أحمد القلعي: إطلاق سراح الموقوفين السياسيين ضرورة

32
أحمد القلعي: إطلاق سراح الموقوفين السياسيين ضرورة
أحمد القلعي: إطلاق سراح الموقوفين السياسيين ضرورة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أبدت الأوساط الحقوقية في تونس تفاؤلها عقب إطلاق سراح رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، والوزير السابق رياض مؤخر، والصحفي محمد بوغلاب، معتبرة أن ذلك يعكس تجاوب السلطة مع دعوات المجتمع المدني بضرورة احترام التزاماتها في ملف الحقوق والحريات، الذي يُعد أحد أبرز مكاسب ثورة يناير.

وفي حديثه مع “أفريقيا برس”، أكد الناشط الحقوقي أحمد القلعي أن “تنقية الأجواء السياسية تتطلب إطلاق سراح جميع الموقوفين السياسيين، ومدّ السلطة يدها للقوى المدنية والسياسية لإجراء حوار وطني شامل حول أهم القضايا”.

وتوقع أن “تتجه السلطة نحو تعديل أو إلغاء المرسوم 54 تحت الضغوط الداخلية والخارجية”، موضحًا أن “مواقف الهيئات الدولية والإقليمية وضعت السلطة التونسية في موقف محرج للغاية، في وقت هي بأمسّ الحاجة إلى دعمها لإيجاد حلول للملف الاقتصادي”.

أحمد القلعي هو ناشط حقوقي ومدني، وعضو سابق في الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

كناشط سياسي وحقوقي تونسي، هل تعتقد أن ملف الموقوفين السياسيين سيشهد انفراجة أوسع بعد إطلاق سراح سهام بن سدرين ومحمد بوغلاب مؤخرا؟

لو كانت السلطة تسعى حقيقة إلى انفراجة أوسع لأغلقت هذا الملف المؤلم، وأطلقت سراح جميع مساجين الرأي والسياسيين دفعة واحدة، ولاستجابت مقتنعة بالمطالب المشروعة للمجتمع المدني وبعض الأحزاب السياسية في اتجاه تنقية شاملة للحياة السياسية والفضاء العام.

ولعل السلطة لا ترغب في أن يؤول إطلاق سراح المعتقلين على أنه تدخل للجهاز التنفيذي في الشأن القضائي، ولذلك أتوقع أن تكون محاكمة 4 مارس في قضية المؤامرة أقل صرامة من سابقاتها. ولا خيار للسلطة في ذلك بعد تضييق الخناق عليها من طرف الحركة المدنية في الداخل، ومساءلة الدوائر السياسية والهيئات الدولية في الخارج.

برأيك ماهي الأسباب التي تقف وراء تطور ملف المعتقلين، هل بسبب ضغوط دولية بعد بيان الأمم المتحدة التي طالبت بوقف اضطهاد المعارضين في تونس، أم أن السلطة أعادت حساباتها واختارت التهدئة في هذا الملف لتخفيف الاحتقان؟

لا تعبر هذه “التهدئة” على تحول هيكلي في تعامل السلطات مع ملف الحقوق والحريات الذي يبقى تفاعلا منافيا للمعايير الدولية في عدم تجريم حرية الرأي والتعبير والمحاكمة العادلة والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

من المؤكد أن إصرار المجتمع المدني التونسي والدولي على أداء دوره الطبيعي في الضغط السلمي على السلطات ومطالبتها باحترام التزاماتها الدولية بمقتضى الصكوك والعهود التي صادقت عليها في إقرار الحقوق واحترامهم والعمل على إنفاذها، كان له أثر في هذا التعامل الجديد للسلطات قرابة السنتين بعد بدء الإيقافات، كما أن مواقف الهيٱت الدولية والإقليمية أحرجت إلى درجة كبيرة السلطات، في الوقت الذي هي في أمس الحاجة لدعمها في إيجاد حلول للملف الاقتصادي واسترداد “الأموال المنهوبة”.

هل سيتواصل المسار الايجابي للسلطة في ملف الحريات بالذهاب نحو إلغاء المرسوم 54 أو تعديله؟

تعددت في الآونة الأخيرة مظاهر الامتعاض والاحتجاج ضد المرسوم 54 الجائر، لا فقط من الأوساط المحسوبة على المعارضة بل حتى من داخل البرلمان والأوساط المساندة لمسار 25 جويلية. فلا مناص للسلطات إلا اللجوء مرغمة إلى تعديله أو إلغائه، للمحافظة على تحالفاتها وتوازناتها الداخلية الهشة ونزع فتيل الاحتقان المتزايد.

أعتقد أن السلطة ستضطر إلى تعديل أو حتى إلغاء المرسوم 54 غير الدستوري تحت الضغوط الداخلية والخارجية، ويسبب الاحتقان المتزايد بجانب المشاكل الاقتصادية المتراكمة. لا ننسى أن عددا من النواب بدأوا بالتحرك مقترحين تعديل المرسوم، وأن شرائح من مساندي الرئيس أبدوا قلقهم المتزايد منه.

هل انعكس الانقسام السياسي على مسار التضامن مع كل الموقوفين السياسيين بسبب مخلفات الصراعات الأيديولوجية، وكيف ستتعامل السلطة مع ملف المعتقلين عن حركة النهضة؟

يستمد النظام شرعيته من محاربة قيادات العشرية السوداء التي اختزلها في أداء وأخطاء قادة حركة النهضة. لن يلجأ إذن إلى الاستغناء عن هذه الورقة الرابحة للمحافظة على قاعدته الانتخابية بمواصلة التضييق القضائي وملاحقة حركة النهضة، مع تسريب جرعات من الإجراءات المهدئة والسطحية تجاه العائلات السياسية الأخرى.

ماهو المطلوب لحماية الديمقراطية والحريات العامة والفردية في تونس وهي أبرز مكاسب ثورة يناير؟

التف مسار 25 جويلية على مكاسب ثورة الحرية والكرامة تحت ذرائع شعبوية واهية بدعوى تجاوز المخلفات الكارثية للعشرية السوداء وتٱكل المؤسسات التشريعية وتحت غطاء محاربة الفساد وملاحقة “المتربصين” و”الخونة”. حيث ألغى العمل بدستور 2014 وسن دستور على قياسه، واتخذ إجراءات ألحقت ضررا كبيرا باستقلالية المؤسسات القضائية وحرية الإعلام ودور المجتمع المدني.

هذا مع تواصل الأزمة الاقتصادية والتدهور المهول للمقدرة الشرائية. لن تستطيع البلاد المواصلة في هذا الانحدار المخيف، وعليها أن تمد يدها للقوى المدنية والسياسية لإجراء حوار وطني شامل حول أهم القضايا. ولن يبدأ هذا الحوار دون تنقية حقيقية وجادة للحياة السياسية بإطلاق سراح جميع المعتقلين في قضايا سياسية وقضايا الرأي، والكف عن تجريم التضامن وحرية التعبير واحترام استقلالية السلطات التشريعية والقضائية والجمعيات المدنية.

كيف تقيم سياسة الرئيس التونسي في تحسين أوضاع التونسيين، وهل تعتقد أن توسع دائرة الاحتجاجات مؤخرا خاصة في الحوض المنجمي قد تهدد بتآكل شعبيته وتهديد مشروعه السياسي؟

ارتكزت سياسة الرئيس الحالي على خطاب شعبوي دون إجراءات فعلية لإصلاح المنظومة الاقتصادية، وإذ لقي هذا الخطاب تجاوبا من الشباب وشرائح شعبية أرهقتها فترة حكم النهضة وحلفاؤها، فإن هذه القاعدة الشعبية بدأت تتٱكل أمام غياب أي تحسن حقيقي في نمط عيشها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here