آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أثار مشروع القانون المنظم للمجالس المحلية في تونس جدلا واسعا في البلد مؤخرا، بسبب ما طالته من انتقادات لغموض فصوله وعدم توضيح صلاحيات السلط المحلية الجديدة.
وفي حواره مع “أفريقيا برس”، أشار فادي بن يونس، رئيس المجلس المحلي بباردو، إلى “مدى استياءه من تحجيم دور المجلس المحلي في مشروع القانون الجديد، حيث بات دوره استشاريا فقط”، في حين كانت تطلعاته إلى “منح المجلس دورا أكبر ودورا تقريريا بالأساس، وذلك بسبب قربه من المواطن وتواصله المباشر معه وما يبذله من جهود ميدانية”.
وأكد على “ضرورة توضيح مهام المجالس المحلية وتحديد علاقتها مع بقية السلطة المحلية لتجنب التداخل والخلط”، وعلى الرغم الصعوبات والتحديات، أبدى ثقته في “نجاح تجربة المجالس المحلية وتجربة النظام القاعدي في تونس”، التي تعتمد بالأساس على البناء من المحلي نحو المركز للتعبير عن إرادة الشعب.
وفادي بن يونس هو رئيس المجلس المحلي بضاحية “باردو” وعضو بعمادة “قصر السعيد الثاني.”
كرئيس للمجلس المحلي لباردو، ما هو تقييمكم للعمل في صلب هذا المجلس بعد مرور سنة من انتخابك على رأسه؟
بالفعل لقد مرت سنة على انتخابات المجالس المحلية التي وقع تنظيمها يوم 24 ديسمبر 2023، لكن يجب التوضيح أننا تولينا مهامنا وبدأنا العمل رسميا منذ حوالي تسعة أشهر تحديدا في مطلع مارس 2024 حين وقع تنصيب المجالس المحلية.
في تقديري، من أهم الصعوبات التي واجهتنا في هذه التجربة هو مدى الخلط بين مهام المجلس المحلي والمجلس البلدي خاصة في ظل غياب المجالس البلدية، فالمواطن يطلب منا القيام بعديد المهام وهي من صلب مهام البلديات بالأساس، مثل إزالة الفضلات وتعبيد الطرقات وغيرها من الخدمات، وجد المواطن في المجلس المحلي منفذه لطرح كل مشاغله ومشاكله دون معرفة أو الإطلاع على اختصاصه والمهام الموكل إليه.
قلت في تصريح مؤخرا أن “يكون دورنا استشاريا هو بمثابة خيبة أمل”، ما هي مآخذكم على مشروع القانون الخاص بالمجالس المحلية؟
لقد منحنا رئيس الجمهورية الأهمية كمجالس محلية وجهوية عبر هذا القانون لتجسيد دورنا والقرب إلى المواطن أكثر وإيصال صوته ومشاغله ونقلها إلى السلطة، ففكرة المجلس المحلي هي فكرة ممتازة وسنعمل على إنجاحها بكل جهد وتفان. لكن مع ذلك، حين طرح مشروع القانون الأساسي المنظم لأعمال المجالس المحلية شعرنا بخيبة أمل، بعد أن أصبحت مهمتنا استشارية فقط وليست تقريرية كما كنا نطالب ونترقب، وبالتالي لم ينصفنا القانون الجديد كمجلس محلي فاعل على رغم ما يقوم به من جهود.
كما نلاحظ أن مشروع القانون الذي اقتصر على عشرة فصول فقط، لم يوضح مهام المجالس المحلية واكتفى بالعموميات وبذكر أن المجالس المحلية والجهوية ومجلس الأقاليم، مهمتها تقتصر على التداول، بمعنى بات دورنا استشاريا بتقديم مقترحات لا غير.
كنا نأمل أن تكون لنا سلطة رقابية وحتى تنفيذية لأننا كمجلس محلي متواجد في الميدان وفي تواصل مباشر مع المواطن الذي يتوجه لنا ويطلب منا القيام بعديد من الخدمات بسبب غياب المجالس البلدية كما ذكرت سابقا، لا نقول إننا نقوم بتعويض دور المجالس البلدية، لأن كل مجلس منفصل عن الآخر وله مهامه المحددة، لكن أردنا أن نعمل بكل ما أوتينا من جهد، خاصة وأننا أثبتنا رفعة مستوى وأننا أصحاب مسؤولية، ورغم غياب القانون المنظم لعمل المجالس طيلة تسعة أشهر، إلا أن أعضاء المجلس المحلي قاموا بجهد كبير لتلبية احتياجات المواطنين والإصغاء إليهم.
لماذا حصر البرلمان دور المجلس المحلي في الجانب الاستشاري وليس التقريري، هل بسبب تجنب التداخل مع بقية السلط المحلية الأخرى؟
للإشارة، لم يقع الختم على مشروع القانون بعد، لأن هناك أوامر ونصوص ترتيبية سيتم نشرها في الرائد الرسمي ونحن بانتظارها لتوضيح عمل المجالس المحلية أكثر، حيث نلاحظ أن مشروع القانون لم يحدد المهمة الأساسية للمجالس المحلية وعلاقتها ببقية السلط المحلية كالمديرين المحليين والعُمد والمعتمدين والمشرفين على البلديات، وقد اكتفى الفصل الأول من القانون في الجملة الأخيرة منه بالقول أن “أعمال المجالس المحلية والجهوية ومجلس الأقاليم تتسق في طرق سيرها”.
لذلك ما نلاحظه في مشروع القانون الحالي أنه لم يحدد العلاقة مع بقية السلط المحلية وخاصة بالبلدية والمشرفين عليها، هل ستكون لدي سلطة كرئيس مجلس محلي على البلدية مثلا؟، هل بوسعي التدخل في ميزانيتها أو في قراراتها، هذه التوضيحات التي نحن بانتظار الرد عليها.
يعتبر المجلس المحلي أحد أعمدة ما يُعرف بـ”النظام القاعدي” في تونس، القائم على تعزيز دور المواطن وتمكينه من السلطة، هل سيحقق هذا النظام حسب رأيكم النتائج المرجوة خاصة فيما يخص التنمية؟
نحن انخرطنا في مسار 25 جويلية ومع هذا المسار إلى آخر رمق، لكن في المقابل ننتظر منحنا قيمة ودورا أكبر كمجلس محلي، نطالب بدور تقريري لأننا نعمل على تلبية كل ما يهم المواطن، رئيس الجمهورية على علم واطلاع بجهدنا حيث نقوم بزيارات ميدانية متتالية لإيصال صوت الناس، فالهدف من المجالس المحلية هو الاندماج بين جميع جهات الدولة وأن نكون جميعا سواسية وعلى نفس الخطى وعلى نفس البعد من السلط، هذا دورنا بالأساس.
ومن دوافع ترشحي بالأساس على رأس المجلس المحلي هو تحقيق الأهداف المرجوة لمشروع البناء القاعدي، ترشحت حتى يصل صوتي وتكون لدي صفة لنقل مشاغل الناس باعتباري منتخب وممثل عن الشعب، لذلك تحقيق مطالب المواطن وتحسين واقعه وتقديم أفضل خدمات هو ما نسعى إليه وما يسعى إلى تحقيقه النظام السياسي الجديد.
يقول مؤيدو “النظام القاعدي”، أن هذه التجربة تتطلب صبرًا لتسير الأمور إلى الأمام، لكن كيف يمكن أن يصبر المواطن وقد تعمقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية أكثر، فيما تكتفي السلطة بسياسة المماطلة والوعود؟
في الواقع لمسنا صبر المواطن وتفهمه لما تمر به البلد من أزمات خلال عديد الزيارات الميدانية التي أجراها رئيس الجمهورية، لاحظنا تفهم الشارع خاصة حين تحدث الرئيس عن ضرورة التعويل على مواردنا الذاتية، صحيح مواردنا ليست كبيرة لكن لدينا ثروة بشرية وهي الأهم، وقد أبدى المواطن تفهمه لكل ذلك.
ثم يجب أن لا ننسى أن تجربة النظم القاعدي هي تجربة جديدة في تونس بعد إلغاء المجالس المحلية القديمة، والذي كان دورها استشاري بحت، هذه تجربة جديدة يجب الصبر عليها وتوفير المناخ المناسب واختبار مدى نجاحها من عدمه، ثم بعد مرور سنة من صدور القوانين النهائية الخاصة بها، نقوم بتقييم لتجربة المجالس المحلية، هل قامت بتقديم الإضافة المرجوة للمواطن أو لا، هل المواطن راض على عملها، بعد ذلك نحكم على التجربة، لكن كلي أمل وثقة في نجاحها.
ما هي القوانين التي تعتبرها ضرورية والتي يجب على البرلمان مناقشتها في أقرب الآجال لأجل حلحلة وتنفيس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؟
شخصيا أؤمن بتحرير الاقتصاد يعني كفانا من التعقيدات والبيروقراطية التي تعطل بعث مشاريع جديدة في البلاد، علينا تسهيل المشاريع حتى نستطيع خلق حياة وروح أخرى لبلدنا ونقلها إلى بر الأمان.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس