آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أكد الطيب بوعايشة، أحد أبرز قيادات المعارضة النقابية داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “لا مجال للسلطة ولا لأي طرف آخر للتدخل في الأزمة النقابية، فهي أزمة داخلية، وسيقع حلها بين الأوساط النقابية وداخل الاتحاد”.
وكشف أن “الاجتماع الأخير للهيئة الإدارية للاتحاد لم يُسفر عن أي قرارات واضحة، غير أن الخلافات والتشنجات سادت الاجتماع”، مبينًا أن “اعتذار الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، لقيادات جهة صفاقس بعد أن وصفهم بالمافيا، لا يكفي لتجاوز الفجوة والهوة بين الطرفين”.
ولفت إلى أن “أزمة الاتحاد أعمق من مجرد تحديد موعد للمؤتمر، وأن المعارضة النقابية تتمسك برحيل المكتب التنفيذي الحالي، حيث بإمكان المنظمة، التي تزخر بالمناضلين والكفاءات، انتخاب قيادة جديدة”.
واعتبر أن “المنظمة ذات الثقل في البلاد تعيش أسوأ مراحلها وفتراتها، حيث بات هناك رأي عام يستهجن أداء الاتحاد، كما فقد العمال والشغالون ثقتهم في القيادة الحالية، ما يعني أن الاتحاد أصبح عاجزًا عن التعبئة”، مُقرًّا “بنجاح السلطة في سحب البساط من تحت أقدام المنظمة من خلال تجاهلها في نقاش ملفات اجتماعية هامة، مثل التعديلات الأخيرة بمجلة الشغل، والقاضية بمنع عقود المناولة”.
والطيب بوعايشة هو نقابي تونسي، وأحد القيادات النقابية المعارضة داخل الاتحاد التونسي للشغل.
ماهي أبرز مخرجات اجتماع الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل الذي انتهت أشغاله الجمعة في مدينة الحمامات؟
في الواقع لم ينجم عن هذا الاجتماع أي مخرجات كتابية، لكن الثابت والمؤكد أنه نشبت العديد من الخلافات وكانت هناك تشنجات كبيرة في اجتماع الهيئة، ولم يقع التوصل إلى أي شيء، وقد تم الاتفاق إلى تأجيل الاجتماع إلى يوم الخميس القادم، لم يقع اتخاذ أي قرارات واضحة من قبل الهيئة الإدارية.
ماهو موقف المعارضة النقابية من اعتذار نور الدين الطبوبي مؤخرا، هل يكفي ذلك لرأب الصدع داخل المنظمة أم أنها خطوة متأخرة، وفق تقديرك؟
حسب رأيي الخاص، وهو رأي يلزمني، هذا الاعتذار مجرد ضحك على الذقون، فحين يصف الطبوبي فرع اتحاد الشغل بولاية صفاقس بال”مافيا” وهي ثاني أكبر جهة نقابية في البلاد، حينها نتساءل أين كان هو حينها، وأين هو دوره، وأين هي مصالح الشغالين ومصالح المنظمة، وأين سمعة المنظمة بعد هذا الاتهام.
ويجب التذكير أن الاتحاد الجهوي بصفاقس هو الرافعة الأساسية التي دعمت تعديل الفصل 20، ما سمح للطبوبي بالتمديد ومواصلة ترأسه في الاتحاد، وحتى في حال قبول فرع صفاقس الاعتذار، فإن الثقة بين الطرفين قد انعدمت تماما، ومن الصعب تجاوز هذه الفجوة بين أبرز عناصر ومكونات الاتحاد.
وجهت رسالة بالتزامن مع اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد مفادها أن “الاتحاد في خطر ووجوده مهدد”، ماهي أسباب هذه المخاوف؟
أسباب المخاوف إجمالا بسبب الحالة العامة التي يعيشها الاتحاد اليوم، هناك رأي عام أصبح يستهجن الاتحاد، العمال والشغالين لم تعد لديهم أي ثقة في القيادة الحالية، وقد تنعدم ثقتهم حتى في العمل النقابي مستقبلا، وهذا ليس تحاملا على الاتحاد، بل هو اعتراف بأن الاتحاد أصبح عاجزا على التعبئة، وثقة الشغالين في هياكل الاتحاد تقريبا انعدمت.
كما يجب الإشارة أن السلطة قد تمكنت من سحب البساط من تحت الأقدام الاتحاد، ففي الوقت الذي يؤكد فيه الاتحاد على تمسكه بدوره الوطني ودوره الاجتماعي، لكن وقع تجاهله في كبرى الملفات والمسائل الاجتماعية، بل وقع سحب البساط من تحت أقدامه، والمثال على ذلك التعديل الأخير في مجلة الشغل، بقطع النظر عن مضمون التعديل، فمن غير المعقول أن يتم تعديل المجلة بالاستشارة مع منظمات وجمعيات فيما يقع تجاهل منظمة كبيرة، والتي تعنى بالأساس بالشغالين.
إضافة إلى ذلك، لم يتفاعل المكتب التنفيذي مع مخرجات المجلس الوطني للاتحاد خلال اجتماعه في سبتمبر الماضي، والتي توصلت إلى ضرورة الذهاب نحو إضراب عام وفوضت للمكتب التنفيذي اتخاذ هذا القرار، خاصة في الوقت الذي توقفت فيه المفاوضات الاجتماعية مع الطرف الحكومي، مع ذلك لم يقع التجاوب مع هذه الدعوة، كل هذه المؤشرات تؤكد أن الاتحاد بات في وضعية سيئة.
كيف يمكن تجاوز أزمة الاتحاد والحفاظ على وحدته وتماسكه؟
برأيي لتجاوز أزمة الاتحاد، هناك جملة من الشروط التي يجب الالتزام بها، أهمها ضرورة الخضوع إلى منطق المحاسبة، حيث أن القيادة الحالية لعبت دور سيئا في إدارة المنظمة، وهي المسؤولة الأولى إلى جانب الهياكل الإدارية في هذه الوضعية التي وصل إليها الاتحاد، وأفضل حلول لمعالجة مثل هذه الأخطاء هو التخلي عن المسؤوليات والتنحي والاعتراف بالفشل، المنظمة لديها هياكل نقابية، وقادرة على إنتاج قيادات جديدة.
كما أن المجلس الوطني الأخير اعترف بأن سبب الأزمة هو ما قامت به هذه القيادة من انقلاب على الفصل عشرون، وتعديل القانون الأساسي للنظام الداخلي بطريقة غير قانونية، إذن يجب العودة في مرحلة ثانية إلى القوانين القديمة لتدارك الأخطاء، والمضي نحو الإصلاح واستعادة ثقة الشغالين.
أما النقطة الأهم، هي فقدان الشغالين ثقتهم في الهياكل النقابية، وهنا الحل يجب أن يتخذ عمقا ديمقراطيا من خلال تشريك القواعد والهياكل في إدارة الأزمة، ولا يبقى الأمر حكرا على القيادة، لأن صياغة حل دون مشاركة القواعد لا يملك ضمانة أن يتواصل وأن يدافع عنه الشغالون، ولن يقي المنظمة من الانزلاقات الخطيرة، إضافة إلى ضرورة التمسك بمبدأ استقلالية الحل النقابي، لا مجال لتدخل السلطة أو أي طرف كان في هذه الأزمة النقابية، هذه أزمة داخلية يقع حلها نقابيا وداخل الاتحاد.
هل سينجح اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد المقرر الخميس القادم في تقريب وجهات النظر لتحديد موعد واضح للمؤتمر؟
أعتقد هناك صعوبة كبيرة في تحقيق ذلك، لأن الصراع أعمق من تحديد موعد المؤتمر، والخوف كل الخوف وهو الأخطر حسب رأيي، هو أن يتم التصارع على تركيبة المكتب التنفيذي، وفي حال نشوب ذلك فهو ما سيؤكد أن ما يهم القيادة سواء الموقع ولا شيء غير الموقع، ولو كان على حساب المواقف.
ماهي مطالب المعار ضة النقابية، هل مازالت متمسكة برحيل الطبوبي وأعضاء المكتب التنفيذي؟
نحن نطالب برحيل كل أعضاء المكتب التنفيذي حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر، من تسبب في هذه الأزمة وفي هذه الوضعية المتردية للاتحاد فعليه أن يرحل، المنظمة لديها تاريخ عريق وكم هائل من المناضلين، وهي قادرة على إنتاج قيادة أفضل بكثير من القيادة الحالية.
هل برأيك حالة القطيعة مع السلطة منذ انطلاق مسار 25 جويلية مرد الخلافات داخل الاتحاد، وهل برأيك نجحت السلطة في إضعاف حضور الاتحاد وبقية الأجسام الوسيطة ذات الثقل في المشهد؟
يرزح اتحاد الشغل تحت هذه الوضعية منذ انعقاد مؤتمر سوسة سنة 2020، وللتذكير ما كان لهذا المؤتمر أن ينعقد لولا تدخل السلطة وتوفيرها لكامل الإمكانيات للقيادة الحالية لتنظيمه، ودفعت في هذا الاتجاه، وقد أكدت السلطة الشرعنة القانونية لهذه القيادة، وهي لن تجد قيادة أفضل منها فهي لا تبدي أي معارضة أو مواقف من سياساتها، كما تتحمل قيادة الاتحاد مسؤولية كبيرة في هذه المعادلة، وهي سبب إفراغ المنظمة من طابعها النضالي والديمقراطي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس