أحمد نجيب الشابي: 25 جويلية ليس قاعدة للالتقاء لكن يدنا ممدودة للمعارضة

84
أحمد نجيب الشابي: 25 جويلية ليس قاعدة للالتقاء لكن يدنا ممدودة للمعارضة
أحمد نجيب الشابي: 25 جويلية ليس قاعدة للالتقاء لكن يدنا ممدودة للمعارضة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أكد أحمد نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة في حواره مع “أفريقيا برس” أنه “لا يمكن أن يكون 25 جويلية قاعدة للالتقاء بين السلطة والمعارضة، حيث أنه يعد جوهر الخلاف بينهما بسبب ما نتج عنه من انقلاب على الدستور وعلى المؤسسات وعلى الحريات”، وذلك في معرض تعليقه على دعوات التهدئة التي ألمحت إليها دوائر السلطة مؤخرا.

وأقر الشابي بعجز جبهة الخلاص على اتخاذ موقف موحد من الانتخابات، مبديا في ذات السياق أسفه “لبقاء المعارضة رهن الخلافات الماضية، وهو ما يعيق الأطراف السياسية للقيام بالمهمة الجديدة وهي استعادة الديمقراطية والشرعية الدستورية، لافتا أن “يده ويد الجبهة ممدودة إلى كل القوى حتى تتحد على مهام المرحلة وانجازها بنجاح والتمكن من استعادة الديمقراطية”، وفق تقديره.

وأحمد نجيب الشابي هو محامي وسياسي تونسي، ويعد من أبرز الشخصيات المعارضة التي عرفتها الساحة السياسية بالبلاد لنضاله الطويل ضد الديكتاتورية، وهو مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، وقد انضم عقب ثورة 14 يناير 2011 إلى الحكومة الانتقالية، وتولى منصب وزير التنمية الجهوية قبل أن يستقيل منها، وحاليا هو زعيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة.

كزعيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة، كيف تقرأون المشهد السياسي بعد انتخاب الرئيس قيس سعيد لعهدة ثانية؟

واضح أنه لم يتغير شيء عن المشهد السابق للانتخابات، نفس الثوابت يتسم بها الوضع، أهم عنصر يمكن الاعتماد عليه لتحليل هذا الوضع هو انسحاب المواطن من الحياة السياسية، فالمواطن ليس مع السلطة ولا هو مع المعارضة، بل منشغل بهمومه اليومية عن الحياة السياسية، وهذا العنصر الأساسي يخلق هشاشة بالوضع السياسي، هشاشة بالسلطة التي ليست لها معارضة لكن يحيط بها فراغ، وكذلك هشاشة للمعارضة التي تعيش حالة من الهامشية الاجتماعية، هذا من الناحية السياسية.

أما من الناحية الاقتصادية، فمازالت السلطة غارقة في وحل الأزمة الاقتصادية وتلجأ في وجه هذه الأزمة إلى الاقتراض الداخلي وإلى الترفيع في الضرائب وهذا من شأنه أن يزيد من أعباء الأزمة التي يتحملها المواطن، والى جانب هروبها إلى الاقتراض الداخلي والترفيع في الضرائب نلاحظ تقليصها للواردات وخاصة من المواد الأساسية لتوفير بعض العملة لأجل سداد الديون، وهذا في تقديري لا يمثل سياسة ولا خطة للخروج من الأزمة بل أن التنمية تكاد تكون منعدمة حيث تقدر نسبتها بـ0,2 بالمئة، كما أن التشغيل معطل وليس أمام الشباب سوى محاولة الهروب إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط.

دعوتم صراحة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وقد شهدت الانتخابات مشاركة شعبية ضعيفة، هل تعتقدون أن الشارع التونسي لم تعد لديه رغبة في التغيير السياسي ولم يعد يرى في السياسة حلا لمشاكله المعيشية؟

في دعوتي للمعارضة إلى المقاطعة، انطلقت من جملة من المعطيات وقد جاءت الانتخابات لتؤكدها، وقد ذكرت في تصريحاتي قبل انطلاق السباق الرئاسي بأن غالبية الشعب التونسي ستدير ظهرها لهذه الانتخابات وجاءت النتائج الرسمية لتؤكد بأن 72 بالمئة من الشعب لم يتوجه إلى صناديق الاقتراع، وقلت في نفس الوقت أن الأقلية التي ستتوجه إلى صناديق الاقتراع سوف تمنح قيس سعيد بيعة، وبالتالي استخلصت بأن هذه الانتخابات تجري في ظروف تنتفي فيها شروط المنافسة النزيهة بل أنها عرفت خروقات لم نكن نتخيلها، مثل أن تضرب السلطة بعرض الحائط بقرارات المحكمة الإدارية أو أن يقع تغيير القانون الانتخابي في السبع الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، إذن هذا كله يؤكد أن تونس لم تشهد انتخابات وإنما هيأت جميع الظروف حتى يتحصل قيس سعيد على بيعة من الأقلية التي توجهت إلى صناديق الاقتراع، كما لم تكن هناك آليات للرقابة الداخلية والدولية حتى نتحقق من النتائج، وبالتالي لا يمكن مناقشة حقيقة النتائج ولكن نكتفي بالنتائج الرسمية لأقول أن ما توقعته قد جرى فعليا.

هل تتوقعون أن تشهد العلاقة بين السلطة والمعارضة انفراجة وعودة للحوار خاصة بعد تصريح شقيق الرئيس نوفل سعيد بأنه على “القوى الوطنية الالتقاء على قاعدة 25 جويلية”؟

هناك شقيق الرئيس وهناك الرئيس، وإذا أخذنا بعين الاعتبار تصريحات الرئيس فهي لم تتغير، بل تستمر في تخوين المعارضة والحديث على مؤامرة أو مؤامرات لتفسير الأزمة والوعد والوعيد وهو وعد ووعيد يجب ترجمته في الحقيقة اليومية إلى وضع المعارضة حيث أن زعماءها يقبعون في السجون، كذلك الصحفيين والإعلاميين وكبار رجال الأعمال، كما أن ظروف المحاكمة منعدمة، هذا هو الواقع.

دعوة السيد نوفل سعيد إلى الحوار على قاعدة 25 جويلية أقل ما يمكن أن نقول فيها بين 25 جويلية وما نتج عنه انقلاب على الدستور وعلى المؤسسات وعلى الحريات هو موضوع الخلاف، وبالتالي لا يمكن أن يكون 25 جويلية قاعدة للالتقاء.

هل أظهرت الانتخابات الرئاسية عدم توحد جبهة الخلاص واختلاف وجهات النظر بين قياداتها، وهل هي بالفعل بحاجة إلى مراجعة وتقييم؟

في الواقع لا يمكننا إخفاء الحقيقة، الواضح أن جبهة الخلاص الوطني عجزت عن تحديد موقف من الانتخابات قبل وقوعها، وبالتالي لا يمكن أن نخفي أن هذا العجز هو نتيجة اختلافات فيما بين مكوناتها حول الموقف من الانتخابات بالأساس.

وأما فيما يخص حاجتها للمراجعة فهي لا تعني شيئا لأن ما وقع قد وقع، لن نتحدث عن الانتخابات إلا بعد فترة قد تطول أو تقصر لا نعلم، الآن ما هو مطروح على الجبهة وعلى كل التونسيين هو الاتفاق على مهام المرحلة الجديدة، المرحلة التي بدأت يوم 7 أكتوبر، ما هي هذه المرحلة، ما هي صفاتها، ما هي المهام التي تطرحها على التونسيين، ما هي المبادرات التي يمكن أن تطلقها جبهة الخلاص هذا الموضوع الذي يجب أن تتناوله الجبهة للنقاش وهي مبدئيا طارحة على نفسها الخوض في ذلك.

لماذا لا تستجيب المعارضة التونسية إلى الدعوات بتوحدها وتجاوز تشتتها وقد دعوتها إلى العودة إلى رشدها وأن تعي أن الظرف وهو ظرف التكتل لأجل الديمقراطية؟

العقل أو الحكمة تقول أنه حينما تكون أمة في أزمة يجب أن تتحد كل قواها لحلحلة هذه الأزمة، وتونس تعيش أزمة مزدوجة: أزمة سياسة وأزمة اقتصادية واجتماعية، والوطنية تقتضي من كل طرف أن ينصرف لمعالجة هذه الأزمة وتوحيد كل القوى الممكنة لإخراج البلاد من هذه الأزمة وإنقاذها.

مع الأسف، المعارضة إلى حد الآن على الأقل ظاهريا تبدو وكأنها رهينة الخلافات الماضية، وتقول أن “قوى” من المعارضة موجودة في جبهة الخلاص هي المسؤولة عن الأزمة التي أدت إلى 25 جويلية، وبالتالي هذه المكونات غير مستعدة لتمد يدها إلى هذه القوى، أنا قلت في الظاهر لكن في الخفاء هناك أشياء أخرى تجري.. وما دامت المعارضة سجينة ما مضى، طبعا أنا لا أقول أنه يجب أن ننسى ما مضى بل يجب الحديث فيه لاحقا، إنما يجب أن تحل أزمة الديمقراطية وأن تطرح المنافسة أمام المواطن والاحتكام إلى الصندوق.

ويجب التأكيد أن بقاء المعارضة رهينة للماضي يعيق قيامها بالمهمة الجديدة وهي استعادة الديمقراطية والشرعية الدستورية، لكن هذا هو حال المعارضة اليوم، ولا أرى مؤشرات تدل على أن تغيرا قريبا سيحدث في حين أن هذا التغيير ضروري، لذلك في نفس الوقت الذي أنتقد فيه هذا الموقف، تبقى يدي ويد الجبهة ممدودة إلى كل قوى المعارضة حتى تتوحد على مهام المرحلة وتنجزها من أجل استعادة الديمقراطية، ثم لكل حادث حديث.

هل بوسع المعارضة اليوم استعادة ثقلها السياسي والشعبي رغم ما تراه من سياسة تضييق وتهميش؟

التهميش والتضييق لديه دور هام في حال الضعف التي تعاني منه المعارضة، لكن أهم عنصر مرة أخرى أعود إليه، هو ابتعاد المواطن عن الشأن السياسي، وهذه الوضعية لن تعمر طويلا لأن المواطن سيدفع تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية إلى الاحتجاج، وبمجرد أن يدخل مرحلة الاحتجاج سيأخذ هذا الاحتجاج بُعدا سياسيا لأنه سيواجه السلطة السياسية وهذا سيخلق ظرفية ومناخ جديد يسمح للمعارضة بتجاوز ضعفها.

عنصر القمع لا شك بأنه عنصر مهم في إعاقة عمل المعارضة، لكن العنصر الأهم هو انكفاء المواطن على نفسه وانشغاله عن الشأن السياسي.

ما هي أبزر رسائل كتابكم الأخير في “المسيرة والمسار، ما جرى وما أرى” الذي دونتم فيه مسيرتكم السياسية والنضالية الطويلة والثرية، ما هو جوهر الفكر السياسي لأحمد نجيب الشابي؟

هذا الكتاب هو مؤلف واحد لكن ينقسم إلى قسمين، القسم الأول هو “ما جرى” وهي سردية لحياتي السياسية منذ البداية، منذ الطفولة الأولى وهي سرد لما وقع من أعمال ووقائع وأحداث إلخ..

أما الجزء الثاني أردته أن يكون “تأملات” وهو يحتوي على أربعة محاور، وكل محور يحتوي على أربعين صفحة.

– المحور الأول: هو نظرة تقييمية للرئيس الحبيب بورقيبة، لأن بورقيبة لعب دورا مهما ومصيريا في حياة الأمة التونسية منذ ثلاثينات القرن الماضي، ونحن كمعارضة دخلنا في مواجهة رأسية معه وتحملنا أعباء هذه المواجهة عبر السجون والمنافي والعمل السري، وقد حجبت عنا هذه المواجهة بعض الأبعاد من حياة وشخصية الرئيس الحبيب بورقيبة وقد وقفت عليها وأعطيت هذا الرجل حقه باعتباره أحببنا أم كرهنا، هو أب للأمة التونسية الحديثة.

– المحور الثاني: وهو يتطرق إلى الفكر القومي وشخصيا دخلت الحياة السياسية من باب الفكر القومي، وبالتالي رأيت لزاما عن نفسي للوقوف عليه وقد ابتعدت عن الإيديولوجية القومية دون تجاوز المهام الكبرى للحركة القومية وهي الحرية والعدالة الاجتماعية ووحدة البلاد العربية بشكل وبآخر، بالطبع هذا كان في بداية الستينات، وبالتالي حاولت أن ألقي نظرة نقدية على الأيديولوجيا القومية وأفسر علاقتي بها كيف بدأت وكيف انتهت.

– المحور الثالث: يخص الحركة الإسلامية، حيث لعبت الحركة الإسلامية في تونس وفي العالم العربي دورا مؤثرا وقويا في الحياة العامة منذ سبعينات القرن الماضي إلى حد الآن، مازلت تعتمد على دورها المؤثر سواء سلبا أو إيجابا، أردت أن أقرأ تاريخ الظاهرة الإسلامية قراءة نقدية وأن أبرز ما أفكر فيه اليوم حول هذه الظاهرة في أربعين صفحة وليس بمجرد تخمينات بل بالعودة إلى الوقائع الموثقة تاريخيا والثابتة وعبر دلالاتها السياسية.

– المحور الرابع: أعده الأهم في الكتاب وقد عنونته باسم “المستقبل”، وهو تشخيص جوهري عميق لخاصيات الوضع السياسي قبل انقلاب 25 جويلية وهو وضع لم يتغير وما يطرحه من مهام وإصلاحات كبرى في البعد السياسي والدستوري وفي البعد الاقتصادي والاجتماعي.

هذا هو تقريبا مضمون ومحاور الكتاب، ويبقى الحكم له أو عليه للقارئ.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here