معرض مدينة تونس للكتاب.. الكتاب وطن بلا حدود وفلسطين دائماً حاضرة

70
معرض مدينة تونس للكتاب: الكتاب وطن بلا حدود وفلسطين دائماً حاضرة
معرض مدينة تونس للكتاب: الكتاب وطن بلا حدود وفلسطين دائماً حاضرة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. على بعد خطوات من تمثال العلاّمة عبد الرحمن ابن خلدون، وهو ممسك بكتابه في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس، تمتدّ خيمة تحوي أكثر من 30000 عنوان، وتجاورها خيمة أخرى تستقبل على مدار اليوم مثقفين وكتّاب وشعراء وأحباء الكتب ضمن فعاليات معرض مدينة تونس للكتاب.

قبل ثلاثة عشر عاما، انطلقت التجربة التي ظلت تكبر سنة بعد سنة وتحوّلت إلى تقليد سنوي ينتظره الناشرون ليكون نافذة تجارية لهم ومتنفسا في انتظار موعد معرض الكتاب الدولي. المثقفون يمكن القول إنهم من أكثر المرحبين بهذه الفعالية التي تجمعهم في شارع الحبيب بورقيبة، رمز الحراك الثقافي وحيث تنتصب أبرز داري ثقافة، ابن رشيق وابن خلدون، وأمام المسرح من جهة والمقاهي التي كانت تستقبل منذ ما قبل الاستقلال أهم شخصيات النخبة المثقفة في تونس.

يحمل المعرض في دورته الـ13 شعار “الكتاب وطن”، وعلى عادتها احتلّت فلسطين، الحاضر الدائم، مكانتها في شارع الحبيب بورقيبة حيث امتد على طول رصيفه المميز صور ولافتات تتضمن خرائط لدولة فلسطين بمدنها وقراها وأراضيها ومعلومات عن قضية الوطن.

وعن ذلك، قال مدير المعرض، الحبيب العرقوبي، في تصريحات لـ”أفريقيا برس”، “تضامنا مع الشعب الفلسطيني، تم تثبيت جداريات تضم خرائط المدن الفلسطينية وتقدم معلومات عن القضية الفلسطينية والتاريخ النضالي للفلسطينيين”.

لم تمنع برودة الطقس ولا أجواءه الممطرة، أحباء الكتاب من حضور أجواء الافتتاح، والاقبال على المعرض الذي انطلق يوم 25 ديسمبر 2024، ويستمر إلى غاية 11 جانفي 2025، متضمنا، إلى جانب الكتب، برنامجا ثقافيا متنوعا يجسّد بكل تفاصيله شعار: “الكتاب وطن”.

يتجاوز المعرض بعده التجاري، ليكون منصّة ثقافية تقدّم لزوّار العاصمة من تونسيين وسيّاح رحلة مجانية عبر مختلف محافظات البلاد الـ24، وذلك عبر جداريات، تزيّن الممر الذي يوصل إلى خيمة المعرض تعرّف بهذه المدن وبأبرز المواقع الأثرية والسياحية فيها، بالإضافة إلى وجود لوحات مضيئة تحمل أسماء وصور شخصيات أدبية التي أثرت الحياة الثقافية في تونس. من بين هذه القامات الأدبية أبو القاسم الشابي وعلي الدوعاجي ومحمود المسعدي وزبيدة البشير والطاهر الحداد وعروسية النالوتي.

قال المنسق الصحفي للمعرض سفيان العرفاوي، لـ”أفريقيا برس”: “هناك خصوصية للمعرض هذا العام، حيث وضعنا في كل شجرة عدد ولايات تونس وشعاره الكتاب وطن، أردنا أن نعرّف بكل الولايات من خلال هذه الخرائط، كما كان هناك تنشيط للشارع وصور من أعلام تونس”.

ويتابع زوار المعرض فضلا عن الورشات، عدة لقاءات وندوات منها لقاء حواري حول “أخطار الفراغ وعلاقته بوسائل الاتصال الاجتماعي عند الشباب” وآخر بعنوان “مسرح الشارع الواقع والآفاق” ولقاء أدبي بعنوان “الرواية التاريخية بين مساءلة الماضي وتشوف الحاضر”، وندوة فكرية بعنوان “آفاق النهوض بالكتاب التونسي”.

تمّ تركيز هذا المعرض في شارع الحبيب بورقيبة قبالة المسرح البلدي على مساحة تناهز 1200 متر مربع. وخلال الندوة الصحفية التي واكبها موقع “أفريقيا برس” في مدينة الثقافة، قال المنظمون إن عدد الناشرين المشاركين بلغ 80 دار نشر تعرض ما يناهز 30 ألف عنوان تتوزع بين معاجم لغوية وروايات ومجلات ودراسات علمية وبحوث في مجالات اجتماعية وسياسية وتاريخية وأدبية، وكذلك كتب دينية فقهية إلى جانب كتب تعليمية وقصص للأطفال.

وأقر المنظمون تخفيضات في الأسعار، يصل أقصاها إلى 50% وذلك مراعاة للمقدرة الشرائية للتونسيين، إلى جانب التشجيع على الإقبال من خلال تنظيم ورشات متنوعة للأطفال مثل الرسم وفنون الخط العربي، ولقاءات فكرية وأدبية يومية، في خطوات لاقت إشادة الكثيرين من ناحية الوقت الذي يتزامن مع عطلة الشتاء ومن ناحية المكان حيث يسهل الوصل إلى وسط العاصمة من مختلف الجهات.

ضمن فعاليات المعرض عروض رقص وموسيقى والروض ومسرحيات، منها عرض مسرحي تحت عنوان “الحرية لفلسطين” لتلاميذ المدرسة الابتدائية سيدي العلوي، إضافة إلى تنظيم العديد من الورشات التي ستوفر أنشطة ثرية ومتنوعة لمختلف الشرائح العمرية، على غرار ورشات للرسم والخط العربي والفسيفساء وأنشطة يدوية وتنمية بشرية، كذلك هناك ورشة حول الإسعاف بالتعاون مع الهلال الأحمر التونسي وورشة ثانية حول تثمين التراث والمعالم الأثرية عبر الذكاء الاصطناعي بتأطير من مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي باستعمال تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز.

ويوضح العرفاوي: “رسالة المعرض هي تنمية الثقافة وتنشيط الشارع حبيب بورقيبة وتقديم آخر الإصدارات الجديدة. والخروج بالمحاضرات الخاصة بالتراث من مجالسها الخاصة ونخبويتها لتكون مطروحة للعموم ولكل من يمرّ بالشارع ويستوقفه الحديث”.

ويلفت العرفاوي إلى أن من بين أهداف المعرض أيضا “تنمية المطالعة بتوزيع عدد من القصص في المدارس التونسية في حقيبة المطالعة وهو أمر مهم”، في بلد معدل المطالعة فيه 0.7 كتاب لكل ساكن في العام، وفق أرقام الإدارة العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة.

“الكتاب وطن” وزاد كلّ مسافر وخير جليس للكثيرين من روّاد شارع الحبيب بورقيبة ممن اختاروا الجلوس على إحدى مقاهيه أو على مقاعده الممتدة على طول الشارع. وسيكون أيضا زاد المسافرين من تونس العاصمة إلى مدينة عنابة الجزائرية عبر القطار.

وخلال الندوة الصحفية لتقديم برنامج الدورة في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي، أعلنت مديرة دار الثقافة ابن رشيق حنان ناجم، عن تأسيس مكتبة دائمة بقطار تونس ـ عنّابة تضمّ ألف عنوان. وأضافت أن المسافرين عبر هذا الخط القطار بين الثاني والخامس من شهر جانفي/يناير سيكونون على موعد مع برنامج ثقافي على متن القطار يتضمّن عروضا مسرحية ترفيهية للأطفال وورشات في الرسم، إضافة إلى معرض تشكيلي يحتوي لوحاتٍ لشخصيات ثقافية من تونس والجزائر، كما ستحتضن مدينة عنّابة، من جانبها ضمن التظاهرة نفسها، لقاء حول “المشتركات الثقافية بين البلدين”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here