر قيس سعيد رئيسا فاقدا للشرعية والمشروعية، كما عبر عن عدم اعترافه بهذه النتائج.
ومنذ البداية عبر حزب العمال عن موقفه، وهو أنه قيس سعيد غير قادر على حل مشاكل التونسيين، وليس بوسع نظامه الشعبوي الاستبدادي فعل ذلك، بل على العكس حيث أن تجديد انتخابه يزيد من تعميق هذه المشاكل من خلاله تمشيه الخاطئ والمُضي في خيارات شعبوية، من شأن ذلك أن يرفع في نسب الفقر والبطالة والتبعية، وأكثر من ذلك لا يسمح حتى للناس الجياع بالاحتجاج والدفاع عن حقهم في حياة كريمة، وقد عمل هذا النهج الاستبدادي القمعي الذي اختاره سعيد منذ وصوله إلى الحكم على ضرب الحريات وضرب حرية والتظاهر. وقد دعا حزب العمال كل التونسيين كما تقدم بنداء إلى كل القوى الحية في البلاد من أجل توحيد الصفوف والعمل على الإطاحة بقيس سيعد وبنظامه.
بالنسبة إلينا عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية هو خطوة أخرى للمراكمة في اتجاه إضعاف منظومة حكم قيس سعيد، وفي اتجاه المراكمة من أجل إسقاطه بشكل نهائي، ونعتبر أن الشعب التونسي من حقه أن يعيش في بلده بحرية والكرامة، وبرأينا لن يتحقق ذلك إلا على أنقاض حكم قيس سعيد.
في الواقع كل المؤشرات تدل أنه هناك وعيا عاما، وأن التونسيين وقواهم الحية والمدنية بدأت تنفض من حول قيس سعيد، كما هناك أصوات بدأت تعلو للمطالبة بإسقاط منظومة الشعبوية برمتها، وما عليها إلا تكثيف الجهود والعمل الموحد لأجل خلق موازين قوى جديدة تمكننا من الإطاحة به ومن بناء نظام حكم يتمتع فيه التونسيون بحريتهم وكرامتهم وبسيادتهم على ثروات بلدهم. نعتقد أن هذا ممكن، وكما ذكرت النتائج “المهزلة” لهذه الانتخابات المهزلة هي خطوة أخرى في اتجاه إسقاط هذه المنظومة الشعبوية.
هل دعوات المقاطعة التي دعت إليها المعارضة كانت السبب وراء حصد الرئيس قيس سعيد هذه النتيجة العالية وبالتالي سهلت له الوصول إلى ولاية ثانية؟
يجب التذكير أن حزب العمال اعتبر منذ البداية أن ما قام به قيس سعيد يوم 25 جويلية هو انقلاب وأن هذا الانقلاب أدخل البلد في منعرج خطير ولم يكن سوى خطوة أولى لمشروعه وهو التأسيس لنظام حكم فردي استبدادي، رأينا طبعا بعد الانقلاب كل الإجراءات التي قام بها بداية من المرسوم 117 ثم الدستور الذي وضعه بشكل فردي وأحادي والذي لم يقم فيه بتشريك القوى الحية الديمقراطية بالبلاد، الدستور الذي جمع به قيس سعيد كل السلطات بيديه وهو سابقة حتى في تاريخ أنظمة الحكم الفردي.
ثم رأينا إعفاء القضاة والتهم الكيدية التي أوكلت لعدد منهم ورأينا المرسوم 35 الذي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات الإعفاء ونقل القضاة من مواقع عملهم وصولا إلى المرسوم 54 الكارثي على الحريات وعلى الشعب التونسي، وتابعنا ما تعرض له نشطاء وسياسيون وصحفيون ومدونون، وحتى أبناء الشعب الذي عبر عن امتعاضه من الوضعية المعيشية المتردية، حيث كل مخالف لرأي السلطة يجد نفسه محل تتبع وتقاضي.
إذن حزب العمال رفض منذ الوهلة الأولى الانقلاب ورفض كل الإجراءات التي جاءت بعده، كما وقع إقصائنا ولم يسمح لنا بالمشاركة في الاستفتاء على الدستور وفي الاستشارة الوطنية أو في انتخابات البرلمان والمجالس المحلية وطبعا الانتخابات الرئاسية كخطوة أخرى في تأسيس ومواصلة وضع ركائز هذا الحكم الفردي الاستبدادي وهو ما دفعنا إلى مقاطعتها.
ما هي مآخذكم كحزب معارض عن المسار الانتخابي؟
غالبية القوى المدنية والسياسية اتفقت على تشخيص هذه المهزلة الانتخابية وأجمعت على أن هذه الانتخابات لا تتوفر فيها أدنى شروط الشفافية والديمقراطية، طبعا رأينا جميعا كيف منع قيس سعيد المترشحين من حقهم في الترشح، ثم مهزلة تعديل القانون الانتخابي بعد انطلاق الحملة الانتخابية، أيضا هيئة الانتخابات كشفت أنها غير محايدة وذلك من خلال دورها في منع المراقبين والملاحظين من الحضور في مراكز الاقتراع، كل هذا ترك إجماعا لدى الرأي العام التونسي أن هذه المهزلة الانتخابية لا تتوفر فيها أدنى شروط الديمقراطية والشفافية.
وبعد الإعلان عن النتائج ذكرت الهيئة أنها لم تتلقى أي طعن في هذه النتائج وبذلك لم تحترم الهيئة دورها ولم تكن حيادية أو مستقلة ومثلت رأس حربة قيس سعيد في حملته الانتخابية ولعبت كل الأدوار القذرة من أجل ضمان شروط هذا المرور لقيس سعيد، ثم واصلت لعب هذا الدور من خلالها تسويقها بأن سعيد تحصل على نسبة عالية من الأصوات ومر من الدور الأول دون الحاجة إلى دور ثان للفوز بالرئاسة لتغطي بذلك عن جزء مهم وهو أن هناك أكثر من ثلثي الشعب التونسي قاطعوا الانتخابات وهذه المقاطعة إن كانت تعبر على عدم ثقة في العملية الانتخابية برمتها أو عدم ثقة في سعيد ومشروعه، فإن الحقيقة التي تحاول الهيئة طمسها هي أن هناك ثلثين من الشعب غير راض عن أوضاع البلد ومارسوا هذه المقاطعة لتعبير عن ذلك.
بماذا تفسرين نسبة المشاركة الشعبية الضعيفة في السباق الرئاسي خاصة لدى الشباب؟
نلاحظ أنه رغم محاولات توظيف الإدارة وتوظيف المرفق العام خدمة للحملة الانتخابية لقيس سعيد مع ذلك كانت نسبة المشاركة ضعيفة ولم تصل إلى ثلث الناخبين في البلاد، وهذه النسبة الضعيفة هي صفعة أخرى لسعيد ومشروعه ودليل على أن هذا المشروع الشعبوي الاستبدادي هو مشروع دون حاضنة شعبية وبدأ يفتقد الدعم الشعبي تدريجيا.
ما هي بوصلة حزب العمال في المرحلة القادمة، هل سيركز اهتمامه على الدفاع عن الملف الحقوقي باعتباره أولوية للمعارضة؟
في تقديري كل الملفات التي سيعمل عليها حزب العمال في الفترة القادمة مهمة من حيث أنها مداخل لمزيد فضح وتعرية الوجه الحقيقي لمنظومة الشعبوية والاستبدادية والفاشية، ملف الحريات مهم جدا لذلك سيظل في الصفوف الأمامية لأجل الدفاع عن حرية التونسيين والتصدي لكل محاولات الاستبداد والقمع والعودة إلى مربع الدكتاتورية.
كذلك الملف الاقتصادي يعد من الملفات المهمة والحارقة في الفترة القادمة، البرلمان سيناقش قانون الميزانية ومن المؤكد ستكون هناك ميزانية تكميلية لذلك سيكون للملف الاقتصادي أهمية كبيرة وحزب العمال سيكون إلى جانب شعبه خاصة من الفئات المهمشة والفقيرة للدفاع على حقه في العيش بكرامة.
وفي هذا الإطار هناك مسألة مهمة وهي مسالة العمل المشترك حيث أن حزب العمال بدأ في تنسيق الجهود مع مجموعة من الأحزاب والمكونات، ومن المؤكد أن هذه الجهود ستتواصل وسيكون هناك اهتماما بالقضايا الجزئية والمنفصلة مثل ملف الحريات وملف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وسيفتح الحزب أبوابه لكل طيف ديمقراطي لأجل العمل والتنسيق المشترك، وفي تقديرينا هذا هو السبيل الوحيد لأجل تغيير موازين القوى في اتجاه الإطاحة بمنظومة الحكم الشعبوية.
نحن نعتقد أن إسقاط نظام قيس سعيد لا يمكن أن يتم إلا بالشارع، لذلك أمامنا وأمام كل القوى الديمقراطية التقدمية مجهود كبير في أوساط التونسيين من أجل خلق حراك احتجاجي يستطيع أن يتطور ويطيح بمنظومة الحكم، في نفس الوقت من المهم النقاش والاتفاق حول النقاط والبرامج التي بوسع التونسيين الالتفاف حولها والتي تقدم حلا حقيقيا لمشاكلهم، لذلك بادر حزب العمال بطرح جملة من النقاط تركز على مسائل حارقة ومن الضروري الانكباب والعمل عليها.
سنعمل كذلك على التوحد كطيف ديمقراطي لأجل صياغة برنامج ومشروع موحد، وأيضا سنسعى للوحدة الميدانية والنضالية حتى نلتحم بأبناء شعبنا ونقول للتونسيين أنه ليس قدرهم العيش مفقرين أو مسلوبي الحرية، بل من حقنا أن نعيش واقعا أفضل.
ما هي الرسالة التي أراد شقيق الرئيس، نوفل سعيّد أن يوصلها للشارع السياسي عندما قال: “على القوى الوطنية الالتقاء على قاعدة 25 جويلية”؟
ذاكرة الشعب التونسي ليست مثقوبة بل بات هناك شعور لدى التونسيين بأننا بصدد ظهور “طرابلسية جدد” يتدخلون في الشأن العام ولديهم كل الامتيازات وهو ما سبق أن عانى منه الشعب لذلك هو غير مستعد لقبول ذلك مرة أخرى.
وبالنسبة لمضمون الخطاب، كانت هناك دعوة للتهدئة وهدنة للقبول بالنتائج والمسار لكن في مقابل ذلك هو استسلام قوى المعارضة هذا ما أراد قوله ضمنيا، وفي تقديري فإن الأحزاب الديمقراطية والتقدمية لن تنطلي عليها هذه الخطابات وستواصل النضال لأجل الدفاع على حقوق شعبها. كما أن خطاب شقيق الرئيس يقر بأن قيس سعيد أمام ولاية ثانية صعبة وقد تشهد البلاد حركات احتجاجية بسبب المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية السيئة لذلك يختار التهدئة بسبب ما يواجهه من تحديات خاصة في ظل افتقاده حلول لتحسين الأوضاع المعيشية للتونسيين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس