صبري الزغيدي: الإضراب العام دفاع عن الاتحاد والضغوط لن تثنينا

19
صبري الزغيدي: الإضراب العام دفاع عن الاتحاد والضغوط لن تثنينا
صبري الزغيدي: الإضراب العام دفاع عن الاتحاد والضغوط لن تثنينا

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. دعا الاتحاد العام التونسي للشغل مؤخرًا العمال والنقابيين إلى تنظيم تحرك عمالي ومسيرة يوم الحادي والعشرين من أغسطس/أوت، كما لوّح بتنفيذ إضراب عام، وذلك ردًا على تعليق السلطة للمفاوضات الاجتماعية، وعلى محاولات موالين للرئيس قيس سعيد اقتحام مقر المنظمة.

وأوضح صبري الزغيدي، الصحفي والمحلل السياسي، في حواره مع “أفريقيا برس” أن تلويح الاتحاد بتنفيذ إضراب عام هدفه الدفاع عن المنظمة الشغيلة ومنظوريها، بعد تلك الحادثة غير المسبوقة التي وقعت في ساحة محمد علي، وأيضًا ردًا على تجاهل السلطة للحوار الاجتماعي ونسف أدبياته ومبادئه، والانقلاب على الاتفاقات المبرمة مع الأطراف النقابية.

واعتبر أن تلميح السلطة بفتح ملفات فساد تطال الاتحاد هو بمثابة تحريض ضد المنظمة، ولم يستبعد أن تشهد الفترة القادمة إيقافات تطال نقابيين، مؤكدًا أن الاتحاد يرفض المساس بنقابيه دون دلائل واضحة وحقيقية.

وأمام ما يعيشه اتحاد الشغل من ضغوط وأزمات، أشار إلى أن الاتحاد قرر عقد مؤتمره العام في مارس المقبل، وأن المؤتمر هو سيد نفسه في اختيار التوجهات المستقبلية للمنظمة الشغيلة، وأيضًا في اختيار القيادة الجديدة التي ستقود المنظمة في المدة النيابية القادمة.

وصبري الزغيدي هو محلل سياسي وصحفي بجريدة “الشعب” التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل.

كيف تقرأ قرار الاتحاد العام التونسي للشغل تنفيذ إضراب عام يوم 21 أوت/ أغسطس الجاري، أي رسالة يوجهها الاتحاد للسلطة؟

بخصوص قرار اتحاد الشغل التجمع العام والمسيرة في شارع حبيب بورقيبة يوم 21 أوت الجاري، وقرار مبدأ الإضراب العام، فهو قرار اتخذته مؤسسة وهيكل داخل الاتحاد، وهي الهيئة الإدارية الوطنية، وهي مؤسسة ديمقراطية، حيث تم تدارس جملة من الأحداث الأخيرة بما فيها محاولة اقتحام مقر الاتحاد، ثم تصريحات رئيس الدولة قيس سعيد التي بررت ذلك الحدث، وقد تدارست هذا الموضوع بكل هدوء دون تشنج أو ردود فعل، وقد تم اتخاذ هذا القرار بشكل ديمقراطي، لم يكن قرارا مسقطا، بل اتخذه كافة أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية بالأغلبية الساحقة، هذا القرار جاء اضطرارا، أولا للدفاع عن الاتحاد ومنظوريه بعد تلك الحادثة الغير مسبوقة التي حدثت في ساحة محمد علي، أي للدفاع عن الاتحاد وشرفه وعلى عرض نقابييه الذين تم اتهامهم بالفساد، وأيضا دافع الحركة الاحتجاجية بما فيها مبدأ الإضراب العام هو للرد على تجاهل السلطة للحوار الاجتماعي ونسف أدبياته ومبادئه والانقلاب على الاتفاقات المبرمة مع حكومة نجلاء بودن وعديد الوزارات مع الأطراف النقابية التي تمثل اتحاد الشغل.

هل برأيك التوجه نحو إضراب عام سيضع الاتحاد في مواجهة مفتوحة مع السلطة، ما يعمق أزمة الاتحاد أكثر؟

مثلما ذكرت فإن قرار الإضراب هو قرار تاريخي، وهو من مبادئ المنظمة الشغيلة وليس غاية في حد ذاته، الإضراب ليس هدفا بل وسيلة للضغط على السلطات إما الدولة أو الحكومة لأجل الجلوس على طاولة الحوار الجاد والمسؤول والتفاوض حول جملة من القضايا والملفات المهنية المادية والمعنوية التي تهم العمال، يعني اتخاذ قرار الإضراب من قبل الهيئة الإدارية كان اضطرارا كما ذكرت دفاعا واحتجاجا على محاولة اقتحام المقر المركزي للاتحاد، واحتجاجا على خطاب رئيس الدولة الذي كان متشنجا وغير مسؤول والذي تبنى بشكل صريح تلك الهجمة على المنظمة، وأيضا دفاعا على النقابيين الذين تم اتهامهم بالفساد دون أن يتم أو إظهار أي ملف بحقهم في القضاء، ثم إلى جانب ذلك هدفه المطالبة للدخول في مفاوضات اجتماعية للقطاع العام والخاص للزيادة في أجور أكثر من 80 ألف موظف من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية التي تدهورت بفعل الارتفاع المهول للأسعار وخاصة أسعار المواد الأساسية.

هل أن تلميح الرئيس سعيد بفتح ملفات فساد بمثابة رسالة تهديد للاتحاد؟

طبيعي جدا التلميح بفتح ملفات فساد هكذا جزافا، وهو تهديد واضح وصريح وهو تحريض ضد الاتحاد أولا لإعادة الكرة لحادثة محاولة اقتحام مقره، والتحريض أيضا على السلامة الجسدية للنقابيين، وتحريض أيضا للنيابة العمومية حيث يمكن أن نشهد إيقافات تطال قيادات من الاتحاد ونقابيين، في كل الحالات الاتحاد لا يدافع على أي فاسد كان نقابيا أو غير نقابي، وإذا كانت هناك ملفات فليعلن عليها ويقع تقديمها للقضاء، شرط أن تكون قضايا حقيقية وليست ملفقة أو كيدية، وشرط توفر شروط وأركان المحاكمة العادلة، في كل الحالات الاتحاد يرفض المساس بنقابييه هكذا جزافا دون دلائل واضحة وحقيقية، لذلك اختار الاتحاد أن يدافع عن نفسه وعن منظوريه، وتأتي مسيرة 21 أغسطس/ أوت ردا على الاعتداء المادي والمعنوي الذي طال الاتحاد.

هل يعيش الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي ضغوط داخلية من المعارضة النقابية لدفعه للانسحاب وتسهيل الحوار مع السلطة؟

أولا يجب أن نشير إلى وجود عدة معارضات وليست معارضة وحيدة داخل الاتحاد، والتي عبرت عن نفسها ومواقفها، بل هناك من اعتصم في ساحة محمد علي، ولم يتعرض أي كان لأي شخص عبر عن رأيه، هذا لا يعني أن الاتحاد لا توجد فيه أخطاء أو عدد من التجاوزات أو المشاكل، هناك مشاكل وصراعات واختلافات، ولا أحد ينكرها، لكن المساعي دائما موجودة لكي تحسم هذه الاختلافات داخل أطر المنظمة الشغيلة وداخل مؤسساتها، والاحتكام فقط للقانون الأساسي والنظام الداخلي.

وبالنسبة للضغوطات التي يتعرض لها أمين عام المنظمة نور الدين الطبوبي، نحن نقر بالفعل بوجود دعوات تطالبه من الانسحاب من على رأس قيادة الاتحاد، معارضات متعددة طالبت بذلك، لكن برأيي ليس هناك شيء اسمه انسحاب، هناك مؤسسات وهياكل تقرر بما فيها المكتب التنفيذي ثم المؤتمر العام، مصير القيادات ومالات المنظمة، ثم ليعلم الرأي العام أن الاتحاد قرر عقد مؤتمره العام في مارس المقبل، والمؤتمر هو سيد نفسه في اختيار التوجهات المستقبلية للمنظمة الشغيلة، وأيضا في اختيار القيادة الجديدة التي ستقود المنظمة في المدة النيابية القادمة.

كيف يمكن برأيك إنقاذ اتحاد الشغل من أزمته، هل يمكن لباب الحوار أن يفتح مع السلطة والعودة إلى التهدئة والتفاوض؟

نحن نتحدث عن منظمة جماهيرية فيها أكثر من 700 ألف منخرط، منظمة عريقة وقانونية حيث تتعامل بالاستناد على قوانين البلاد وعلى دستورها وعلى الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية مع منظمة العمل الدولية، المبدأ في الاتحاد هو الحوار، شرط أن يكون الحوار على أسس سليمة وجادة ومسؤولة، وتكون مخرجات ونتائج الحوار ملزمة لدور الدولة التونسية لأجل تنفيذها، ليس حوار لأجل الحوار فقط، كذلك هو يؤمن بمصداقية المفاوضات الجماعية، يعني بعد التفاوض بين الاتحاد وبين السلطات، يجب على كل الأطراف احترام الاتفاقات المبرمة، هذه هي شروطه ومبادئه، ولكن إذا وقع العكس وتم الانقلاب على المفاوضات وتجاهل ونسف الحوار الاجتماعي، عند ذلك ستكون الاتحاد مضطرا ومجبرا للدفاع عن تلك الأدبيات وذلك الحوار، وللدفاع عن مصداقية المفاوضة الاجتماعية وعن مصداقية الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لمنظوريه هو مجبرعلى ذلك، وهذا الدفاع سيكون عن طريق العديد من الوسائل المشروعة والمتاحة والقانونية بما ذلك في ذلك الإضراب.

نحن دائما نسعى أن يتم تنقية المناخ الاجتماعي وفض النزاعات الشغلية بالحوار، ولكن إذا كان الطرف الآخر مصرا على التصلب وعلى التعنت وعلى عدم الحوار وضاربا لأسسه، عند ذلك ستكون المنظمة الشغيلة مضطرة للدفاع عن نفسها وعن منظوريها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here