شاكر حسن: هناك سعي لتغييب الاتحاد عن دوره الاجتماعي

2
شاكر حسن: هناك سعي لتغييب الاتحاد عن دوره الاجتماعي
شاكر حسن: هناك سعي لتغييب الاتحاد عن دوره الاجتماعي

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشار النقابي التونسي شاكر حسن، في معرض تعليقه على أزمة الاتحاد العام التونسي للشغل، خلال حواره مع “أفريقيا برس”، إلى أن “هناك سعيًا لتغييب الاتحاد عن دوره الاجتماعي في الدفاع عن منظوريه والشأن العام، من خلال غلق باب الحوار الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما أدى إلى توتر العلاقة مع السلطة”.

ورأى أن “الاتحاد اليوم يعيش أزمة مزدوجة، أزمة مع السلطة وأزمة داخل الاتحاد نفسه، حيث انتهجت السلطة خيار تحييد الاتحاد عن الشأن العام”، محذرًا من أن “حالة الصدام بين الاتحاد والسلطة ستكون لها آثار سلبية على أوضاع البلاد”.

وفي تقديره، فإن “أزمة الاتحاد سببها الرئيسي هو ضرب الديمقراطية داخل المنظمة أفقيًا وعموديًا، حيث أصبحت المنظمة تشقها الانقسامات والصراعات الهامشية وتصفية الحسابات”، داعيًا إلى “ضرورة ترتيب البيت الداخلي للاتحاد وتصويب البوصلة من خلال التمسك بمبادئه وأهدافه”.

وشاكر حسن هو نقابي تونسي، ومنخرط متقاعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، ومتقاعد من قطاع التعليم الثانوي، وعضو سابق بالاتحاد الجهوي للشغل بنابل والجامعة العامة للتعليم الثانوي.

كيف تقرأ أزمة اتحاد الشغل مع السلطة في تونس بعد تبادل التصريحات والاتهامات وتلويح الرئيس قيس سعيد بفتح ملفات فساد، هل تتجه الأزمة لمزيد التوتر والتصعيد؟

عبر تاريخ الاتحادات شهدت كل العشريات تقريبا أزمات بين السلطة والاتحاد، وفي كل مرة حول أجندة معينة وجذورها وأسبابها متعددة وهناك رابط بينها وهو في كل أزمة كانت السلطة تُحمٌل الشغالين بالفكر والساعد فاتورة فشل خياراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

أما اليوم فالاتحاد يعيش أزمة مزدوجة أزمة مع السلطة وأزمة داخل الاتحاد نفسه. فالسلطة انتهجت خيار تحييد الاتحاد عن الشأن العام، وأيضا ما يهم الشغالين بالفكر والساعد والمتقاعدين منهم فقد عمدت إلى عدم تطبيق جانب من الاتفاقيات ووضعت العراقيل حول التفاوض مع الوزارات مثل ” المنشور 20″ ثم “المنشور عدد 21” الذي يقر عدم التشاور حول الزيادة في الأجر الأدنى، والإجراءات المتعلقة بخفض الضريبة على الدخل، وصولا إلى إلغاء الجلسات الصلحية حول برقيات الإضراب، وبالتالي هناك سعي لتغييب الاتحاد عن دوره الاجتماعي في الدفاع عن منظوريه والشأن العام بغلق باب المجلس الوطني للحوار الاقتصادي والاجتماعي، والنتيجة توترت العلاقة بين الطرفين.

هل أن تلميح الرئيس سعيد بفتح ملفات فساد بمثابة رسالة تهديد للاتحاد؟

يجب التذكير قبل كل شيء بموقف الاتحاد من السلطة القائمة، حيث أصدر المكتب التنفيذي بيانا يوم 26 جويلية حول الإجراءات استثنائية التي أطلقتها السلطة يوم 25 جويلية 2021، وقد بارك المسار لكن بشروط موضوعية وهي: التشاور والحوار والاشتراكية، أما بخصوص حديث السلطة وتلمحيها عن ملفات فساد، فأعتقد كل من له ملف فساد ضد أي نقابي مهما كان موقعه فليتقدم به إلى القضاء حتى يحاكم محاكمة عادلة.

هل من شأن هذه الأزمة أن تساهم في مزيد تعقيد المشهد السياسي وتنبئ بخريف سياسي ساخن في تونس؟

أكيد ستتعقد أكثر فأكثر لأن التاريخ علمنا أنه متى احتدت الأزمة بين الاتحاد والسلطة وبلغت حالة الصدام فمن شأن ذلك أن يكون له تداعيات على أوضاع البلاد وسنعاني من آثارها، وليس من مصلحة أي طرف منهما والبلاد خاصة الوصول للتصادم وخاصة في هذا الظرف السياسي الدقيق، لأن استهداف البلاد ليس من الاتحاد ولن يكون، بل من أطراف داخلية وأذيالها التي أزيحت عن السلطة والتي تحاول عبر استحواذها على مفاصل الدولة واستقوائها بالقوى الاستعمارية ضرب الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية وأنقاض البلاد للرجوع للسلطة بعدما دمرت البلاد والعباد ورهنت البلاد لدى الأذرع المالية العالمية وعطلت الإنتاج في عديد المجالات الحيوية ودعمت وتحالفت مع الفساد ودعمته، في الحقيقة الورثة ثقيلة كما يقال، والأزمة ليست هينة، ولا مصلحة لا للحكومة ولا للمركزية في استمرارها.

هل تعتقد أن استهداف الاتحاد هدفه إضعاف الأجسام الوسيطة ذات الثقل واستبعادها من المشهد السياسي؟

الاتحاد ليس بجسم وسيط فهو منظمة عتيدة وعريقة مهنية ووطنية تعنى بمصالح الشغالين، وأيضا بالشأن العام تبدي رأيها في الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها تمس أيضا منظوريها. فلا غرابة في أن يطالب الاتحاد بالحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية خاصة وأن الدولة التونسية مصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

هل يعيش الأمين العام للاتحاد ضغوط داخلية من المعارضة النقابية لدفعه للانسحاب وتسهيل الحوار مع السلطة؟

القيادة النقابية مهما كان موقعها تعيش ديمومة الضغط في النشاط اليومي والمحطات النضالية والمفاوضات والمؤتمرات التي من خلالها تكتسب الخبرة والفطنة والتقدير الجيد للمسائل. الاتحاد بني على مبادئ مترابطة متى اختل أحدها تفقد المنظمة جماهيريتها وقوتها وإشعاعها.

وبرأيي السبب الرئيسي للأزمة هو ضرب الديمقراطية داخل المنظمة أفقيا وعموديا، فأصبحت المنظمة تشقها الانقسامات والصراعات الهامشية وتصفية الحسابات وضرب حرية التعبير، وأدينت المواقف الرافضة لمسار الانقلاب على دستور الاتحاد بطرق تدين أصحابها ولا تشرف الاتحاد، وبالنتيجة انقسمت المركزية، وأصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم وضربت وحدة النقابيين وانطوى الاتحاد على نفسه وأصبح الأداء ضعيف والإشعاع باهت وتراجعت جماهيريته وشعبيته، ولم يعد في الاتجاه الصحيح. زيادة على الهجمة المتواصلة من طرف أعداء العمل التقابي منذ عهد الترويكا إلى اليوم، والمسالة ليست في الأمين العام، فكل الهياكل مهما كان موقعها مسؤولة عن هذا الوضع المتردي كل حسب موقعه.

كيف يمكن برأيك إنقاذ اتحاد الشغل من أزمته، هل يمكن لباب الحوار أن يفتح مع السلطة والعودة إلى التهدئة والتفاوض؟

في تقديري لا بد من ترتيب البيت الداخلي للاتحاد وتصويب البوصلة بالتمسك بمبادئه وأهدافه، وللخروج من الأزمة، لا بد من صياغة القانون الأساسي بما يتماشى والظروف الحالية في علاقة بالمسألة الديمقراطية والهيكلة والمالية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here