محمد ذويب لـ”أفريقيا برس”: على رئيس الدولة كشف مضمون اتفاق الهجرة مع أوروبا للتونسيين

38
محمد ذويب: على رئيس الدولة كشف مضمون اتفاق الهجرة مع أوروبا للتونسيين
محمد ذويب: على رئيس الدولة كشف مضمون اتفاق الهجرة مع أوروبا للتونسيين

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشار الباحث والمؤرخ محمد ذويب في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أنه “على الرئيس قيس سعيّد مصارحة الشارع التونسي بمضمون اتفاق الهجرة مع أوروبا”، حيث إن “صمت السلطة عمّا تم الاتفاق عليه قد فتح الباب أمام الشائعات والتأويلات”، لافتًا إلى “ضرورة حسن استغلال ملف المهاجرين بفتح حوار مع دول الاتحاد الأوروبي حول الهجرة، وهو ما من شأنه أن يحقق لتونس مكاسب ويضع إيطاليا أمام مسؤوليتها في تنفيذ الاتفاقات السابقة”، وفق تقديره.

واستبعد ذويب “نجاح رئيسة الحكومة الجديدة، سارة الزعفراني، في التصدّي إلى اللوبيات التي لها أذرع في الإدارة والقضاء والإعلام وغيرها”، مبيّنًا أنه “من الصعب نجاح شخص لم يمارس العمل السياسي أو النقابي في منصب رئاسة الحكومة، خاصة إذا افتقد إلى رؤية وبرنامج إصلاح”، لافتًا في ذات السياق إلى أن “ما يُحسب لمسار 25 جويلية هو نجاحه في القطع مع منطق ابتزاز الدولة من الداخل والخارج، غير أنه لم يُغيّر كثيرًا في حياة التونسيين الذين ما زالوا ينتظرون تحسين أوضاعهم”.

ومحمد ذويب هو دكتور في تاريخ تونس المعاصر والراهن، وكاتب ومحلل سياسي، وهو مؤلف كتاب ملحمة بن قردان.

مع الإقالة الأخيرة لرئيس الحكومة كمال المدوري، كيف تقرأ إقالة رؤساء الحكومات في تونس في الآونة الأخيرة، ماهو برأيك سبب كثرة التعديلات الحكومية؟

في تونس من الصعب أن ينجح شخص لم يمارس العمل السياسي أو النقابي أو المدني في منصب رئاسة الحكومة، فتجربة التنظم مهمة جدا لأي شخص في ممارسة أي منصب ذي صبغة سياسية وإدارية، فالتجربة الإدارية تبقى مهمة ولكنها تقنية فقط، هذا علاوة على إشكالية البرامج، فرئيس الحكومة يجب أن يكون شخص حامل لبرنامج وتصور واضح لإدارة أي مرحلة، دون أن ننسى ضرورة أن تكون المدة الزمنية الممنوحة لأي رئيس حكومة طويلة نسبيا لكي يستطيع هو وفريقه الحكومي النجاح. يبدو أن تخوف رئيس الجمهورية من الوضع العام في البلد وخوفه من الاختراق جعله يفقد الثقة نوعا ما في من عينهم، وهو ما جعله يغيرهم الواحد تلو الآخر.

هل تعتقد أن المشكلة التي تعترض حكومات ما بعد 2021، هو أن انتماء البعض من كادرها إلى الإدارة وولاءه لشبكاتها أقوى من ولائها للحكومة والرئيس، وهذا ما يفسّر حديث قيس سعيد عن أن اللوبيات تستوطن القصبة؟

هي إمكانية الاختراق والاستمالة تبقى دائما واردة لأنه ليس لقيس سعيد حزب مهيكل وواضح يعرف كوادره ويستطيع تعيين بعضهم في مناصب حساسة، ولكنه في كل الحالات يتحمل مسؤولية تعييناته فهو من جاء بهم ومن أقالهم، وهو من يجب أن يتحمل نجاحهم أو فشلهم.

هل بوسع رئيسة الحكومة الجديدة النجاح في مهمة التصدي إلى اللوبيات والدولة العميقة وإنقاذ مشروع الرئيس في بناء دولة اجتماعية عادلة؟

للأسف لا أتصور أنه بإمكان رئيسة الحكومة الجديدة النجاح في التصدي للوبيات، قد تنجح في تحقيق بعض ما تصبو إليه، ولكن النجاح التام في تونس غير ممكن، لأن هذه اللوبيات متمترسة في كل المجالات والقطاعات، وهي لا تقبل أبدا أن تتخلى عن جملة من المكاسب راكمتها منذ عشرات السنين، ولها أذرعتها في الإدارة والقضاء والإعلام وغيرها.

هل باتت الحاجة إلى حوار وطني وتشريك الأجسام الوسيطة والمنظمات ضرورية لأجل بلورة حلول مشتركة لإخراج البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية؟

نعم الحوار الوطني يبقى دائما ضروري ولكن مع من سيكون هذا الحوار؟ وحول ماذا؟ فالأجسام الوسيطة لا وزن لها في تونس في الوقت الحالي، فحتى الاتحاد العام التونسي للشغل يشهد الآن ازدواجية على مستوى للمكتب التنفيذي (مجموعة العشرة / مجموعة الخمسة)، أنا أتصور أنه من الأفضل التوجه لمصارحة الشعب بالوضعية الصعبة للبلاد، وفتح حوار مع بعض الخبراء الاقتصاديين والاستئناس بآرائهم لإدارة المرحلة.

ما هي قراءتك لمشكلة المهاجرين في تونس، هل تعتقد أن بعض الحلول القاسية التي يقترحها بعض النواب مثل عزلهم قادرة على احتواء الأزمة؟

في علاقة بمشكل المهاجرين الوافدين على تونس حسب رأيي بلادنا ليست قادرة على إيجاد حل جذري ونهائي لهذه المعضلة، ولكن نستطيع أن نجد حلول قد تفضي بعد مدة إلى حل هذا الإشكال، أرى أولا ضرورة إحداث مخيم كبير بعيد عن السكان وعن أملاكهم لهؤلاء الوافدين يكون مهيأ ومجهز بما يضمن لهم مقومات العيش الكريم، وذلك للتخفيض في حدة التوتر بينهم وبين المواطنين، ثم القيام بحملة وطنية تساهم فيها الدولة والمواطنين والمجتمع المدني لتوفير الإعاشة لهم، وضرورة أن تدعو الدولة التونسية إلى قمة أفريقية طارئة تنعقد في تونس لوضع الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المهاجرين أمام مسؤوليتهم في استعادة مواطنيهم، مع ضرورة تكثيف مراقبة الحدود خاصة من ناحيتي الجزائر وليبيا، بهذه الطريقة نستطيع أن نضمن كرامة وسلامة هؤلاء المهاجرين وأن نتخلص بطريقة إنسانية ومرنة من هذا العدد الكبير من المهاجرين، الذي لم تعد تونس قادرة على استيعابه.

هل ممكن أن تستفيد تونس مما نشر من صور لتتحرك إعلاميا ودبلوماسيا لمطالبة أوروبا بتنفيذ الجزء الأهم من خطة الشراكة، وهو دعم الدول الأصلية للمهاجرين، باعتبار أن إنقاذ هؤلاء مسؤولية جميع الأطراف؟

على رئيس الدولة أولا مصارحة الشعب بما تم الاتفاق حوله مع الأطراف الأوروبية بخصوص ملف الهجرة، حيث أن صمت السلطة على ما وقع الاتفاق حوله قد فتح الباب أمام الشائعات والتأويلات، ثانيا على تونس حسن استغلال ملف المهاجرين كما فعلت قبلها ليبيا في عهد القذافي وتركيا وحتى صربيا للحصول على امتيازات هي من حقها ومن حق شعبها نتيجة للتواجد المؤقت لهؤلاء المهاجرين على أراضيها، ففتح حوار حول الهجرة مع دول الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يمكن تونس من تحقيق مكاسب، وأن يضع الإتحاد الأوروبي وخاصة ايطاليا أمام مسؤوليتها في تنفيذ الاتفاقات السابقة.

كيف تقيم مسار 25 جويلية منذ انطلاقه، وهل تعتقد أن الرئيس قيس سعيد قادر على تحقيق تطلعات الشارع في ولايته الثانية في ظل الضغوط الاقتصادية؟

في علاقة بمسار 25 جويلية فإن ما يحسب له هو نجاحه في القطع مع منطق ابتزاز الدولة من الخارج (بعض الدول الأجنبية وبعض القوى المالية) ومن الداخل (بعض المنظمات والنقابات واللوبيات)، والقطع أيضا مع التداين من الخارج حيث كانت تونس تحصل على أموال تساوم بها على سيادتها الوطنية ولكن لا يتمتع بها الشعب، ولكن التوجه نحو التدايين الداخلي لم يحل المشكل نهائيا.

مع ذلك هذا المسار لم يغير الكثير في حياة التونسيين الذين مازالوا ينتظرون تحسين أوضاعهم، ولكن رغم الصعوبات يبقى التغيير ممكن لو أن رئيس الجمهورية يغير خطابه نحو التهدئة ويقوم بخطوات أخرى في هذا الاتجاه مثل إلغاء المنشور 54 والعفو على بعض الوجوه الإعلامية والسياسية، التي لا تتعلق بها تهم خطيرة تمس من أمن الدولة وسلامتها، دون أن ننسى ضرورة تكثيف الرقابة والحرص على اهتمام الإدارة بمختلف هياكلها بضرورة تحقيق مشاغل المواطن والاقتراب منه أكثر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here